مآزق السلطة القائمة بعد ثورة 14 جانفي لا يبدو أنها ستنتهي، فإلى جانب عدم استقرار مختلف الاجهزة التنفيذية من حكومة ووزراء وولاة وغيرهم من مسؤولي الدولة ستجد هذه السلطة نفسها في مأزق جديد قريبا يهم استتباعات اللجوء الى الفصل 57 من الدستور لاقرار الرئاسة المؤقتة. المأزق المنتظر في غضون أقل من شهر من الآن (قبل 15 مارس القادم) يتمثل في إلزامية رجوع السلطة التنفيذية للسلطة التشريعية بغرفتيها في أفق التاريخ المذكور للحصول على مصادقة برلمانية تمدد أولا فترة رئيس الجمهورية المؤقت وثانيا الصلاحيات المخولة له لاصدار المراسيم بناء على التفويض الذي حازه مؤخرا. تفادي الفراغ السياسي بالعودة الى الفصول الدستورية فإن الفصل 57 المعتمد في تفادي حدوث فراغ سياسي على رأس الدولة يقر بأن رئيس مجلس النواب يتولى مهام رئيس الدولة بصفة مؤقتة لأجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه ستون يوما وخلال هذه المدة وبحسب نفس الفصل يتم انتخاب رئيس جمهورية جديد لمدة خمس سنوات. وأمام التوجه الموجود والمفروض في استحالة اجراء انتخابات رئاسية في أفق 15 مارس القادم (كأجل أقصى) تطرح اشكالية دستورية رئيسية في الكيفية التي سيتم اللجوء اليها لتفادي الوقوع في فراغ في منصب رئاسة الدولة ناهيك وأن التفويض الذي حازه رئيس الدولة المؤقت في امضاء المراسيم محدد بحسب ما تم التنصيص عليه في تقرير المصادقة البرلمانية على قانون التفويض المشار اليه بمدة الرئاسة المؤقتة المنصوص عليها في الفصل 57 من الدستور. مخرج وحيد المخرج الوحيد لتفادي الوقوع في المأزق المذكور وتماشيا مع ما تقوله السلطة القائمة من انها ترعى الضوابط الدستورية القائمة وتلتزم بها لاجراء الاصلاحات التي طالبت بها ثورة 14 جانفي وتحقيق الانتقال الديمقراطي المنشود هذا المخرج «الوحيد» يستدعي اللجوء الى الفصل 39 من الدستور الذي تم تنقيحه بالقانون الدستوري عدد 88 لسنة 1988 المؤرخ في 25 جويلية 1988 وبالقانون الدستوري عدد 51 لسنة 2002 المؤرخ في 1 جوان 2002، تقول الفقرة قبل الأخيرة من الفصل المذكور (اي الفصل 39): «... واذا تعذر اجراء الانتخاب (أي انتخاب رئيس الجمهورية) في الميعاد المقرر (أي 60 يوما كحد أقصى) بسبب حالة حرب أو خطر داهم، فإن المدة الرئاسية تمدد بقانون يصادق عليه مجلس النواب وذلك الى أن يتسنى اجراء الانتخاب». ووفق هذه الاعتبارات الدستورية فإن ارجاء الانتخابات الرئاسية لما بعد 15 مارس القادم (وهو المنتظر حتما) يقتضي: 1 دعوة مجلس النواب للانعقاد قبل 15 مارس الى المصادقة على قانون يمدد فترة الرئاسة المؤقتة. 2 دعوة مجلس النواب والمستشارين الى الانعقاد في فترة لاحقة للمصادقة على مشروع قانون جديد يفوض لرئيس الدولة المؤقت امضاء مراسيم. ومن المؤكد أنه وفي ظل الأوضاع الحالية والمطالبة الواسعة بحل مجلسي النواب والمستشارين القائمين كونهما لم ينبعا عن ارادة شعبية وانتخابات ديمقراطية نزيهة فإن تمرير مقتضيات الفصل 39 من الدستور لن تكون يسيرة بالمرة.