مهنة التدريب كبقية الوظائف تحتاج الى التشبيب والتجديد لاعطاء ديناميكية وحركية للعمل بحكم الرّوح الخلاّقة للأجيال الصاعدة المشبعة بالعزيمة والحيوية والمسلّحة بالطموح والأحلام وهذه الخصال مطلوبة لتأمين المستقبل المشرق والواعد لذلك نردّد دوما مقولة «الشباب عماد المستقبل» وعندما نتأمل الخارطة الحالية للمدربين نكتشف الصعود المتنامي للمدربين الشبان ونجاحهم في المرحلة الأخيرة خاصة مع الفرق الكبرى والمنتخب والذي تزامن مع ثورة الشباب المباركة... عندما نفتح نافذة على العالم نكتشف أن العديد من مشاهير التدريب صنعوا الأمجاد والأعياد وهم في بداية الطريق وهذا الجرد الكامل لأصغر المدربين المتحصلين على كأس العالم. ألبرتو: مولود يوم 20 نوفمبر 1898 تحصل على كأس العالم مع الأورغواي سنة 1930 وعمره 32 سنة. فيتوريو: من مواليد 12 مارس 1887 رفع التاج العالمي مع ايطاليا في دورتي 74 و88 وهو في العقد الرابع. زاغالو: من مواليد 9 أوت 1931 تحصل على كأس العالم مع البرازيل سنة 1970 وعمره 39 سنة. سيزار مينوتي: مولود يوم 5 نوفمبر 1938 تحصل على التاج العالمي مع الارجنتين سنة 1978 وعمره 40 سنة. فرانز بكنباور: من مواليد 11 سبتمبر 1945 وتحصل على كأس العالم مع ألمانيا سنة 1990 وعمره 45 سنة. نجوم في اللعب والتدريب اقتربت أسماء العديد من الفرق العملاقة بانجازات مدربيها الذين تركوا بصماتهم واضحة وجليّة في السجلات الذهبية فنادي أوكسير الفرنسي كان مثالا للوفاء لمدربه المعروف «ڤيرو» الذي دخله كشاب سنة 1961 وحقه معه العديد من الانجازات التاريخية أما باريس سان جرمان فإن بدايته مع التتويج الاوروبي كانت مع مدربه الشاب لويس فرننداز. وتشهد الذاكرة الخصبة على الطريقة التي دخل بها الايطالي كابيلو عالم التدريب حيث خلف أريغو ساكي بنادي ميلانو وغامر به برلسكوني رئيس النادي في ذلك الوقت وأثمرت هذه المغامرة تتويجات بالجملة ونجاحات فريدة من نوعها لفابيو كابيلو وأنجبت الملاعب الهولندية نخبة من مشاهير الكرة نجحوا بعد تقاعدهم مباشرة من عالم التدريب وفي قائمة أنجب النجباء هناك بالخصوص كرويف الذي درّب في ظرف وجيز جدا أندية من الحجم الثقيل مثل أجاكس أمستردام وبرشلونة الاسباني الى جانب ڤوليت وخاصة ريشكارد الذي تشهد الذاكرة الخصبة على نجاحه في رفع كأس رابطة الابطال مع برشلونة الاسباني ضد ارسنال الانقليزي وهو في بداية الطريق وهذه مجرد أمثلة من العالم تؤكد القيمة الثابتة للمدرب الشاب وفاعلية أسلحته وأولها الطموح والديناميكية مع الالمام بالرسوم التكتيكية المعاصرة الى جانب اقترابه من اللاعبين بحكم التقارب في السن وما ينطوي على ذلك من تجاوب وتجانس. أمثلة عربية وافريقية الجيل الجديد من المدربين في القارة السمراء قادر على تحقيق المعجزات كلّما توفرت عوامل النجاح وفي القائمة نجد بالخصوص الغاني «جيا مغي» الذي حافظ الى يومنا هذا على رقمه القياسي المتمثل في الحصول على 3 كؤوس افريقية للأمم مع منتخب غانا والبداية كانت سنة 1963 عندما تحصل على اللقب القاري وعمره 30 سنة فقط وحافظ المنتخب الغاني على اللقب مع هذا المدرب في دورة تونس لسنة 1965 وبعد 17 سنة عاد الى منصة التتويج وفاز مع منتخب بلاده بالكأس للمرة الثالثة رغم منافسة أقوى المنتخبات الافريقية التي كانت تستورد الطاقم الاجنبي. وفي المرحلة الاخيرة تبلور هذا التوجه واقتنعت المنتخبات الافريقية بمنح الفرصة الكاملة للجيل الصاعد ففي مصر ظهر فاروق جعفر وحسن شحاتة الذي تألق كشاب وتوّج مسيرته بالحصول على اللقب الافريقي مع الفراعنة الذين فرضوا سيطرة مطلقة في المرحلة الاخيرة على الكرة الافريقية بقيادة «المعلم» حسن شحاتة