تعداد السكّان: نسبة خصوبة "حرجة" في تونس.. #خبر_عاجل    رسمي: تونس تتّجه نحو التهرّم السكاني    تعداد 2024: أكثر من نصف سكان تونس يتركّزون في الإقليمين الثاني والثالث    عاجل/ حياد مترو عن السكّة وهذه حصيلة الأضرار    قمة بغداد.. حضر وزراء الخارجية وغاب جل القادة    ذعر بواشنطن.. الحوثيون كادوا يُسقطون طائرة إف-35    الملعب التونسي: 5 لاعبين يعودون ضد النجم    جندوبة: يوم مفتوح لتحسيس وتقصي أمراض الكلى    تونس الكبرى والساحل في الصدارة: تفاصيل توزيع السكان في مختلف الجهات    مجموع السكان في تونس بلغ 11.972.169 ساكنا    بريطانيا: نعمل مع واشنطن على وقف دائم للنار بين الهند وباكستان    دراسة: المشي يخفض خطر الإصابة ب 13 نوعا من السرطان    وفد صيني يؤدي زيارة الى ولاية القيروان    وفد صيني يزور القيروان    برنامج مقابلات ربع نهائي كأس تونس لكرة القدم    اليوم: أجواء مستقرة نسبيًا    تونس: مشروع قانون جديد لتنظيم التسويق الإلكتروني في تونس    حاتم المزيو يطالب بالتسريع بإصدار الأمر المنظم لطابع المحاماة    مجلس الصحافة يكشف قيادته الجديدة : استقلالية الإعلام في صدارة الاهتمامات    7 دول أوروبية تطالب برفع الحصار عن غزة    7 دول أوروبية: "لن نصمت أمام الكارثة الانسانية في غزة".. #خبر_عاجل    عاجل/ تطبيقات النقل وتعريفة "التاكسي": بلاغ هام من وزارة النقل..    حكومة الوحدة الوطنية الليبية تنفي استقالة وزراء    عاجل/ الكشف عن خطّة أمريكية لنقل مليون فلسطيني من غزة الى هذه الدولة العربية    "موديز" تخفّض التصنيف الائتماني لأمريكا والبيت الأبيض يرُد بحدّة.. #خبر_عاجل    طقس اليوم: أمطار متفرقة والحرارة في ارتفاع طفيف    حالة الطقس اليوم السبت    تونس تعرب عن استعدادها لتكون أرض التلاقي بين الأشقاء الليبيين من أجل حوار ليبي – ليبي برعاية بعثة الأمم المتحدة    صفاقس عرض "وشام" في افتتاح تظاهرة "جذور وأجنحة"    أي مستقبل للمؤثّرين؟    لماذا تستعر نار التشكيك في ثوابت الأمة العربية الآن وبكل حدة؟ حلقة 2    الرابطة 2 (الجولة 25): شبيبة القيروان تواصل الصدارة في المجموعة الثانية، وصراع مشتعل على البقاء    نهائي كأس تونس لكرة القدم يوم 1 جوان في ملعب رادس    أخبار الحكومة    سيدي بوزيد: تتويج مدرسة السبالة بالجائزة الاولى في الملتقى الجهوي للمسرح    أحوال طقس الليلة    الأسبوع القادم الإعلان عن السعر المرجعي للأضاحي بالميزان    الرابطة الوطنية لكرة القدم المحترفة: حرمان الترجي من بيع التذاكر لثلاث مباريات    تونس تستعد لاحتضان المؤتمر العالمي للغرفة الفتية الدولية في نوفمبر 2025    "مغرب الفكر والإبداع": عنوان ندوة فكرية تقام بباريس يوم 20 ماي 2025    الهيئة الوطنية للسلامة الصحية تحجز كميات كبيرة من المواد الغذائية غير الآمنة في عدة ولايات    الملتقى العربي للنص المعاصر من 23 إلى 25 ماي 2025    الاتفاق مبدئيا على اعتماد 21.900 سعر الكلغ من أضاحي العيد    الميزان التجاري الغذائي : تراجع الفائض ب54%موفى أفريل 2025    استعدادات استقبال موسم حج لعام 1446هجرية...