غروسي: تلوث إشعاعي في منشأة "نطنز" النووية    عاجل: ''الضمان الاجتماعي''يُكذّب منحة ال700 دينار ويُحذّر من روابط وهمية    وزير البيئة يدعو الى العمل على الاصلاحات المتعلقة بالقوانين والتشريعات البيئية    وزير النقل يكشف عن موعد الانطلاق في استعمال الحافلات الكهربائية.. #خبر_عاجل    النادي الإفريقي: مرشح جديد لرئاسة الفريق .. في إنتظار التأكيد    وزارة الداخلية: تنفيذ 98 قرارا في مجال تراتيب البناء ببلدية تونس    عاجل/ وفاة أب وابنته غرقا والبحث جارٍ عن ابنته المفقودة    بداية من الغد/ أكثر من 33 ألف تلميذ يجتازون مناظرة "النوفيام"..    18 اعتداء ضد الصحفيين خلال شهر ماي..    الكاف: اليوم انطلاق توزيع مادتي القمح الصلب والقمح اللين المجمّعة على المطاحن (المدير الجهوي لديوان الحبوب)    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عاجل: وزارة الشباب والرياضة تفتح باب الترشح لانتداب أساتذة ومعلمين لسنة 2025... تعرّف على الروابط وطريقة التسجيل    عاجل: تحذير من تقلبات جوية عنيفة بداية من الليلة    عاجل/ تطورات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي..    خامنئي: الكيان الصهيوني ارتكب خطأ فادحا وسيلقى جزاء عمله    وزارة الصّحة تدعو إلى ضرورة القيام بالفحص الطّبي السّابق للزواج    عاجل : انتداب جديد في النادي الافريقي    غوارديولا: ''أحب تونس أقدر موهبة شمال إفريقيا''    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    مأساة جديدة قبالة السواحل الليبية: فقدان أكثر من 60 مهاجراً    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    تونس تُصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة    الشكندالي: اتساع رقعة الحرب.. يهدد ميزانية الدولة ويُفاقم العجز الطاقي    بطولة برلين للتنس: "أنس جابر" تواجه اليوم المصنفة الخامسة عالميا    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    9 فواكه تناولها يوميًا لطرد السموم من الكبد والكلى..تعرف عليها..    ميناء حلق الوادي: وصول باخرتين سياحيتين تقلّان قرابة 9500 سائح    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود..    كأس العالم للأندية: التعادل يحسم مواجهة إنتر ميلان الإيطالي ومونتيري المكسيكي    تونس تحتضن بطولة العالم لكرة اليد الشاطئية للناشئين تحت 17 سنة بمدينة الحمامات    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    ب50 مقاتلة.. إسرائيل تكشف تفاصيل هجوم "ليلة الأربعاء"    كأس العالم للأندية 2025 : صن داونز الجنوب أفريقي يهزم أولسان هيونداي الكوري 1-صفر    العرب في قلب الحدث: أبرز مواجهات اليوم في كأس العالم للأندية ...التوقيت    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    علاش يلسعك إنت بالذات؟ 5 أسباب تخليك ''هدف مفضل'' للناموس!    صاروخ ''فتاح'' يثر الرعب ...يتخفى و يناور ...شنية حكايتوا ؟    لماذا رفضت وزارة العدل توثيق الطلاق لدى عدول الإشهاد؟    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    50 مقاتلة تشن غارات بطهران وصواريخ "فتّاح" تستهدف إسرائيل للمرة الأولى    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    انطلاق التسجيل بداية من يوم الخميس 19 جوان الجاري في خدمة الإرساليات القصيرة للحصول على نتائج البكالوريا    طقس اليوم: خلايا رعية محلية مصحوبة ببعض الأمطار بهذه المناطق    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مقتل والديهم في جريمة بشعة بالمظيلة: 5 تلاميذ يتهددهم الضياع...فمن ينقذهم ؟
نشر في الشروق يوم 23 - 03 - 2011

منذ ايام قلائل كانت مدينة المظيلة من ولاية قفصة قد اهتزت على وقع جريمة بشعة ذهب ضحيتها كهل (عمره 47 سنة) وزوجته (عمرها 41 سنة) الحامل بتوأم على اثر هجوم مسلح قام به احد الاجوار على منزل العائلة في ساعة متأخرة من الليل على خلفية بعض الخلافات التافهة التي انتهت بالتسوية قبل وقوع الجريمة حسب مصادرنا، هذا الهجوم انتهى الى حرق شبه كلي لمنزل الضحيتين «أحمد اليحياوي» و«قليعية سعدولي» قبل ان يتم الاجهاز عليهما وللاشارة فإن الجار المعتدي كان قد لقي حتفه بعد ساعات من وقوع الجريمة في سياق رد فعل عنيف اتاه بعض الاجوار والاهالي ازاءه (وقد سبق ل«الشروق» التعرض للحادث في حينه في عدد فارط).
