البنزرتي يعزّز صدارته والتعادل يحكم دربي الساحل    النادي البنزرتي يفك الشراكة مع الاولمبي الباجي.. ترتيب مجموعة تفادي النزول من البطولة الوطنية    أريانة: إيقاف 4 مجرمين خطيرين    نابل : تفكيك وفاق إجرامي مختص في تنظيم عمليات الإبحار خلسة والسرقة.    اخصائيون في علم النفس يحذرون من "مدربي التنمية البشرية"    وفاة 14 شخصا جرّاء فيضانات في أندونيسيا    تالة القصرين : الإحتفاظ بمروجي مخدرات وحجز قطع مختلفة الأحجام من مخدر القنب الهندي.    غدًا الأحد: الدخول مجاني للمتاحف والمعالم الأثرية    غدا الأحد.. الدخول إلى كل المتاحف والمعالم الأثرية مجانا    روسيا تُدرج الرئيس الأوكراني على لائحة المطلوبين لديها    4 ماي اليوم العالمي لرجال الإطفاء.    تمّ التحوّز عليه منذ حوالي 8 سنوات: إخلاء مقر المركب الشبابي بالمرسى    صفاقس :ندوة عنوانها "اسرائيل في قفص الاتهام امام القضاء الدولي    المدرسة الابتدائية 2 مارس 34 بالسرس: يوم تحسيسي تثقيفي حول داء الكلب    عروضه العالمية تلقي نجاحا كبيرا: فيلم "Back to Black في قاعات السينما التونسية    أهالي العامرة وجبنيانة يحتجّون مطالبين بترحيل المهاجرين    إنتخابات الجامعة التونسية لكرة القدم: لجنة الاستئناف تسقط قائمتي التلمساني وبن تقية    نابل: انتشار سوس النخيل.. عضو المجلس المحلي للتنمية يحذر    قابس: انتعاشة ملحوظة للقطاع السياحي    عاجل/ تلميذة تعتدي على أستاذها بشفرة حلاقة    منع مخابز بهذه الجهة من التزوّد بالفارينة    عدد من المهاجرين الأفارقة يفرون من حافلة كانت تقلّهم باتجاه الكاف وجندوبة    استثمارات بقرابة 2 مليار دينار طيلة الربع الأول من العام الحالي    بطولة الكرة الطائرة: الترجي الرياضي يواجه اليوم النجم الساحلي    جندوبة: احداث لجنة جهوية لمتابعة سير موسم الحصاد وتجميع الحبوب    «لارتيستو» الممثل صابر الوسلاتي ل«الشروق» «رقوج» رسالة في مواصفات الممثل الحقيقي !    لهذا السبب.. كندا تشدد قيود استيراد الماشية الأميركية    القصرين: حجز بضاعة محلّ سرقة من داخل مؤسسة صناعية    الثنائية البرلمانية.. بين تنازع السلطات وغياب قانون    عاجل/ القبض على شاب شوّه وجه عضو مجلس محلي بهذه الحهة    القبض على امرأة محكومة بالسجن 295 عاما!!    هام/ التعليم الأساسي: موعد صرف مستحقات آخر دفعة من حاملي الإجازة    التوقعات الجوية لليوم    "سينما تدور".. اول قاعة متجوّلة في تونس والانطلاق بهذه الولاية    تونس تعول على مواردها الذاتية.. تراجع الاقتراض الخارجي بنحو الثلث    وفاة أحد أهم شعراء السعودية    أوجيه ألياسيم يضرب موعدا مع روبليف بنهائي بطولة مدريد المفتوحة للتنس    دولة أوروبية تتهم روسيا بشن هجمات إلكترونية خطيرة    فتحي عبدالوهاب يصف ياسمين عبدالعزيز ب"طفلة".. وهي ترد: "أخويا والله"    قتلى ومفقودون في البرازيل جراء الأمطار الغزيرة    "التعويل على اطار فني تونسي على راس منتخب الاكابر هو الحل الامثل" (المدير الفني للجامعة التونسية لكرة اليد)    وزارة الفلاحة ونظيرتها العراقية توقعان مذكرة تفاهم في قطاع المياه    بطولة القسم الوطني "أ" للكرة الطائرة(السوبر بلاي اوف - الجولة3) : اعادة مباراة الترجي الرياضي والنجم الساحلي غدا السبت    الرابطة 1- تعيينات حكام مقابلات الجولة السادسة لمرحلة التتويج    رئيس اللجنة العلمية للتلقيح: لا خطر البتة على الملقحين التونسيين بلقاح "أسترازينيكا"    القصرين: اضاحي العيد المتوفرة كافية لتغطية حاجيات الجهة رغم تراجعها (رئيس دائرة الإنتاج الحيواني)    إفتتاح مشروع سينما تدور    المدير العام للديوانة يتفقّد سير عمل المصالح الديوانية ببنزرت    فيلا وزير هتلر لمن يريد تملكها مجانا    إنه زمن الإثارة والبُوزْ ليتحولّ النكرة إلى نجم …عدنان الشواشي    حجز 67 ألف بيضة معدّة للإحتكار بهذه الجهة    مواطنة من قارة آسيا تُعلن إسلامها أمام سماحة مفتي الجمهورية    التلقيح ضد الكوفيد يسبب النسيان ..دكتور دغفوس يوضح    دراسة صادمة.. تربية القطط لها آثار ضارة على الصحة العقلية    خطبة الجمعة ..وقفات إيمانية مع قصة لوط عليه السلام في مقاومة الفواحش    ملف الأسبوع .. النفاق في الإسلام ..أنواعه وعلاماته وعقابه في الآخرة !    العمل شرف وعبادة    موعد عيد الإضحى لسنة 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



علي الهرابي ل «الشروق»: يجب مراجعة النصوص القانونية للعفو العام
نشر في الشروق يوم 29 - 06 - 2011

أقر المرسوم عدد 1 لسنة 2011 المؤرخ في 19 فيفري 2011، مبدإ العفو التشريعي العام على كل من حكم من أجل قضية سياسية كما أقر المرسوم مبدأ حق العودة إلى العمل وفي طلب التعويض.