تفاصيل    جمعية مرضى الأبطن تطالب الدولة بالاعتراف بداء الأبطن كمرض مزمن    موعد وقفة عرفات 2025...فضل الدعاء والأعمال المستحبة في هذا اليوم    زغوان: انطلاق أشغال ترميم قوس النصر الجنوبي    جريمة مروعة: شاب يقتل صاحب مقهى والسبب لا يصدق..!!    لحوم رومانية المورّدة لعيد الإضحى ''حلال''    عاجل/ منظمة الدفاع عن المستهلك تُحذّر من بيع أدوية خطيرة مجهولة المصدر عبر وسائل التواصل الاجتماعي..    ميسي ضمن قائمة الأرجنتين الأولية لمباراتين ضمن تصفيات كأس العالم في جوان    تصل الى 10 درجات: ارتفاع ملحوظ في درجات الحرارة بداية من هذا التاريخ..#خبر_عاجل    دعاء يوم الجمعة للأبناء وزيادة الرزق    نجا الجميع بأعجوبة: أب يحاول حرق أسرته ليلاً فيُواجه حكما ب7 سنوات سجن!    السيجومي: 12 سنة سجناً لمروّج مخدرات في الوسط المدرسي    برشلونة يحسم لقب البطولة الإسبانية للمرة 28 في تاريخه    بين رغبة العائلة وحنين الأصدقاء.. عيد ميلاد عادل إمام يثير الجدل    









المجلات الثقافية المطبوعة بطريقة «براي» في العالم العربي، تاريخها واقعها وآفاقها (1 2)
نشر في الشروق يوم 03 - 06 - 2010


الكيلاني بن منصور استاذ باحث في الماجستير
sinyaski@ yahoo.fr
يبدو أننا اليوم في صراع رسمي مع الحقيقة العلمية ذات البعد التاريخي والثقافي. وهذا الصراع نجم عن الكم الهائل من الحقائق التي تسعى الى إثبات (الحقائق) الثقافية المتصلة بمجال الصحافة النافرة الموجهة للقراءة باللمس من قبل ملايين القراء المتمكنين من استعمال كتابة براي في العالم العربي خصوصا.
ولأن معظم الناس لا يعرفون هذه النوعية من الكتابة البارزة فإنه لابد لنا من بسط سريع لحقيقتها، وخاصة حقيقة انتقالها الى العالم العربي منذ القرن التاسع عشر. ولأن معظم القراء ايضا ليست لديهم المعلومات الكافية عن تاريخ صدور مختلف المطبوعات الصحفية الموجهة الى المكفوفين في العالم العربي فإن بعض الناشرين يوردون معلومات غير دقيقة عنها، فهم دوما يضعون تصديرا على غلاف مجلاتهم يقولون فيه «أول مجلة بارزة في العالم العربي». ولعل أقرب مثال زمنيا إلينا هو مجلة «انفراد» التي اختارت هذا العنوان لغاية التأكيد على أنها الاولى من نوعها في العالم العربي، في حين أنها صدرت منذ 2009 فقط. إن ما يمثل خطرا حقيقيا في مثل هذا الايهام هو ضياع الحقيقة التاريخية من جهة وطمس مجهود الاخرين الذين لا يمكنهم الدفاع عن أسبقيتهم بحكم عوامل كثيرة لعل أبرزها وفاة معظمهم. ولأن الأمانة العلمية شرف وأمانة وخطوة ضرورية لتطور الثقافة العربية فلابد لنا من تعديل الأوتار وكبح الجامح واعلان الحقيقة العلمية حسب قرائن ودلائل وضوابط لا تقبل الدحض ولا الشك. فالثقافة الغربية اكتسبت الاسبقية والموضوعية والعمق لأن الجماعة العلمية الغربية صارمة ولا تقبل في العلم والمنهج والنقد لوم لائم ولا علة عليل. فالحقيقة العلمية عندهم تدعو العقل فرضا فينصاع لها قسرا وذلك هو سر السيادة والعالمية.
