ليس من شك في أن جهودا كبيرة بذلت بعد يوم 14 جانفي 2011 للمحافظة على الثورة ولتحقيق أهدافها المتمثلة بالخصوص في اصلاح النظام السياسي والانتقال الى الحكم الديمقراطي. وقد أحدثت للغرض هيئات ولجان من بينها: 1 الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي التي أحدثت بالمرسوم عدد 6 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 13 المؤرخ في 1 مارس 2011 صحيفة 200. 2 اللجنة الوطنية لتقصي الحقائق حول الرشوة والفساد التي أحدثت بالمرسوم عدد 7 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 13 المؤرخ في 1 مارس 2011 صحيفة 201. 3 اللجنة الوطنية لاستقصاء الحقائق في التجاوزات المسجلة خلال الفترة الممتدة من 17 ديسمبر 2010 الى حين زوال موجبها التي أحدثت بالمرسوم عدد 8 لسنة 2011 المؤرخ في 18 فيفري 2011 والمنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 13 في 1 مارس 2011 صحيفة 203. 4 الهيئة الوطنية المستقلة لاصلاح الاعلام والاتصال التي أحدثها المرسوم 9 لسنة 2011 المؤرخ في 2 مارس 2011 والمنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 14 في 4 مارس 2011 صحيفة 225 نتيجة لحذف وزارة الاتصال بالأمر عدد 161 لسنة 2011 المؤرخ في 3 فيفري 2011 المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 9 المؤرخ في 4 فيفري 2011 صحيفة 171. 5 اللجنة الوطنية لاسترجاع الأموال الموجودة بالخارج والمكتسبة بصورة غير مشروعة التي أحدثت بالمرسوم عدد 15 لسنة 2011 المؤرخ في 26 مارس 2011 والمنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 21 المؤرخ في 29 مارس 2011 صحيفة 384. 6 الهيئة العليا المستقلة للانتخابات المحدثة بالمرسوم عدد 27 لسنة 2011 المؤرخ في 18 أفريل 2011 والمنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 27 المؤرخ في 19 أفريل 2011 صحيفة 488. وقد اتحدت هذه الهيئات واللجان في اتاحة منبر سياسي للمنتمين اليها ولضيوفها لابداء الرأي والرأي المخالف والتعبير عما يخالج النفس بكل حرية عند القيام بالمهام الموكولة اليهم. واعتبارا لموضوع الدراسة وهو بدائل المجلس التأسيسي المنتظر وانتخابه يوجه الاهتمام الى العمل المتعلق بهذا الميدان الذي قامت به الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي باعتبارها الهيئة المعهود لها بالسهر على دراسة النصوص التشريعية ذات العلاقة بالتنظيم السياسي واقتراح الاصلاحات الكفيلة بتجسيم أهداف الثورة بخصوص المسار الديمقراطي. ومن الثابت في هذا المعنى أن أبرز عمل قامت به الهيئة العليا المذكورة يتمثل في مشروع القانون الانتخابي الذي أضفى عليه الشرعية الرئيس المؤقت للدولة باصدار المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المؤرخ في 10 ماي 2011 المتعلق بانتخاب المجلس الوطني التأسيسي المنشور بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية عدد 33 المؤرخ في 10 ماي 2011 صحيفة 547. وبالرجوع الى ديباجة هذا المرسوم يتضح: 1 أن أحكام المرسوم المتعلق بانتخاب المجلس التأسيسي هي نتيجة لتوافق يقضي بوجوب تطبيق هذه الأحكام على انتخاب المجلس الوطني التأسيسي المنتظر. 2 أن أحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2011 تكفل انتخابات ديمقراطية وتعددية وشفافة ونزيهة. 3 أن قانون الانتخابات السابق لم يكفل ما سيكفله تطبيق أحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2011 وهي انتخابات ديمقراطية وتعددية وشفافة ونزيهة. ولمعرفة هل يحقق فعلا القانون الذي أعدته اللجنة العليا لتحقيق أهداف الثورة والاصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي المتعلق بانتخاب مجلس دستوري جديد ما يرجى منه وما تضمنته ديباجة المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المتعلق بالانتخابات من حقائق مرة واعترافات جريئة مفادها أن المرسوم صدر ليقطع مع النظام السابق المبني على الاستبداد وتغييب ارادة الشعب بالبقاء غير المشروع في السلطة وتزوير الانتخابات يتعين الرجوع أولا الى الأحكام المتعلقة بانتخاب المجلس التأسيسي القديم التي اعتبرها المرسوم عدد 35 لسنة 2011 المذكور لم تكفل انتخابات ديمقراطية تعددية وشفافة ونزيهة ومقارنتها ثانيا بمثيلتها المؤمل تطبيقها لانتخاب مجلس تأسيسي جديد وذلك للوقوف على الفرق الموجود بين أحكام انتخاب المجلس التأسيسي الأول وما حققه تطبيقها وأحكام انتخاب المجلس التأسيسي المنتظر وما سيحققه عند الاقتضاء تطبيقها. وعليه يقع التطرق على التوالي وبإيجاز الى الأحكام المطبقة على انتخاب المجلس التأسيسي القديم أولا والى الأحكام التي ستطبق على انتخاب المجلس التأسيسي المنتظر ثانيا . أول مجلس تأسيسي لقد أحدث المجلس التأسيسي الذي عرفته البلاد التونسية لأول مرة الأمر المؤرخ في 29 ديسمبر 1955 المنشور بالرائد الرسمي التونسي المؤرخ في 30 ديسمبر 1955 صحيفة 2493. وتولى الأمر المذكور استدعاء المجلس التأسيسي ليوم 8 أفريل 1956 لسن دستور المملكة وقد اختار التاريخ تخليدا لأحداث 8 و9 أفريل 1939 للمطالبة ببرلمان تونسي وأصبح بعد ذلك عيد الشهداء يوم 9 أفريل. كما تقرر أن يقع انتخاب المجلس التأسيسي حسب الاقتراع العام المباشر السري طبق شروط قانون انتخابي يصدر في ما بعد. يتبع