دعوني احتفل معكم بشهر التراث ولو متأخرا واسمحوا لي ان أعرض في معارضكم الاحتفالية بعضا من تراثنا الاداري الذي مازال عصيا على التطوير والتحديث رغم ما شهدته الإدارة التونسية من اصلاحات وهيكلة تصب كلها في مجرى خدمة المواطن والتنمية عموما فأشهر التحف التراثية الإدارية الموروثة هي «أرجع غدوة» التي تطورت مع عصر السرعة فأصبحت «اعمل دورة وارجع لي» وفي بعض الحالات «الحقني» ومن تراثنا الاداري ذي الصلة بعلم الغيب «استنى اللجنة» «بر روح تو نجاوبوك» «في الدراسة» «عند المعلم» ومن التحف الادارية العصرية والمستوحاة من التراث والأكثر رواجا واستهلاكا بين المكاتب هي تحفة «تعليمات من فوق» تلك التحفة التي يلبسها البعض جبة ويتغطى بها البعض «مرقوما» وتفرشها ثلة زربية وتجذبها من تحت قدمي المواطن كلما عفس عليها ومن أبرز التحف الادارية التراثية وأكثرها استعمالا ولوكا واجترارا هي تلك المجرورة بحرف الجر «في» مثل «في اجتماع» «في مهمة» «في دورية» «في ملتقى» او «في عطلة» لا عطل الله لنا اجتماعا ولا مهمة ولا دورية ولا ملتقى ولا عطلة. ومن تراثنا الاداري المهذب تكنولوجيا لحنا وكلمة وأداء أذكر قدرة الكومبيوتر على اللعب والغناء وعلى ترقيص هواة اللعب والرقص في الحقة النهارية عفوا في «البيرو» من الصدف أنني اكتشفت هذا التراث المهذب أخيرا في شهر التراث اذ مررت بمكتب بإحدى الإدارات فاستمعت الى قاسم كافي يصيح وينادي «يا صالح يا صالح» ويسأل أين أخوه صالح؟ ربما في جلسة أو في مهمة أو في زيارة ميدانية او في عطلة. المهم ان صالحا ليس موجودا أصلح الله أمره مع مزيد الدعم والمساندة لكل «سي صالح» في الادارة.