الآن وبعد هذه الحادثة بقي الجانب الانساني والاجتماعي ملقيا بظلاله على افراد عائلة الضحيتين ذلك ان الزوج «احمد» وزوجته «قليعية» الهالكين قد تركا خمسة ابناء كلهم تلامذة في وضع نفسي واجتماعي مزر واكبرهم أصيل (عمره 18 سنة يدرس بالسنة الثالثة ثانوي) وأصغرهم أمان الله (عمره 5 سنوات-تحضيري) ويتوسطهما عبد القادر(15 سنة-1 ثانوي) ورنيم (11 سنة-6 اساسي) ومحمد أمين (7 سنوات -2 اساسي) «الشروق» تحولت الى منزل جد هؤلاء اليتامى بمدينة المظيلة للتعرف على الاوضاع العائلية والمادية والاجتماعية لانقاذهم، الجد «حبيب حركاتي» التقيناه في حالة يرثى لها من الألم والاعياء وهوالذي يعاني من مرض مزمن ازداد حدة بسبب الكارثة التي لحقت بالعائلة فإبنه الفقيد أحمد ترك له 5 احفاد يواصلون جميعا دراستهم بين المدرسة والمعهد، وفي نبرة حزينة يقول الشيخ حبيب «ماذا تراني فاعلا? ها اني قد أويت هؤلاء الصبية معي في هذا المنزل الذي هو في الأصل على ملك احد ابنائي الآخرين ...وها هم الان معي نقتسم معا منحة التقاعد الى ان يقضي الله امره...وللاشارة فإن الجد حبيب تعيش معه زوجته العجوز فاطمة التي تعاني من اعاقة في قدمها عندما سألته عن منزل الضحيتين ولماذا لا يبقى الابناء فيه معا أكد الشيخ حبيب ان المنزل بات الآن مهجورا بعد ان لحقه «دمار شامل» بسبب الحرق وسارع في الحين بمرافقتي الى المنزل الذي فوجئنا بتحوله الى خراب بفعل حرق جل غرفه واتيان ألسنة اللهب على محتوياته وأشار مرافقي الى ان العائلة قررت غلق المنزل الذي أصبح مصدر تأثير نفسي سلبي عميق على أحفاده الصغار الذين مازالوا تحت وطاة الصدمة.
لم أكن أظن أن الوالي يبكي!
قبل ان يلتحق بنا احفاده الخمسة في منزله من جديد أشار الشيخ حبيب ان والي قفصة السيد توفيق خلف الله قد زار العائلة وتحادث مع الابناء اليتامى واطلع على حالة المنزل المحروق واضاف محدثي ان زيارة المواساة التي قام بها الوالي كانت مؤثرة في الجميع حتى ان الوالي بكى من شدة التأثر وبعفوية اضاف الجد حبيب «لم اكن اظن ان الولاة يبكون» وللاشارة فان السلط الجهوية بقفصة قدمت كل الدعم والمساعدة لهؤلاء الايتام وعبرت عن انشغالها لوضعهم ومزيد متابعة حاجياتهم.
