أعادت مسألة التجاوزات التي تورط فيها عدد من أطباء القطاع الخاص باستخلاص «أموال عن أتعاب وهمية» في خزينة الصندوق الوطني للتأمين على المرض إلى السطح ملف أخلاقيات المهنة الطبية التي تأكد أن البعض من «أطبائنا» لم يعودوا يعيرونها أية منزلة أو مكانة. مسألة التجاوزات والتي تتجاوز في عمقها «شفط» الأموال العامة (الكنام) والخاصة (معاليم تداوي المرضى) إلى ماهو أخطر من حيث الوقوع في الأخطاء الطبية الخطيرة والاضرار بصحة المرضى. «اللّهفة» على تجميع المال وتكديس الثروة بمختلف الطرق والوسائل على قاعدة «الغاية تبرّر الوسيلة» ظاهرة اجتماعية بامتياز تنتشر في العديد من الأوساط والقطاعات ولكنها تكون ذات وقع خاص لما تُصيب قطاعا من المفروض أن يكون المشتغلون به أكثر التصاقا إلى قيم نبيلة في «رحمة المريض» ماديا ومعنويا ومراعاة ظروفه النفسية ومرافقته بالشكل الطبي السليم للخروج من حالته المرضية والعلاجية في أفضل الظروف. ملفات ووثائق وهناك من الملفات والوثائق والشهادات التي «تؤشر» إلى تعاملات رخيصة جدّا يجريها عدد من الأطباء مع مرضاهم والتي توقعهم في فخ «اللّهث» خلف تجميع المال عبر الشخصيات العلاجية الطويلة والعيادات الطبية المتتالية والطلبية المجحفة لعدد من التحاليل والكشوفات المختلفة والتي ترهق جيب المواطن دون أن تكفّ عنه آلام المرض وأوجاعه. وتزداد «الخطورة المادية والمعنوية والصحية» في مظاهر من «التخويف» يمارسها بعض الأطباء تجاه مرضاهم لغاية اجبارهم على القبول بإقامات في مصحات خاصة واجراء تدخلات جراحية البعض منها «وهمي» ولا تقتضيه «الحالة المرضية». تدخلات ضرورية الوضع على ما هو عليه في حاجة إلى وقفة حقيقية صارمة والضرب على أيدي أمثال هؤلاء الذين تكشف تصرفاتهم عن حالة مرضية تحتاج هي أيضا إلى علاجات طبية ونفسية تعيد الروح إلى أخلاقيات المهنة الطبية ونواميسها المتعارف عليها في نفوسهم وعقولهم. هذا الحديث لا يجب أن يمرّ دون أن تتم الاشارة إلى أن سلوكات هؤلاء تلقى بشكل يومي الادانة الشديدة حتى داخل القطاع الصحي والطبي نفسه من زملاء عرفوا بانضباطهم لشروط ومقتضيات عملهم الطبي الذي فيه قدر واسع من رفعة الأخلاق والأمانة والصدق ومحبة النّاس والاخلاص إلى مبادئ وقيم درسوها في أولى سنوات تعليمهم الجامعي بكليات الطب المختلفة.