في تصريح خاطف ل«الشروق» انتقد الدكتور الصادق بلعيد (أستاذ القانون الدستوري وعميد سابق لكلية الحقوق) المخرج القانوني الذي تولى بمقتضاه السيد محمد الغنوشي رئاسة الجمهورية. وقال ان ما حصل هو آخر ورقة لانقاذ نظام بن علي. واوضح قائلا ان النظام وهوالسلطة والمؤسسات وانه بالنسبة لتونس هوالحزب والدولة والحزب يحتمي بالرئيس وقد استغل وجود الرئيس في السلطة لمدة 23 سنة واذا انهار الرئيس فان النظام ينهار وراءه وقد حاول الرئيس حماية شخصه وعائلته ضد ارادة الشعب رغم كل التجاوزات التي ارتكبتها. وقد استعمل في ذلك عدة ورقات: الخطاب الاول فشل فيه بتقديم اي اقتراح للخروج من الازمة وحاول «الترقيع» في الخطاب الثاني ولكنه فشل حيث اقترح بطريقة ارتجالية وفاقدة للمصداقية ايجاد 300 ألف موطن شغل. وأوضح قائلا ان الاقتراح فاقد للمصداقية فاذا كان بالامكان ايجاد ذلك لماذ تأخر في ايجاده، فاما انه اقتراح لا مصداقية له أو أنه سيعمل على خلق مواطن شغل خيالية وغير فعلية. هذه الورقة الثانية كانت فاشلة وسيئة جدا. ثم كانت الورقة الثالثة في خطابه الاخير عندما قال «فهمتكم» ولكن بعد سقوط حوالي مائة قتيل وجرح حوالي الألف. وقال انه سيقيل الحكومة وسيجري انتخابات. وكل هذه الاصلاحات اما جاءت تحت الضغط أو انه كان يستطيع القيام بها في السابق ولم يقم بها. وقال الدكتور بلعيد ان كل ذلك كان مناورات لانقاذ الحكومة ولكن دون جدوى امام الرد الشعبي الذي لم تنطل عليه المسألة رغم السيارات المأجورة التي حاولت افتعال مظاهر الفرحة والابتهاج. وقال «الشعب لم يكن مغفلا» لذلك بادر بالاعتصام امام وزارة الداخلية نفسها وابرز أن له من النضج السياسي ما يمكنه من التمييز بين الغث والسمين. وقال ان السيد محمد الغنوشي قال: «لقد توليت سلطة رئيس الجمهورية بصفة مؤقتة بسبب غياب رئيس الدولة» ووصف ذلك بأنه مغالطة كبرى وآخر ورقة يلعبها النظام لحماية نفسه. وما حدث هو خطأ كبير والمحاولة كانت «افضح» من العملية الاساسية. ثم اوضح قائلا ان السيد محمد الغنوشي أعلن انه تولى سلطات رئيس الجمهورية، في حين ان رئيس الجمهورية قد اقاله من مهامه كوزير اول، فبأي صفة يقول انه سيتولى مهام رئاسة الجمهورية. وقال ان ما حدث يعكس قمة الاستهتار بمصالح الدولة. ثم أين التفويض الذي منحه له رئيس الدولة فالفصل 56 من الدستور والذي تم اعتماده في هذا الانتقال ينبغي قراءته حسب الدكتور الصادق بلعيد في سياقه الطبيعي وهو الغياب المؤقت لرئيس الدولة كأن يكون في مهمة بالخارج أو مريضا وهي بذلك تكون مقبولة اما ان يتولى السلطة في ظروف ازمة معروفة مثل التي تمر بها بلادنا حاليا فالامر لا يستقيم. فمن الاخلاقي الا يترك القائد جيشه ويذهب وكذلك قائد الباخرة لا يغادر سفينته وهي تغرق. البلاد حسب الدكتور بلعيد غارقة في الدماء والرصاص ومغادرة الرئيس في مثل تلك الظروف تعني تخليه عن المسؤوليات. وتوقع الدكتور بلعيد ان تتأزم الامور اكثر في المستقبل واصفا الاعتماد على الفصل 56 في هذه الحالة بالمهزلة.