مع إطلالة كل صيف تظهر مجموعات موسيقية ومسرحية ومجموعة مطربين بعد سبات عام كامل مطالبين بالدعم باعتباره حقا مشروعا من واجب الدولة أن تقدمه لهم وفي كل صيف تمنح وزارة الثقافة والمحافظة على التراث الملايين الى مطربين ومجموعات موسيقية ومسرحية تخرج من «السرية» بمناسبة الصيف لتعود اليها مع نهايته. إن الدعم ليس حقا مشروعا لكنه من المفروض ان يكون خاضعا لاعتبارات فنية وجمالية ولكن ما يحدث ان الجانب الفني والجمالي آخر شيء يراعى في اسناد الدعم الذي تحوّل الى منح تصرف بعنوان المساعدات الاجتماعية وهو منطق خاطئ تماما ولابد من اعادة النظر فيه لأن الكثيرين ممّن يتمتعون بالدعم يقدّمون عروضا «شعبوية» لا تستحق الدعم ولا تحتاج اليه لأن لها جمهورها في حين وجد الدعم أساسا لتنمية القيم الجمالية ومساعدة من يقدّمون فنا فيه مسحة من التجديد ومن المغامرة الفنيّة على الاستمرار الى حين اكتساب الجمهور الذي يصنع تدريجيا بالمثابرة والاصرار. شخصيا لا أفهم كيف تدعم عروض المزود وما شابهها كما لا أفهم دعم المنوعات المسرحية وهي ظاهرة غريبة لا توجد الا في مهرجاناتنا. فكيف تدعم عروض بلا مؤلف ولا ملحن بل هي مجموعة من «التخميرات» الشعبية التي لا تثير أي سؤال ولا تطرح اي رؤية جمالية، فمن المفروض ان يكون الدعم موجها للمثابرين طيلة السنة من الشبان خاصة ويكون مكافأة لهم على الاجتهاد والتجريب لا أن يكون مكافأة لمن يسطون على التراث الموسيقي مرّة بدعوى التهذيب وأخرى بدعوى القراءة الجديدة وثالثة بدعوى التكريم. إن الدعم في المهرجانات سؤال لابد من طرحه بجديّة ليس من أجل حرمان المتمتّعين به من منح الوزارة ولكن من أجل خلق حوافز تشجّع العاملين في هذا القطاع على الاجتهاد.