غريب أمر المهرجانات في الدنيا. ولكل الشعوب أذواقها وموازينها و«كل بلاد وأرطالها». وكم من رطل أطاح بالكيلو. وكم من رطل أطاح بالطن. وكم من رطل «ترطّل» فأطاح بكل المكاييل والموازين وانقلبت المفاهيم وأصبح «ما يطيّح الكيلو كان الرّطل» في كل الأسواق وخاصة منها أسواق الفن فماذا يُساوي طن العود وطن الكمان وطن «القانون» أمام رطل المزود في مهرجاناتنا مثلا. «أرطُلْ» يا أخي، ولا تتعجل فكل بلاد وأرطالها فمن يدري، لو عادت عليسة إلى مسرح قرطاج من جديد مثلا لماتت ندما كيف لم تجعل من جلد الثور الذي اتخذته مكيالا لموطنها مزودا أو طبلا أو بنديرا فثلاثتها أدرّ أرباحا عليها من كل مرافئها التجارية على ضفاف المتوسط خاصة إذا تعلّق الأمر بالتعبير الجسماني «يا بابحْ.. ويا بابحْ». «أرطل» يا أخي ولا تتعجل فكل بلاد وأرطالها.. وعن غرابة المهرجانات في الدنيا لا تسأل أو لم تسمع بمهرجانات «الرفيسة» و«البسيسة» و«الهريسة»؟ أو لم تسمع بمن فيها «يبسّسون» و«يرفّسون» و«يهرّسون» الفن والثقافة؟ «أرطل» يا أخي فكل بلاد وأرطالها، واضحك مع الضاحكين في مهرجانات الضحك على النفس والذقون الطويلة. «أرطل» يا أخي فكل بلاد وأرطالها ولا تتعجب إن قلت لك إن مهرجانا للبكاء وإسالة الدموع أقيم مؤخرا بمدينة «أليسة» بالهند وشاركت فيه فرقة تتكون من أكثر من عشرين عجوزا بالنواح والصياح بكاء ودموعا. «أرطل» يا أخي فكل بلاد وأرطالها والا تتعجل فمن يدري أنك ستقرأ في برمجة ما لمهرجان ما دعوة لهذه الفرقة الهندية لأحياء سهرة بكائية راقصة.