تتزايد المخاوف هذه المدة من احتمالات تواصل ارتفاع أسعار النفط وهي التي سجلت أرقاما قياسية خلال الأسابيع الأخيرة في السوق العالمية. ويخشى إن تواصل التهاب الاسعار أن يتفاقم عجز ميزان الطاقة وأن تتأثر سلبا بقية القطاعات التي تشتغل في ارتباط بقطاع الطاقة والمحروقات. وكانت سوق النفط العالمية عرفت في المدة الأخيرة حالة من الإرباك بسبب ارتفاع سعر البرميل الذي قفز بشكل غير عادي واستقر في حدود 40 دولار يوم أوت الجاري وهو نفس المعدل الذي استقر عليه سعر البرميل خلال شهر جويلية الفارط علما وأنه أعلى مستوى تم تسجيله منذ 14 سنة مقابل سعر في حدود 28.8 دولارا للبرميل السنة الفارطة و25 دولارا فقط سنة 2002 . وبناء على هذا الوضع وهذه الأسعار المشطة يتوقع أن يتجاوز عجز ميزان الطاقة مع موفى هذا العام عتبة 250 مليون دينار وتفيد التوقعات الرسمية أن دعم ميزانية الدولة في باب الطاقة سيصل الى أكثر من 200 مليون دينار موفى السنة الحالية اعتمادا على سعر مرجعي في حدود 37 دولار للبرميل أي ما يعادل 10 دولارات دعم للبرميل الواحد من النفط وكانت الدولة أنفقت السنة الفارطة مبلغ 180 مليون دينار لدعم المحروقات بعدما كان حجم هذا الدعم في حدود 107 ملايين دينار خلال سنة 2002 ويرى المختصون أنه لا بد من اتخاذ جملة الاجراءات واعتماد بعض الآليات الكفيلة بالمحافظة على توازنات ميزانية الدولة واحتواء انعكاسات تطور أسعار النفط على الدورة الاقتصادية وهو ما شرعت فيه الحكومة فعلا من خلال تعديل أسعار المواد البترولية على مرحلتين الأولى في مفتتح ماي الفارط والثانية في مفتتح أوت الحالي. كما تمت المصادقة في هذا السياق مؤخرا على مشروع قانون يتعلق بالتحكم في الطاقة تضمن جملة من الاجراءات الجديدة المنظمة لنشاط مؤسسات الخدمات العاملة في مجال التحكم في الطاقة والرامية إلى تشجيع المؤسسات الاقتصادية على التعاقد مع هذه المؤسسات. وينص القانون الجديد كذلك على حثّ المؤسسات على تركيز منشآت للتوليد المؤتلف للطاقة كما يدعو الى ادخال عنصر التحكم في الطاقة عند اعداد أمثلة التنقلات الحضرية عند تركيز شبكات التنوير العمومي في البناءات وخصوصا الجديدة منها والى ضرورة أن تخضع المؤسسات التي يتجاوز استهلاكها للطاقة حدا معينا للتدقيق الاجباري والدوري للطاقة. وتم بالتوازي المصادقة على مشروع آخر يتعلق بتنقيح مجلة الطرقات يرمي أساسا الى الحد من التلوث الهوائي الناتج عن غازات وأدخنة عوادم السيارات ويدعم بالتالي توجه ترشيد استهلاك الطاقة اذ يعادل استهلاك قطاع النقل من الوقود قرابة ثلث الاستهلاك الجملي الوطني وتستأثر السيارات الخاصة باستهلاك نصف هذه النسبة. وبالاضافة الى اقرار هذه الاجراءات الجديدة وتعديل الأسعار يجري حاليا العمل على تحيين جملة النصوص القانونية الأخرى التي تضبط وتنظم أنشطة التحكم في الطاقة. ولعله من المفيد جدا أن يترافق هذا المجهود الرسمي مع تجاوب كافة المستهلكين للمواد البترولية من مختلف القطاعات والشرائح الاجتماعية بالضغط على استهلاك الطاقة وترشيد هذا الاستهلاك والاقبال على الطاقات البديلة على الأقل الى حين تستعيد سوق النفط العالمية استقرارها المفقود.