كما كان متوقّعا، كشّرت «اسرائيل» عن أنيابها فبان وجهها الحقيقي وأهدافها من عملية «المفاوضات» الأخيرة. اسرائيل تطالب الفلسطينيين اليوم، وبكل وقاحة، أن يتنازلوا لها عن حقّهم التاريخي في فلسطين... كل فلسطين. هذا ما عناه رئيس الحكومة نتانياهو، حين أعلن مؤخرا عن مخطّط مقايضة، طالب به الشعب الفلسطيني من خلال المفاوضين الفلسطينيين، بأن يعترف الجانب الفلسطيني بيهودية الدولة الاسرائيلية، مقابل «امكانية» تجميد الاستيطان... لمدّة زمنية محدّدة وليس التخلّي عن هذه الجريمة الاستعمارية، التي يراها القانون الدولي بهذا المنظار... النقد هنا لا يجب أن يوجّه الى «اسرائيل» فهي، منذ احتلالها فلسطين ونيلها شهادة زور من الأممالمتحدة، اسمها قرار التقسيم 181، الصادر سنة 1947،وهي تعمل على الوصول الى هذا الهدف: يهودية الدولة الاسرائيلية. إذا كان هناك من نقد يوجّه، فيجب أن يصوّب نحو المجموعة الدولية و«حرّاس» حقوق الانسان من المنظّمات الحقوقية والانسانية، أولئك الذين يؤمنون، إيمانا، ب «وضعية» القوانين، ورفض المعطى الديني بل وتحريمه، في مجال تأسيس الدول... اليوم يطرح الكيان الصهيوني، قنبلة، سوف ترتدّ عليه قريبا، وهي إعلان دولة أو كيان على أساس ديني، في القرن الحادي والعشرين. أيّ جريمة هذه التي تقترفها «اسرائيل» في حق العقل الانساني... عزوف عن «المفاوضات» ونبذ للسلام، تحت يافطة خرافة...؟ «دولة دينية» في فلسطين، تطبق على الشعب الفلسطيني، وتطرده من أرضه ووطنه، ولا تحارب من قوى دولية اختصّت في محاربة الارهاب. وهل هناك ارهاب، أقوى من هذا الارهاب الصهيوني، الذي يعربد ويحتل أرضا وشعبا، بقوّة الحديد والنّار... ثم يقايض الضحية على مزيد من القهر، ثم يسمح عديدون، لأنفسهم بأن يضعوا هذا الكيان في عداد الدول الديمقراطية؟ لقد بلغ السيل الزبى، و«اسرائيل» هذه كشفت عن أهمّ مخطّط لها وهو الاعتداء على القيم الانسانية، فكشفت زيف الشعار... وزيف السلام... اسرائيل لم تؤمن يوما بالسلام... بل هي هنا، بين الدول، تخدم المصالح الاستعمارية والامبريالية، ولا علاقة لها لا بالتسوية ولا بالاستقرار... ولا بالسّلام... فلتواصل الدول «المتقدّمة» اسطوانتها المشروخة حول السلام... والمفاوضات...