لا جدل ولا اختلاف على ضرورة ان يتجه كل التونسيين الى العمل الجاد لإعادة عجلة الاقتصاد الى نسقها الطبيعي بما يخلق الظروف الملائمة لإنجاح الثورة والتأسيس لتجربة ديمقراطية ناضجة ومكتملة تستجيب لتطلعات الجميع. ولا جدل ولا اختلاف ان مختلف الشرائح الاجتماعية والقطاعات المهنية تملك اسئلة حارقة تحول دونها والانصراف الى العمل بجدّ وكدّ وراحة بال.. وينتظر من الحكومة المؤقتة ان تجيب عنها.. تماما كما ان الحكومة تملك من الجهة هواجس ومخاوف وتنتظر من الشعب ان يجيب عنها ويساعد على تبديدها.. والأكيد ان هذه الاجوبة برمتها سواء التي ينتظرها الشعب من الحكومة أو التي تنتظرها الحكومة من الشعب لن تنزل من السماء... بل ان الواجب الوطني يدعونا جميعا الى التعجيل بالبحث عنها وتفعيلها بما يساعدنا على تأمين ما حققته الثورة وما ينتظر الشعب تحقيقه من جهة وبما يساعدنا من جهة أخرى على سدّ المنافذ امام كل أنواع الانفلات او الانحراف التي يتهدد استقرار البلاد وأمنها... وهي انفلاتات وانحرافات لن يكون البناء ممكنا ما لم يتم استئصال أسبابها وتأمين البلاد من شرورها. نعم هناك قطاعات مهنية كانت مهمشة... نعم هناك شرائح كبيرة عانت من الاستغلال الفاحش والحرمان المقيت... وهذه وتلك لها تطلعات ومطالب مشروعة.. لكن هذا لا يجب ان يجعلها نغفل عن الأولويات.. وفي طليعتها واقع الجهات الداخلية المحرومة التي كانت صاعق الثورة الشعبية وحاضنتها... وهي تحتاج قبل غيرها الى أجوبة عن تساؤلاتها الكثيرة حول الفقر والحرمان وغياب الشعبية وحول تواصل هذه المشاهد البائسة في غياب شبه كامل لأجوبة واضحة ومقنعة... يمكن لو توفّرت أن تحفّز الناس الى مزيد الصبر والى مزيد من التضحية لو كان الأمر يتطلب بعض الصبر لبعض الوقت... وهو ما يجب حسب رأينا على الحكومة ان تتجه اليه لأن القعود والانتظار قد يفتحان الباب امام المجهول.. بإمكان الحكومة ان تتحرّك في هذا الاتجاه وذاك ومصارحة كل الفئات والجهات... وبإمكانها ايضا طرح كل الهواجس والمحاذير أمام الشعب... وهو ما سيبدّد كل المخاوف ويوفّر أجواء ايجابية تمكن من استغلال هذه الفسحة التي تفصلنا عن موعد الانتخابات في حلّ بعض الملفات العالقة وفي تهيئة الارضية للمرحلة القادمة.. وفي كل الأحوال فإن الانتظار ليس في صالح أحد... كما أن الفراغ لا يمكن ان يفتح الا على المخاطر والانحرافات.