لويس براي والكتابة النافرة
اخترع لويس براي الخط البارز القائم على توظيف حاسة اللمس بدل حاسة البصر المفقودة أو المعطلة او الضعيفة، وهو فرنسي ولد سنة 1809 وقد احتفل العالم الاوروبي قاطبة خلال السنة الماضية بالمائة الثانية لولادته.وقد مر ابتكاره بمراحل عسيرة ليس المقام متسعا للخوض فيها ولكن ذلك لا يمنعنا من القول بأن ابتكاره لم يعتمد رسميا في التعليم الا بعد وفاته بقرابة أربع عشرة سنة. ومن فرنسا انتقلت الكتابة البارزة القائمة على النقاط النافرة الى بقية الدول الاوروبية حسب تواريخ موثقة ثم الى مختلف الدول في العالم بأسره. وقد دخلت تونس هذه التقنية في الكتابة منذ تأسيس جمعية الطالب المكفوف وتدعمت بفضل مجهودات جبارة بذلت من المؤسسين للاتحاد القومي وعلى رأسها الاستاذ محمد الراجحي.
كتابة براي في اللغة العربية
دخلت كتابة براي الى اللغة العربية على يد المصري «محمد الانسي» في منتصف القرن التاسع عشر حيث حاول التوفيق بين أشكال الحروف المستخدمة في الكتابة العادية وشكلها في الكتابة النافرة. وبهذه الطريقة نقل الأنسي عددا من الكتب. وقد كان هذا الرجل هو أول من أسس مدرسة للمكفوفين في مصر بداية القرن العشرين في حي شيخون في القاهرة حسب الدراسة التي نشرتها الباحثة سميرة أحمد خليل المتخصصة في علم التوثيق والمكتبات. إلا أن هذه الطريقة لم تنتشر على نطاق واسع وبعد بذل محاولات عديدة اعتمد المهتمون بطريقة براي (Braille) لتطوير ما يتناسب واللغة العربية. وقد قامت منظمة التربية والعلوم والثقافة التابعة لهيئة الأمم المتحدة في عام 1951 بتوحيد الكتابة النافرة بقدر ما تسمح به أوجه الشبه بين الاصوات المشتركة في اللغات المختلفة. وكانت تونس من الدول المشاركة في هذا الجهد العلمي الجبار. وقد نتج عن هذه الحركة النظام الحالي للرموز العربية.
وقد استفاد المختصون بطريقة براي باللغة العربية من بحوث الدول العربية المتقدمة في هذا المجال مثل تونس من حيث جعل الكتابة البارزة سهلة. فقد وقع التركيز على أن تبدأ الحروف إما بالنقطة رقم (1) او بالنقطة رقم (2) ووقع التركيز خاصة على أن تكون الاحرف الاكثر استعمالا في اللغة ذات عدد قليل من النقاط. ولذلك فالأحرف الاكثر استخداما تشكل في معظمها ثلاث او أربع نقاط. وقد توصلت هيئات المكفوفين العربية الى اختصارات لأكثر من مائة واثنين وثمانين كلمة من الكلمات المتداولة على نطاق واسع، وخاصة مؤتمر توحيد براي العربي المنعقد بالمملكة العربية السعودية سنة 2002 بمشاركة تونس ممثلة في الاتحاد الوطني للمكفوفين، وبهذه الطريقة أمكن توفير الوقت والجهد اللازمين للكتابة بالحروف البارزة فيما يعرف بكتابة براي.
