بقلم : عبد الرحمان مجيد الربيعي اذا كانت السياسة لا اتفاق عليها والآراء فيها تتعدد فإن الفن العراقي المتميز وجهده الذي يتفق عليه الجميع، هذه حقيقة أكيدة أقولها وأنا أنفرد في تأملاتي مع أعمال خمسة فنانين عراقيين يقيمون في تونس ويساهمون في الحركة الفنية فيها تدريسا أو اشتغالا والفنانون هم: د. خالدة العبيدي، علي رضا سعيد، د. عبد الجبار النعيمي، سعد القصاب ومحمد الأدهمي. علما أن هناك فنانين تشكيليين عراقيين يقيمون في تونس، وقد اكتشفت صدفة أن أحد كبار التشكيليين العراقيين يقيم في تونس وهو الصديق يحيى الشيخ الذي وزع سنوات هجرته بين عدد من البلدان العربية والبحرين بشكل خاص ثم الاردن. المعرض أقيم في قاعة نور بشارع البحيرة وهي القاعة التي أتعرف عليها للمرة الاولى اذ تتوفر فيها المساحة الكبيرة لعرض الأعمال في الرسم والنحت. أقامت المعرض السفارة العراقية بتونس التي أصبح على رأسها الاستاذ سعد جاسم الحيّاني الذي عرف بقدرته على ربط الأواصر وتجلى هذا من خلال عمله في احدى السفارات العراقية المهمة بالعاصمة الأردنية عمان التي يقيم بها وفي مدن أردنية أخرى عشرات الألوف من العراقيين المختلفي الاهواء والمشارب. في «الفولور» الخاص بالمعرض ثلاثة آراء أولها للسفير العراقي ومما جاء فيه: (وإذ تقيم السفارة العراقية في تونس هذا المعرض لمجموعة من الفنانين العراقيين المقيمين في تونس انما تقدم صورة للفن العراقي التشكيلي الذي صار في طليعة الاعمال الفنية العربية آملين أن تكون إقامة هذا المعرض بداية لنشاطات ثقافية وفنية عراقية وأن نقدم لإخواننا في تونس صورة عن الفن العراقي المعاصر). أما الناقد والفنان التشكيلي التونسي المعروف د. الحبيب بيدة الاستاذ في المعهد العالي للفنون الجميلة فقد ورد في كلمته قوله: (مما لا شك فيه ان للفنانين التشكيليين العراقيين حضورا قويا في الحركة التشكيلية العربية المعاصرة بعد أن كانت لهم الريادة في العديد من الاتجاهات والمفاهيم الفنية التي كان لها تأثير عبر استمرارها لآثار وأدوات مبدعي سومر وبابل ونينوى ومن بعدهم مبدعي العصر العباسي الذين كان أبرزهم المصور الخطاط يحيى الواسطي. والفنانون الذين اختاروا اليوم عرض أعمالهم ليسوا سوى حلقة في سلسلة الفن العراقي الحديث والذي لازال فنانوه التشكيليون يبحثون عن القيم المعرفية والجمالية الجديدة). أما علي رضا سعيد أحد الفنانين الخمسة المشاركين في المعرض فيصف الأعمال بأنها (تنفتح على التراث العربي والانساني وعلى أزمنة وأمكنة عديدة تتداخل وتتشابك مع لحظة الفعل الفني في سبيل إقامة حوار خفي بين الماضي والحاضر وإحداث توازنات ومتوازيات متنوعة تكسب العمل الفني المزيد من الحيوية والحضور الخلاق). ومن أجل استكمال التعريف بالفنانين المشاركين ضمّ «الفولور» أو (المطويّة) كما يقال في تونس معلومات عن كل فنان وهي على قصرها تبدو وافية لا سيما أنها مرفقة بنماذج مصورة لبعض أعماله وبالألوان. ونقول إن هذا المعرض يحتاجه متابعو ومحبّو الفن التشكيلي في العراق الذين يضمرون المحبة والتقدير لتراث هذا البلد العريق الذي تعرّض الى ما لم يتعرّض إليه شعب، ولذا يعمل على إعادة توازنه ويلعب الأدباء والفنانون دورا كبيرا في هذا. ورغم كل ما مرّ فإنّ حيوية العراقيين لم تغادرهم ومازالوا شعبا ذواقا مبدعا والدليل في هذا الكم من الأعمال الأدبية التي يتوالى صدورها سواء من العراق أو من خارجه، كما أن الفن التشكيلي يواصل تألقه ودائما هناك معارض تقام في العراق أو خارجه في قاعات العرض التي أنشأها العراقيون في عمان ودمشق ولندن وأمريكا وبعض البلدان الاسكندنافية. هذا عدا المسرحيات المتميزة التي تحصد الجوائز في مهرجانات المسرح العراقية والعربية. إنه العناد الذي يتسلح به المبدع العراقي ومرده لإيمانه بوطنه وطاقات شعبه في البذل والعطاء حتى في أكثر سنوات المحنة حلكة. نتمنى أن نرى لقاءات أدبية عراقية وعروضا مسرحية ومعارض رسم أخرى تقام في مدن تونس المحبة للعراق، تونس التي تعيش سنوات انتظرتها وأياما كم ضحّت من أجلها من أجل أن يكتمل نورها الدافق.