شرعت الوكالة الوطنية للتحكم في الطاقة هذه الايام في شن حملة تحسيسية واسعة النطاق بهدف الضغط على استهلاك الطاقة وتفادي الخسائر والانعكاسات السلبية التي يتوقع ان تتكبدها الدولة جراء التقلبات «العنيفة» والمتسارعة التي شهدها قطاع الطاقة وارتفاع أسعار النفط على الساحة العالمية خلال الفترة الأخيرة. ولم يتوصل الخبراء الى حد الآن الى تحديد حجم العجز الذي سيلحق ميزان الدفوعات مع موفى سنة 2004 الجارية لكن المرجح ان يكون هذا العجز أضخم بكثير من عجز السنة الفارطة الذي بلغ أكثر من مليون دينار وعجز السنة السابقة (2002) الذي لم يتجاوز عتبة 107 ملايين دينار. وتتأكد هذه التوقعات بالنظر الى الارقام القياسية التي سُجلت في سوق النفط العالمية حيث تجاوز معدل سعر البرميل خلال الايام الاخيرة 48 دولارا وأدرك عتبة 50 دولارا في بعض الاحيان. وكانت الحكومة ضبطت سعرا مرجعيا في حدود 24 دولارا للبرميل عند ضبط توقعات ميزانية الطاقة ضمن ميزانية الدولة لسنة 2004 غير ان السعر العالمي تجاوز هذا السقف بكثير. ومعلوم ان الدولار الاضافي الواحد فوق السعر المرجع يعادل عجزا في الميزانية يضاهي 30 مليون دينار. ومع استعداد الدولة لتحمل هذه الاعباء المؤكدة وعملها على الحفاظ على القدرة الشرائية للمواطنين وعلى القدرة التنافسية للمؤسسات الاقتصادية من خلال سياسة الدعم يرى خبراء الطاقة أنه لا مناص من مساهمة كافة الأطراف أفراد ومؤسسات في الضغط على العجز وذلك بالتحكم في الاستهلاك. ودعت وكالة التحكم في الطاقة في هذا السياق الى تعميم الكشوفات الطاقية الاجبارية والدورية على المؤسسات الاقتصادية العاملة في قطاعات الصناعة والنقل والخدمات كما دعتها الى التعجيل بإبرام عقود برامج معها. ومعلوم ان اجمالي الاستهلاك في تونس قد بلغ السنة الفارطة 7.1 مليون طن مكافئ نفط عاد أكبر نصيب منها (36) الى قطاع الصناعة والنقل بدرجة ثانية (31) فيما يحتل قطاع السكن المرتبة الثالثة من حيث استهلاك الطاقة بإحرازه نسبة 9 من اجمالي الاستهلاك ثم قطاع الخدمات (9) وفي مرتبة أخيرة قطاع الفلاحة (7). وتستعد الوكالة في السياق نفسه لتفعيل البرامج والمشاريع التي نص عليها القانون الجديد للتحكم في الطاقة والمتعلقة بالتوليد المؤتلف للطاقة وتأشير النجاعة الطاقية على التجهيزات الكهرومنزلية والتقنين الحراري للبناءات الجديدة وترشيد استعمال الطاقة في التنوير العمومي وتشخيص محركات السيارات واعداد أمثلة للتنقلات الحضرية. كما توجهت أعمال الوكالة نحو حث العموم على استعمال الطاقات المتجددة مثل الطاقة الشمسية لتسخين المياه. وعلمت «الشروق» في هذا الخصوص ان وزارة ا لصناعة والطاقة تستعد لاعتماد آلية جديدة لتمويل قطاع السخانات الشمسية. ويراد في النهاية بكل هذه التحركات ان تصل تونس الى نسق استهلاكي سليم فيما يخص الطاقة اي ان يكون معدل تطور استهلاك الطاقة أقل بكثير من معدل ونسق تطور الناتج الداخلي الخام. ومعلوم ان كلا المعدلين في نفس المستوى من التطور حاليا.