المطبوعات الثقافية البارزة في العالم العربي
يعود الفضل في ظهور مطبوعات بارزة ذات محتوى ثقافي وعلمي الى جمعيات المكفوفين التي ظهرت في مختلف دول العالم العربي وخاصة إثر نيل هذه الدول للاستقلال الوطني. فقد عملت هذه الجمعيات على رفع مستوى منظوريها الثقافي والعلمي عن طريق تأسيس المؤسسات التعليمية في المقام الاول، ثم عن طريق اصدار نشريات أو مجلات ذات محتوى ثقافي عام وعلمي متنوع وأدبي، ولعل هذه المطبوعات هي التي ساهمت بقدر كبير في خلق جيل من المتعلمين والمثقفين من فاقدي البصر استطاعوا فيما بعد تحمل المسؤولية صلب تلك الهياكل وواصلوا العمل في اصدار هذه المجلات حسب الإمكانات المالية والبشرية المتوفرة لديهم، والى جانب عمل الجمعيات قامت منظمة الأمم المتحدة عن طريق منظمتها للتربية والعلوم والثقافة «اليونسكو» بإصدار نشرية إخبارية دورية مطبوعة بطريقة براي توزع في جميع دول العالم تحت عنوان «نشرية اليونسكو» وقد كانت تصل بانتظام الى تونس غير انه وقع اضطراب في وصولها خلال السنوات الأخيرة. وهي نشرية متعددة المواضيع واللغات. وتصدر هذه النشرية العالمية المطبوعة بالخط النافر براي ضمن نوعين من الطباعة البارزة أولها النشرة المختزلة وثانيتهما النشرة العادية غير المشفرة. والحقيقة ان هذه الدورية كانت مفيدة جدا في تحقيق تواصل المكفوفين وخاصة منهم النخب مع العالم عن طريق المنحى الاخباري والتحاليل العميقة التي كانت تتوخاها اسرة التحرير. والى جانب نشرية اليونسكو وصل الى تونس عدد من النشريات الفرنسية مثل journal de l›enfant التي تصدرها جمعية المكفوفين وضعاف البصر الفرنسية والتي تتناول مواضيع تستجيب الى حاجيات الأطفال المكفوفين في الوسط المدرسي.
«صوت الضمير» أول مجلة للمكفوفين من فلسطين
نحن الآن بصدد الحديث عن أول مجلة بطريقة براي ولسنا بصدد الحديث عن أول مجلة متخصصة في شؤون المكفوفين تصدر بالخط العادي للمبصرين. فالأمر هنا مختلف تماما. فأول مجلة عادية مخصصة للتعريف بقضايا المكفوفين هي مجلة «الكفيف العربي يتحدث» سنة 1958 والتي أسسها الدكتور صلاح مخيمر والدكتور عبد الحميد يونس كما سيتبين لنا لاحقا. وثاني مجلة هي المجلة التونسية لأحمد الحمداني المطوي «كفيف المغرب العربي» وثالث مجلة هي المجلة التونسية للحمداني ايضا سنة 1969 وهو ما عرضناه سابقا في مرافئ ثقافية بجريدة «الشروق». اما أول مجلة موجهة للقراءة النقطية للمكفوفين في العالم العربي فهي مجلة «صوت الضمير» التي صدرت سنة 1938 بالمدرسة العلائية برام الله فلسطين. وهي المجلة التي ذكرتها في دراسة قيّمة الأستاذة سميرة أحمد خليل أخصائية التوثيق وعلم المكتبات في الجامعة المصرية. وبعد مجلة صوت الضمير من فلسطين ظهرت مجلات أخرى مثل مجلة «الفجر« و«الشروق» و«نحو الهدف» و«المشعل» و«شعاع الأمل» و«باسم» ومجلة «أنيس» في تونس.
فكيف ظهرت هذه المجلات ومتى كان تاريخ صدورها ومن كان يقف وراء ظهورها بشكل فعّال؟ تلك أسئلة نروم الاجابة عنها في الجزء الثاني من هذه الدراسة التي تسعى الى وضع الحقائق العلمية التاريخية في سياقها الموضوعي بعيدا عن الإيهام والإدعاء والغموض.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.