أو بالأحرى يوم الحادي عشر من ثورة 14 جانفي 2011... لبست أبهى ما عندي وتعطرت بعطر باهظ الثمن... اقتنيته من عرق جبيني... قصدت المدرسة الاعدادية وكأنني في اليوم الأول من العودة المدرسية... مشتاقة لملاقاة أصدقاء الدرب... مفعمة بالمحبة... دم جديد يجري في عروقي... هواء نظيف يسري في رئتي... ابتسامة عريضة.. زغرودة بين شفتي يذكرني صوتها بالمرأة الفلسطينية حين تشيع شهداءها... أسرعت الى ساحة المعهد المتواضعة وكلي حماس للوقوف أمام علم وطني... حييته كطفلة صغيرة تغمرني السعادة... تبلل الدموع أجفاني... جسدي يهتز بكلمات كأنني أسمعها لأول مرة... انطلقت ترتعش من حنجرتي بصدق وحب لم أعهدهما في نفسي أحسست أنني أطير كفراشة فوق بستان شقائق النعمان... والزهر... مشهد وددت ألا ينتهي... لكنني حين تذكرت أنني سوف ألتقي بتلاميذي أسرعت مرة أخرى بنفس الاحاسيس الى قاعة الدرس لأستأنف الدروس التي شعرت أنها انقطعت منذ زمن طويل... نظرت الى أبنائي التلاميذ... قلت «صباح الخير والنور والفل»... ما أجملكم... ما أروعكم... وفعلا كنت آراهم كذلك كأزهار ذابلة سقتها قطرات ماء فانتعشت بدأت أحدثهم عن الثورة وفجأة توقفت... صمت...تذكرت أنني كنت كلما أخطأوا في معلومة أعطيتهم اياها في الدرس فتغافلوا عنها في الفرض غضبت منهم كثيرا وأسندت لهم صفرا... فتبادر في ذهني لحظتها هل يمكن اليوم أن أسند هذا الصفر لكل من تغافل عن حفظ الدرس والعهد؟... عفوا يا رجال القانون... والاعلام... والمهندسين والاطباء... والقائمة طويلة... كان يجدر بي أن أسند هذا «الصفر» إليكم لأن اغتصاب هذا الوطن كان على مرأى من القانون بل وبتواطؤ معه أحيانا كثيرة... على مرأى من الاعلام بل بصفحات التمجيد.... على مرأى من بنايات وطرقات وقناطر بناها مهندس فعمرت مناطق دون أخرى... على مرأى من طبيب فتح جرحا ونسي أن يحكم اغلاقه... لكنني هذه المرة لن أسند صفرا بل سأسند 10/10 لشباب حفظ الدرس جيدا... وأعده أننا جميعا سنلتحق بقاعة الدرس ونتخذ فيها مقعدا ما... وسنحفظ الدرس... فقد كان الدرس الأول والأوحد يوم الرابع عشر من جانفي.