من يقول ثورة من المفروض أن يؤمن بأن تكون هذه الثورة شاملة وعميقة وذلك على كل الواجهات بما في ذلك العقلية التي تلبّدت في فترة الاستبداد والفساد بسحب «أخطى راسي» وبعبارات أخرى «لا ندخل يدّي للمغارة.. ولا تلسعني العقارب» وأيضا «وين مصلحتي.. أكون» وغير ذلك من عبارات السلب والأنانية والخوف وحتى الجبن هذا فضلا عن النزعات الجهوية و«العروشية» وما شابهها.. وبالتالي فإن كل واحد منّا مطالب بالانصهار الايجابي مع مبادئ الثورة وخدمة المصلحة العليا والدعوة إلى التكامل والوحدة الوطنية الراقية حتى نشعر فعلا بأن ثورة الحرية والكرامة قد غيرت العقلية وأنجزت ما ظل يرنو إليه التونسيون في انتظار مزيد تفعيل ما يجب أن يكون على مستوى الديمقراطية والعدالة الاجتماعية واستقلالية القضاء وحرية الصحافة وترسيخ الثقافة العميقة والاحترام المتبادل. الاستثمار بعد الثورة كثيرون عبروا عن خوفهم من فشل الموسم السياحي والحال أن أي ثورة وفي أي بلد في العالم تمهد أكثر لسبل التوافد الغزير على البلاد التي شهدت الثورة ومن المفروض حسن استثمار هذا المؤشر الايجابي والطبيعي وخاصة حين نعلم أن عصابة الفساد والاستبداد كانت تضع الشروط التعجيزية لوكلاء السياحة في العالم وتطالبهم بمنابات ضخمة شأنهم شأن المستثمرين الراغبين في العمل في بلادنا الذين لا يجدون غير التعطيل في صورة رفض تقديم «العمولات». لا تضخيم ولا تقزيم حين تتضح الرؤى ونتجاوز بعض الظروف المالية ويذهب كل منّا إلى عمله يكون الشعب قد أصبح مؤهلا لحكم نفسه بنفسه وذلك في أطر ديمقراطية راقية وعندها يتبدّد التشكيك في هذا الطرف أو ذاك كما يتجلى دور كل طرف فيكون الجيش في موقعه والأمن في موقع آخر دون الإساءة لهذا أو لذاك ودون تضخيم ولا تقزيم. قاموسنا بعد الثورة ؟ تغيرت بعض المصطلحات بعد الثورة ومقابل ذلك مازالت بعض المصطلحات الأخرى التي كانت تتردّد باستمرار في العهد البائد مسيطرة على القاموس الشعبي والاعلامي والثقافي ككل.. فهل أن مثقفينا عاجزون على انتقاء الألفاظ التي تنصهر في منظومة مبادئ الثورة أم أن المسألة مازالت تدريجية.. أم أن تسارع الأحداث هو السبب في كل هذا؟ أقنعة.. وتاريخ ؟ «كل شاة معلقة من كراعها».. هو مثل شعبي ينطبق على بعض الأشخاص الذين يحاولون الاستثمار والركوب على صهوة الثورة والحال أن تاريخهم معروف وفضائحهم جلية ومناشدتهم واضحة وحتى كتبهم ومؤلفاتهم مازالت تؤكد ذلك.. فلماذا الأقنعة؟