تؤكد مشاركة حفيد الماهاتما غاندي اليوم في القدسالمحتلة في مظاهرة سلمية ضد جدار الفصل العنصري وجود تيار فلسطيني يدعو ل «اللاعنف» باعتماد أساليب كفاح مستوحاة من المعارك السلمية في الهند وجنوب افريقيا... ويمثل هذا التيار أقلية على الساحة الفلسطينية ويرى خبراء بخصوص المقاومة السلمية أن فلسطين ليست الهند وأن شارون لا يفهم إلا لغة القوة. ولم تتردد شخصيات فلسطينية منذ عام 2001 في معارضة عسكرة الانتفاضة معتبرة أن الكفاح المسلح وخصوصا العمليات التي تصفها بالعمياء أضرّت كثيرا بقضية الشعب الفلسطيني. ولقيت الدعوة لانتفاضة سلمية صدى محدودا بتضاعف المظاهرات السلمية التي لقيت قمعا شديدا من قبل الجيش الاسرائيلي. فلسطين... ليست الهند وأثارت هذه الدعوات بعض المظاهرات السلمية في قرى فلسطينية لكنها لم تؤثر إطلاقا على فصائل المقاومة المسلحة التي تواصل هجماتها وتحصل على دعم شعبي قوي رغم القمع والاعتداءات الصهيونية المتواصلة. وحسب وزير الثقافة الفلسطيني السابق زياد أبو عمرو فإنه من الصعب نسخ أشكال كفاح أثبتت فعاليتها في الهند وتطبيقها في ظروف الاحتلال الاسرائيلي. وتساءل أبو عمرو: كيف يمكن أن يكون المرء غير عنيف بينما الجنود الاسرائيليون يطلقون النار على المتظاهرين وتتعرض الاراضي للمصادرة كل يوم وتواصل اسرائيل عمليات الاغتيال والتوغلات. ولاحظ الوزير الفلسطيني السابق أنه رغم ذلك يوجد تيار فلسطيني يدعو ل «اللاعنف في المقاومة» مؤكدا ان اسرائيل هي التي تفعل كل شيء لمنعه من التعبير عن نفسه. وذكّر في هذا المجال بقيام اسرائيل في جوان 1988 أثناء الانتفاضة الاولى بطرد المناضل السلمي مبارك عوض وهو محام أمريكي يدافع عن الكفاح السلمي للشعب الفلسطيني. وأكد أبو عمرو أن اسرائيل تعمد البحث عن تصعيد العنف في بداية الانتفاضة بقتلها عشرات المتظاهرين. وضع مختلف من جهتها لاحظ المحلل زكريا الحق ان الشعب الفلسطيني يدرك أن العنف لا يؤدي الى أي شيء لكن سياسة «اللاعنف»ل لم تكن أفضل. وأكد المحلل أن ما حصل في الهند في الماضي جميل لكن الوضع مختلف (في فلسطين) بما أن القوة المحتلة لا تريد استغلال الفلسطينيين بلا طردهم». ورأى أيضا أن ضعف القوى السلمية في فلسطين يعود لشدة القمع الاسرائيلي. لكن هذا التفسير لا يعجب العالم النفسي والمناضل السلمي إياد سراج (في غزة) إذ أنه يقول انه ليست هناك تقاليد للمقاومة اللاعنيفة في العالم العربي لان هذا الامر يصطدم بنوع من الاحساس بالشرف وبمبدإ الثأر. وحسب رأي الخبير الاخير فإن فشل الكفاح المسلح المعتبر كهزيمة لا يدفع الناس باتجاه نوع من الكفاح السلمي بل الى اليأس والانطواء على النفس.