كما نال رابح مادجر شرف تدريب المنتخب الجزائري وهو في بداية الطريق مع التدريب تماما مثل عبد الحق بن شيخة وفي المغرب شرّفت الجامعة الملكية الحارس العملاق بادو زاكي بمنحه تدريب المنتخب الأوّل في وسط العشرية الفارطة كما ظهر المهاجم الزمبي سابقا كالوتشا على رأس المنتخب الزمبي الأول. من الحلم الى الحقيقة المدرب الشاب في تونس له منزلة متميزة وعندما نعود الى الارشيف نكتشف أن أنديتنا تراهن على الشبان خاصة من أبناء النادي فعلى سبيل المثال تسلّم عبد المجيد الشتالي المقاليد التكتيكية للمنتخب سنة 1975 وهو شاب وكان النجاح حليفه بتصميم ملحمة الارجنتين بكل اقتدار ويكفيه فخرا أنه تنافس مع عمالقة التدريب في العالم وفرض عليهم أساليبه التكتيكية كما التحق يوسف الزواوي بالمنتخب وهو شاب إذ درّبه سنة 1984 وعمره لا يتجارز 38 سنة آنذاك فهو من مواليد 11 ديسمبر 1946 مع تحقيق العديد من الانجازات مع الفرق التي دربها بتونس والخارج تماما مثل فوزي البنزرتي الذي سطع نجمه في عالم التدريب وهو شاب وتحصل على عدّة ألقاب محلية ودولية فريدة من نوعها وهذه مجرّد أمثلة تؤكد ميل أنديتنا الى التعامل مع الطاقات الشابة القادرة على تحقيق الاضافة. ثورة الشباب في المواسم الأخيرة ظهر جيل جديد من المدربين المتميزين بالكفاءة والالمام بالرسوم التكتيكية المعاصرة والحديثة وفي القائمة نجد خالد بن يحيى الذي كانت بدايته مثمرة حيث درب العديد من الفرق الكبرى مثل الترجي الرياضي والنادي الصفاقسي ومستقبل المرسى وغيرها ورفع الثنائي مع فريق باب سويقة في موسم 2005/2006 وهذا التمشي عاد في الموسم الحالي بعودة نبيل معلول كما سبق لترجي جرجيس الصعود مرّة واحدة على منصة التتويج بحصوله على كأس تونس مع الشاب لسعد معمّر وتميّزت العديد من الاسماء الشابة بالكفاءة مع الأندية التي دربوها مثل خالد بن ساسي وفريد بن بلقاسم وطارق ثابت وشهاب الليلي ومحمد الكوكي وهذه مجرّد أمثلة من قائمة طويلة جدا للمدربين الناجحين. خارطة الطريق فكرة التعويل على الشبان تبلورت في المرحلة الاخيرة بصعود صاروخي لهذه الاسماء الواعدة خاصة بالفرق الكبرى حيث نجد المنذر الكبير بالنجم الساحلي ونبيل معلول بالترجي الرياضي وقيس اليعقوبي بالافريقي ونبيل الكوكي بالنادي الصفاقسي وماهر الكنزاري بالنادي البنزرتي وتتوخى بقية الفرق نفس المسلك وهي الأولمبي الباجي (سفيان الحيدوسي) وشبيبة القيروان (مراد العقبي) وترجي جرجيس (شهاب الليلي) وأمل حمام سوسة (سمير الجويلي) ومستقبل قابس (عادل السليمي) وقوافل قفصة (خالد بن ساسي) واختارت 3 فرق فقط من النخبة طاقما أجنبيا وهي مستقبل المرسى (بوشي) ونادي حمام الانف (دراغان) والملعب التونسي (لويغ) والأكيد أن ثمار التشبيب نلمسها في النتائج الايجابية للرباعي التونسي على الصعيد الافريقي. الطرابلسي بامتياز بداية الممرن سامي الطرابلسي مع المنتخب الوطني كانت مثمرة حيث رفعنا لأول مرّة لقب ال «شان» بامتياز وهذا النجاح فتح له أبواب المنتخب الاول. سفراء بامتياز رغم حداثة عهدهم بسلك التدريب فإن العديد من طاقاتنا الشابة أصبحت مطلوبة خاصة بالخليج العربي فالممرن أحمد العجلاني بشهادة الجميع من أفضل المدربين الذين دخلوا الى المملكة العربية السعودية كما حقق لطفي رحيم سابقا العديد من الانجازات خاصة مع المحرق البحريني كما ساهمت العديد من الاسماء في اثراء الكرة الخليجية مثل مراد العقبي وعبد الرزاق الشابي وكمال الشبلي وغازي الغرايري. والمعلوم أن سفراء تونس الذين ساهموا في تطوّر الكرة الخليجية وقاموا بتجارب ثرية وهم في طور الشباب مثل الشتالي والتليلي ويوسف الزواوي وفوزي البنزرتي وغيرهم.