بعد الثورة وجدت الأندية التونسية نفسها في مأزق حقيقي رغم أنها تحولت من احتكار الدولة ويعود ذلك إلى أنها كانت تعيش تحت جلباب النظام وهو الذي يحافظ على وجودها بدعمها رغم أنه يكتم أنفاسها. بعض الأندية وجدت نفسها مهددة أولا لغياب الدعم وثانيا لغياب النشاط وبالتالي الحرمان من مداخيل الملاعب. «الشروق» طرحت المأزق الذي تعيشه الأندية التونسية على أهل الذكر واستغلت هذه الفرصة لطرح السؤال الرئيسي الذي يؤرق الجميع: كيف تنمي الأندية مصادر التمويل الذاتي؟ وكيف تتخلص من قبضة الدولة بشكل لا رجعة فيه؟ وكيف تدخل عالم الاحتراف الفعلي وليس الاحتراف الوهمي الذي تعيشه هذه الأيام؟ المتصفّح لدفاتر الأندية التونسية الآن يكتشف بيسر أنه لا علاقة لهابالاحتراف لأنها أندية تعيش على الهبات والدعم الحكومي ومزاج الجمهور الذي بإمكانه أن يغرق الفريق لمجرد عدم رضائه على رئيس النادي وموقف ما يسمى بلجنة الدعم من رئيس الفريق كما تعيش هذه الأندية عديد المفارقات أهمها أنها تعرف مصاريف قارة سواء كانت في حالة نشاط أم لا ومداخيل غير قارة كما أنها تتعرض إلى منافسة عالمية (مدربون ولاعبون أجانب) ومداخيل محلية جدّا أما المتصفح لوثائق الأندية العالمية فإنه يقف مدهوشا عندما يعلم أن هذه الأندية مرتبطة بالأموال المتأتية من التلفزة ويكفي أن نذكر أن 75٪ من ميزانية مانشستر يونايتد توفرها التلفزة أما في تونس فلا تفوق 5٪ من مداخيل الأندية في حين توفر شركة البرومسبور 6٪ من هذه الميزانيات. فرج الفجاري من مكاسب الثورة: صراع بين القنوات وعائدات هامة للأندية القنوات التونسية الاربعة (الوطنية والثانية ونسمة وحنبعل) لابد ان ندفع من هنا فصاعدا للجامعة اذا ارادت ان تنقل المباريات وبامكان القناة التي تدفع اكثر أن تختار اللقاء الأهم في الجولة وقد تنقل قناتان أو أكثر نفس المباراة لكن لابد من الدفع المسبق ولابد أيضا من جلسة واتفاق بين الجامعة والقنوات التي أصبحت مطالبة بدفع أموال كبيرة للفرق من هنا فصاعدا. ربما لا يعرف المسؤول التونسي انه ليس من حقه بيع مباريات فريقه بمفرده لأن الجهة الوحيدة المؤهلة للبيع والتفاوض هي الجامعة فهي المسؤولة عن اللعبة وهي التي تنظم فهي التي تختار الحكم وهي التي تطالب بتعيين الأمن وهي المعترف بها في الاتحاد القاري والدولي لذلك نؤكد ان النوادي ليس من حقها ان تبيع المباريات أو تفاوض وهي من حقها أن تقترح وتطالب لكن الجامعة هي المسؤولة. المقارنة لا تجوز في البطولات المحترفة والمحترمة كل شيء واضح القناة الراعية توفر نسبة كبيرة من الميزانية والاشهار على الاقمصة وفي الملعب ومداخيل المباريات واشتراكات الاحباء وبيع عشرات الآلاف من الاقمصة يضاف الى ذلك بيع اللاعبين أي ان النادي شركة ارباحها كبيرة ومداخيلها عديدة لذلك فالمقارنة مع ما هو موجود في أوروبا وانديتنا غير وارد وربما ننتظر عشرات السنين وقد لا نصل الى ما هو موجود في القارة العجوز. «العين بصيرة واليد قصيرة» وزير الرياضة وعد بمساعدة الاندية وحل جزء من المشاكل المادية التي تعاني منها الفرق بعد تجميد نشاط الكرة وعدم وجود موارد مالية. الوزير بذل كل ما في وسعه لكنه لم يستطع الايفاء بوعوده تجاه الفرق المطالبة بدفع مستحقات وأجور اللاعبين والمدربين وكل العاملين في الفرق وللسيد الوزير نقول أن ما بين الوعود والتطبيق فوارق كبيرة. الانفتاح مطلوب رغبت قناة «الآرتي» في التعاقد مع جامعة كرة القدم لأجل نقل مباريات البطولة التونسية وفشلت وبذلت قناة «الجزيرة» مجهودات كبيرة هي الاخرى لكن الرفض كان الجواب الأول والأخير رغم ان قناة الجزيرة كانت مستعدة لأن تدفع أموال طائلة ستفيد الفرق... الوضع تغير الآن تماما ومن يدري تنزل قناة «الجزيرة» بكل ثقلها ووقتها لا يمكن لأي قناة تونسية ان تنافسها. التلفزة هي الممول الابرز لكرة القدم العالمية في كأس العالم ألمانيا 2006 حصلت الفيفا على (20%) من ميزانيتها من بيع حقوق بث تلك النهائيات وفي سنة 2010 بجنوب افريقيا حصل الاتحاد الدولي على (60%) من ميزانيته من بيع مباريات كأس العالم اي ان القنوات التلفزية تدفع جزءا كبيرا للنوادي والمنتخبات بما انها هي الدجاجة التي تبيض ذهبا اما هنا فكل شيء بالعلاقات والمساعدات. القنوات التلفزية في العالم تساهم بقسط مالي كبير جدا يتجاوز في غالب الاحيان نصف الميزانية لكن هنا القنوات تريد ان تنقل ما يدور فوق المستطيل الاخضر وأمام حجرات الملابس وحتى داخلها وخلف الابواب المغلقة لكن أغلب هذه القنوات تريد ان تنقل وتستفيد بدون مقابل وتقول انها تبحث عن راحة المتفرج وسعادته وأكيد اننا سنسمع مستقبلا ان من حق الشعب ان يتابع ما دام الجميع يتحدث باسم الشعب رغم ان هذا الشعب لم يعط في يوم من الايام تفويضا لهذه القنوات التي تكسب الملايين ولا تدفع حتى الملاليم.