وفي هذا الصدد أفادنا «أصيل» أكبر الابناء اليتامى (تلميذ 3 ثانوي) انه تم التدخل لفائدته وبدأ في العمل منذ اسبوع في معمل للخياطة بالمظيلة بصفة وقتية مشيرا إلى ان والي الجهة استقبله بمكتبه ووعده بحلول عمليةتمكنه من موطن رزق يعيل به اخوته الصغار، ولم يخف «أصيل» رغبته في الالتحاق بشركة فسفاط قفصة اوالمعمل الكيميائي بالجهة خاصة ان والده الفقيد كان يعمل في مؤسسة حراسة لفائدة شركة فسفاط قفصة وكان قبل مقتله ينتظر الاستفادة من إجراء الادماج ضمن اعوان الشركة في سياق انفتاح الشركة على مشاغل أبناء المناطق المنجمية .
«أصيل» ترك مقاعد الدراسة بعد مقتل ابويه قائلا في تأثر واضح «كنت اريد ان أواصل دراستي لضمان مستقبلي لكن الان لم يعد لي أي طموح ...المهم بالنسبة إلى ان اشتغل وأسهر على رعاية اخوتي وتدريسهم» اما اخوه عبد القادر (15 سنة-1 ثانوي) فقد بدا عليه تواصل التأثر بالحادثة اذ قال «اني دائم التفكير في أمي وأبي حتى اني لم أعد قادرا على النوم ليلا ...اني مريض نفسانيا...وكان والداي ينصحانني دائما بالدراسة ولا أعرف كيف سيكون حالي بعدهما?».
رنيم البنت الوسطى (11 سنة-6 أساسي) تدرس بمدرسة القرية وصاحبة الامتياز في دراستها تقول انها اصبحت تشعر بالخوف المتواصل ولا تريد مغادرة منزل جدها فصورة والديها لا تفارقها ومع ذلك فهي تؤكد انها تريد ان «تكبر وترعى اخويها الاصغر منها وتحافظ عليهما» ولم تخف كم كانت تتمنى لوعاشا والداها وتمكنت من مساعدتهما على الحج خاصة وانها كانت تستمع الى والدها يتحدث اياما قبل وفاته عن عزمه على الحج عندما يتم ترسيمه في شركة الفسفاط.
اما محمد أمين (7 سنوات-2 أساسي) فقد كان يحاول استرجاع ما حدث ليلة الواقعة لكنه لم يكن قادرا على الامساك بالتفاصيل نظرا لاختلاط الامور عليه بين الحرق والصياح والقتل وهو الذي كان مستسلما للنوم بجانب ابويه...وها هو الآن يستنجد بجده ليكون له الحضن المعوض.
الابن الاصغر امان الله بدا تائها لاهيا لا يعي ما يدور حوله مرددا من حين إلى آخر «راو قتلهم...وحرق الدار..» هذا الطفل الذي لم يتجاوز الخمس سنوات ويواصل دراسته في المستوى التحضيري همس الينا انه يريد ان يصبح طبيبا ليداوي الناس،لكن قبل ان يدرك هذا الحلم من سيضمد لهذا الطفل البريء جراح اليتم المبكر?
الشغل والمسكن والاحاطة النفسية
ان الوضعية التي يعيشها حاليا الأيام الخمسة تتطلب تدخلات متاكدة للتخفيف عليهم من وطأة الضنك الاجتماعي والتوتر النفسي الذي يعيشونه فحسب الجد «الحبيب» يمثل توفير شغل قار لحفيده «أصيل» أمرا مهما لضمان مورد رزق يعيل به بقية اخوته وهو يتمنى لوتتم مساعدة اليتامى على بناء مسكن جديد خاصة وأن الحالة النفسية لهم لم تعد تسمح لهم بالبقاء في منزلهم القديم ويستطرد «لم لا تساعدهم شركة فسفاط قفصة من خلال منحهم منزلا من المنازل الشاغرة المتوفرة لديها بمدينة المظيلة وذلك في سياق مساهمتها في الاحاطة الاجتماعية بمثل هذه الحالات بالمناطق المنجمية?
وتبقى تدخلات المركز المندمج للشباب والطفولة ومصلحة الطفولة ومندوب حماية الطفولة ووزارة التربية مهمة لرعاية هؤلاء الأيتام ومساعدتهم ماديا والاحاطة بهم نفسانيا حتى يستعيدوا ثقتهم بأنفسهم ويواصلوا مشوارهم الدراسي المهدد بالضياع ان لم تتوفر لهم حلول ناجعة وفي العمق!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.