عن دار الساقي وعلى امتداد 223 صفحة صدر للباحثة التونسية ليلى العبيدي كتاب «الفكه في الاسلام». وقد قسمت الباحثة كتابها الى فصول ستة تعرضت للفكه في الثقافة الغربية والثقافية العربية الاسلامية من الجاحظ والتوحيدي وصولا الى الحصري وبداية فرض الرقابة الى الغزالي والدعوة الى وقف الفكه الى سعي ابن الجوزي الى رد الاعتبار الى الفكه المحظور وصولا الى التيفاشي والابشيهي. الفصل الثاني تعرض الى الفكه والتسامح في الدين... فيما خصص الفصل الثالث للحديث عن الفكه والدين اليسير. أما الفصول الثلاثة الباقية فخصصتها الباحثة للفكه في حضرة الاهل والفكه اللعب والفكه في حضرة الصحابة. فصول ستة فريدة طريفة ظاهرها الهزل ولكنها جادة اعتمدت مدونة معلومة جعلت الدين مرادفا لليسر. «الفكه في الاسلام» استنطاق لنصوص غازلت يسرالدين. وقد رأت الباحثة ان تعتمد لفظة «الفكه» بدل الفكاهة التي وردت هي الاخرى في المعاجم العربية. جاء في «العين» للفراهيدي «فاكهت القوم بمُلح الكلام والمزاح وتفكّهنا من كذا اي تعجبنا ومنه قوله تعالى: «فظلتُم تفكّهون» اي تعجّبون. والفكاهة المزاح والفاركة : المازح» وقال الازهري «رجل فيكهان وفاكه وفكه اي طيب النفس المزّاح وفاكهتُ بمعنى مازحت ونقل عن الرسول أنه كانت فيه دعابة وكان يقول: «إني لأمزح ولا أقول الا حقا». تضييق... وقد حرصت الباحثة على تتبع بعض أحاديث الرسول وثبتتها بأسلوب علمي حيث اعتمدت الدقة مرتكزة على كتب الأحاديث التسعة لتبرز الوجه الآخر للدين بعيدا عن سلطة اللّحي والجلباب والوجوه العابسة باعتبارها كما يُشاع مقوّما من مقومات الدين مبرزة في الآن ذاته بشكل مبطن تقدمية بعض السابقين من السلف عن «السلفيين الجدد» الذين لم يغنموا من السلف سوى الافلاس والتشدد وبعد عرض عاجل وسريع من أفلاطون وفرويد الى «اسم الوردة» تصل الباحثة الى الجاحظ والتوحيدي لتتوقف عند الحصري (413ه) (جمع الجواهر في الملح والنوادر) حيث اخضع نفسه الى رقابة ذاتية فضيق المجال حيث لم يختر الا ما توافق مع الدين خوفا من سلطة علماء الدين. وزادت الامور سوءا مع الغزالي (450 505ه) الذي أغلق دائرة الفكه وحرّمه على العامة. ابن الجوزي حاول رد الاعتبار الى الفكه المحظور وكذلك فعل التيفاشي والابشيهي. تبويب في بقية الفصول تتبعت الباحثة ليلى العبيدي بعض الاحاديث فنقلتها ولم تكتف بذلك بل أوردتها ضمن تبويب محكم اختارته وحاولت شرحه كلا في سياقه مثلما فعلت وهي تروي قصة عائشة وهي ترغم سودة في حضره رسول ا& ے على تناول طعام لم ترضه بل لطّخت وجهها به ورسول ا& يضحك! فمن حضرة الزوجات الى العبادات الى اللعب مع الأطفال الى البدو والاعراب الى العجوز الراغبة في الجنة الى الصحابة الى الغزوات... كلها محاور تتغير لكن الروح واحدة! «الفكه في الاسلام» كتاب متفرّد في زمن صعب... هو دعوة للتسامح والتعاطي برفق مع الاسلام... انه صرخة ضد التعصب والتجهم انه صفعة بوجه كل عبوس قمطرير... ابتسم انك في حضرة مجال فكه...