في مثل هذا اليوم 12 سبتمبر الذي تلا يوم 11 سبتمبر وقبل أن يبدأ البحث في كارثة البرجين وجهت أصابع الاتهام إلى أفغانستان التي يحكمها طالبان والتي بدورها تحتضن القاعدة... كانت الصواريخ الأمريكية تعرف المكان وقد خزّنت بعد العنوان منذ إدارة كلينتون التي قصفت قواعد التدريب واستهدفت بن لادن نفسه ردا على تفجير السفارتين الأمريكيتين في عواصم افريقية... في احدى تصريحاتها المسجلة تقول كونداليزا رايس ان الرئيس بوش جمع مستشاريه وأهم وزرائه في اجتماع ساخن... وقد بدأ الاجتماع بالجغرافيا... خارطة كبيرة للتعرف على مكان أفغانستان... قالت رايس كانت بعيدة جدا ومحاطة بإيران وباكستان وروسيا وبعض دول الاتحاد السوفياتي سابقا وهذه الدول ليست لها علاقات جيدة مع الولاياتالمتحدة حتى يتيسّر ضرب أفغانستان... كان لابد من رد سريع يعيد الهيبة لأقوى دولة في العالم... طالبوا طالبان بتسليمهم بن لادن وفي الاثناء كانت الآلة العسكرية تدور بأقصى سرعة... دعي جنرال مقرب من مشرف إلى واشنطن وسلم له باول ورقة فيها عشرة استحقاقات أو مطالب من الحكومة الباكستانية... طالعها الجنرال ثم قال: سأطلع القيادة لنتفاوض معكم في الأمر... فرد عليه كولن باول: هذه ليست للتفاوض... إنها للتنفيذ فحسب وبعدها كان ما كان... العالم بأسره كان متعاطفا مع الولاياتالمتحدة فساندها في حربها على الارهاب في أفغانستان... هذا الاجماع الدولي الغربي بدا لبعض المقربين من بوش (شيني بيرل... فولفيتس رامسفيلد) فرصة ذهبية لطرق الحديد وهو ساخن واصابة عصفورين بحجر خطط جاهزة كانت في الدرج وحان وقت استغلال المناخ الدولي لتنفيذها... وشيئا فشيئا بدأ اسم العراق يبرز في الصورة... يقول محرر خطب الرئيس بوش إلى حدود 2003 أنه طلب منه في البداية أن يدمج اسم العراق في الخطب بدون ربط مباشر بين صدام و11 سبتمبر والارهاب وبن لادن... تأتي هذه الأسماء متتالية فحسب... تعويد الناس شيئا فشيئا على أن يقوموا آليا بالجمع بينها في أذهانهم... ثم طلبوا منه أن يربط بينها بشكل ايجابي... ثم جاء اليوم الذي قالوا فيه أن هناك علاقات وتنسيق بين العراق والقاعدة... نضجت الكذبة... حتى أن أغلبية الأمريكان كانوا إلى وقت قريب يعتقدون أن صدام هو الذي قام بتدبير كارثة 11 سبتمبر... ثم انه هناك نظرية تقول ان الكذبة إذا أعدتها أكثر من مرة وبإلحاح ينتهي الأمر بالرأي العام إلى تصديقها... البقية تعرفونها... غزو عاصمة عربية... خروج عن الشرعية... دمار وتفسخ كامل للعلاقات الدولية... والقادم أعظم. في مثل هذا اليوم 12 سبتمبر بعد كارثة البرجين بدأت الكوارث الأخرى، العالم يحكي رقم 11 باطناب ولا يحكي عما انجر عنه... يبكون على ضحايا البرجين ولا يبكون على ضحايا العراق رغم فارق العدد وضياع البلد والولد..