تونس «الشروق»: اعتبر الأستاذ بشير عبد الفتاح الباحث في مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة «الأهرام» أن التوتر بين الكوريتين لن يزول إلا بخروج القوات الأمريكية وبصفة نهائية من الشطر الجنوبي مؤكدا أن الأزمة الحالية لا يمكن أن تؤدي الى حرب في المنطقة لأن الولاياتالمتحدة مازالت تتخبط في كل من أفغانستان والعراق ولا يمكنها خوض مغامرة أخرى مجهولة النتائج. وأشار الأستاذ عبد الفتاح إلى أن الحل الذي سيرضي جميع الأطراف سيكون بقرار من مجلس الأمن يفرض عقوبات جديدة على النظام الكوري الشمالي وفي ما يلي نص الحوار: هل يمكن إرجاع التوتر الأخير بين الكوريتين إلى مسألة إغراق السفينة الحربية تشونان؟ التوتر بين الكوريتين قديم ولا يرتبط فقط بمسألة إغراق السفينة. فمنذ انتهاء الحرب في شبه الجزيرة الكورية التي دارت بين عامي 1950 و1953 والوجود العسكري الأمريكي في كوريا الجنوبية لم ينته إضافة إلى ذلك هناك الاتفاقية التي أبرمت بين سيول وواشنطن للدفاع المشترك والتي ترى بيونغ يانغ أنها موجهة إليها بالأساس. وبالنسبة الى حادثة إغراق السفينة تشونان فهي القشة التي قسمت ظهر البعير فهي التي أظهرت التوتر بين شطري شبه الجزيرة الكورية من جديد وبهذه الحدة. هل يمكن أن تتوقع بأن تصل الأمور الى حد الدخول في حرب جديدة بين سيول وبيونغ يانغ؟ احتمال الدخول في حرب مستبعد جدا لأنه ليس هناك طرف يريدها على الأقل في الوقت الراهن والدليل على ذلك أن الولاياتالمتحدة أحالت مباشرة الملف إلى الأممالمتحدة ومجلس الأمن. إذن كيف تفسر دخول سيول وواشنطن في مناورات مباشرة إثر الإعلان عن مسؤولية كوريا الشمالية عن إغراق السفينة؟ هذه المناورات ليست الأولى بين سيول وواشنطن وهي تحدث بشكل متكرر ومن جهة ثانية فقد لجأت كوريا الجنوبية إلى مجلس الأمن والأممالمتحدة كما قلنا ولو كانت هناك نيّة للحرب لاتجهت اليها مباشرة، كما أنها لجأت إلى الصين وروسيا لإقناعهما بفرض عقوبات على بيونغ يانغ وهذه العقوبات الاقتصادية كافية لتشديد الخناق على الجارة الشمالية. ومن جانب آخر نجد أن احتمال دخول أمريكا في حرب في شبه الجزيرة الكورية مستبعد فهي تتخبط في أفغانستان والعراق ولا يجب أن ننسى أن كوريا الشمالية لا تخشى الدخول في حرب فهي دولة متمردة فقد سبق أن طردت مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية وصنعت النووي وقامت بتجارب نووية عدة. إضافة إلى ذلك نجد أن النظام الشمالي لا يعير اهتماما للمعاناة الاقتصادية لشعبه فيما يهتم بشكل كبير بتحدي الولاياتالمتحدة لذا فمن مصلحة أمريكا أن لا تستشيره فهي أيضا ليست مؤهلة الى الدخول في مواجهة جديدة قد تأتي بنتائج عكسية. كيف تقيمون موقف الصين التي تعتبر الحليف الرئيسي لكوريا الشمالية في المنطقة؟ الصين تحاول دائما اللعب على كل الجهات فهي لا تريد خسارة التقارب الذي حصل مؤخرا مع الولاياتالمتحدة وفي نفس الوقت هي أكبر داعم لنظام كوريا الشمالية، فالصين تحاول إمساك العصا من الوسط. كيف يمكن أن تتصور مستقبل التوتر بين الكوريتين خاصة في ظل التهديدات المتبادلة مع استبعادكم لاحتمال الحرب؟ العلاقات بين الكوريتين ستظل متوترة طالما هناك وجود أمريكي بينهما وكوريا الشمالية جعلت أول مطالبها من أجل إحلال السلام في شبه الجزيرة رحيل القوات الأمريكية من الشطر الجنوبي ووقف الاتهامات وهذا مستبعد جدا لأن الجنوبيين لا يتفقون مع النظام الشمالي. في الوقت الحالي الصيغة التي سترضي جميع الأطراف هي العقوبات التي اعتادت عليها كوريا الشمالية. لقد أضرّ التوتر بين شطري شبه الجزيرة الكورية بالأسواق الآسيوية فهل يمكن أن يتواصل هذا التأثير؟ نعم سيستمر تأثر الأسواق والبورصات الآسيوية والخليجية بالتوتر الكوري خاصة أنه تزامن مع تفاقم الأزمة في اليونان والتي بدأت تنتقل إلى دول أوروبية أخرى. ولن يتوقف هذا التأثير إلا عند صدور قرار عن مجلس الأمن ومهما كان هذا القرار سيمتص غضب جميع الأطراف ويبدد القلق الذي أثر على أسواق المال الآسيوية خاصة.