غير أن الاجراءات العملية كانت مخالفة لهذا المرسوم.
المرسوم بقي حبرا على ورق في نظر «المتضررين المنتفعين» وربما زادت معاناتهم بينما دعت جهات حقوقية وأطراف إلى تفعيل العفو التشريعي العام باعتباره حقا مدنيا ومكسبا ثوريا.
وقد تحول موضوع تفعيل العفو التشريعي العام إلى هاجس حقوقي ومشغل قانوني لعديد الأطراف القانونية والحقوقية والنقابية ناهيك عن انشغال الآلاف المعنيين بهذا العفو.
وللوقوف على رأس هذا الموضوع وقصد استقراء المرسوم بأكثر شمولية والبحث في فعالياته وسبل تفعيله والنظر، «الشروق» اتصلت بالأستاذ علي الهرابي المحامي لمزيد لتعمّق في المبحث القانوني والمشغل الاجتماعي الذي انتقل من الندوات والمجالس إلى الشوارع للمطالبة بتفعيله تجسيما لمكاسب الثورة.
المرسوم عدد 1 لسنة 2011 المتعلق بالعفو العام وحق التعويض
ينطلق الأستاذ علي الهرابي بداية من الفصل الأول من المرسوم ليوضح انه «ينتفع بالعفو العام كل من حكم عليه أو كان محل تتبع قضائي لدى جميع المحاكم قبل 14 جانفي 2011 من أجل جرائم عدة تعلقت خاصة بقوانين الأحزاب والصحافة وقانون الارهاب وقانون التجمهر والمواكب والاستعراضات وقانون الجمعيات وبعض القوانين الواردة بمجلة الاجراءات الجزائية ومجلة المرافعات والعقوبات العسكرية ومجلة الشغل».
كما ينص الفصل الثاني من نفس المرسوم على أنه لكل من سيشمله العفو العام الحق في العودة إلى العمل وفي طلب التعويض علىأن يقع النظر في مطالب التعويض وفق إجراءات يحددها إطار قانوني خاص». وهذا الامر من شأنه عرقلة تفعيل المرسوم في نظر الاستاذ الهرابي الذي يشير الى انه «على حد علمنا هذا الإطار القانوني الخاص مازال لم يصدر».
ووصف الجانب المتعلق بالتعويض لفائدة المتمتعين بالعفو العام بأنه «يتسم بالضبابية وعدم الوضوح إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وأن المسألة تعود من 14 جانفي 2011 إلى الوراء لتصل إلى تاريخ استقلال تونس». ليفتح الاستاذ الباب على مصراعيه امام قائمة آلاف المتضررين متسائلا «ما مصير المتضرر الذي وقع الاعتداء عليه وعلى كرامته وعجز عن اللجوء إلى القضاء بسبب تسلط وتنفذ المعتدين وكيف سيعود الموظف الذي تجاوز سن الوظيفة العمومية إلى الوظيفة العمومية ؟ وهل الضرر يشمل غرامة التعويض فقط أم انه يشمل الجراية التي حرم منها الموظف العمومي بهتانا وحيفا ؟ وهل المتضرر الذي توفي يمكن لورثته الحلول محله في طلب التعويض؟ وهل المتضرر من قرار إداري غير شرعي وقع إعلامه به وفات أجل الطعن فيه لا يحق له طلب التعويض؟
وهذه أسئلة وإشكاليات متعددة طرحها المرسوم المتعلق بالضد العام لن تجد إجابة إلا بالتعرض إلى ثلاثة محاور هامة :
-المحور الأول - ويتعلق بالإطار القانوني العام لطلب التعويض .
-المحور الثاني - الإشكاليات المتعلقة بطلب التعويض .
-المحور الثالث – الحلول الممكنة لتكريس تعويض عادل .
أولا – الإطار القانوني العام لطلب التعويض
ويؤكد الاستاذ المحامي أن هناك أسسا قانونية عديدة مفتوحة للمتضرر لطلب التعويض وهي عبارة عن تكملة لما اقره المرسوم المتعلق بالعفو العام في خصوص التعويض الوارد بالفصل الثاني منه ومن أهم هاته الأسس نذكر ما يلي :
1 - طلب التعويض على أساس القانون ع94 دد لسنة 2002 مؤرخ في 29/10/2002 يتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم للرائد الرسمي المؤرخ في 1/11/2002 صفحة ع2751 دد.
يتمتع بالتعويض المادي والمعنوي كل من صدر في شأنه قرار بحفظ التهمة أو حكم بالبراءة بوجه بات ( الفصل 1)
يجب أن يرفع مطلب التعويض خلال أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ صيرورة القرار أو الحكم المحتج به باتا وإلا سقط حقه في التتبع (الفصل 3 ).
تختص محكمة الاستئناف بتونس بالنظر في مطالب التعويض (الفصل 5 ).
يرفع مطلب التعويض إلى كتابة المحكمة بواسطة محام وعلى الطالب استدعاء المكلف العام بنزاعات الدولة في أجل لا يقل عن 60 يوما قبل تاريخ الجلسة (الفصل 6 ).
الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف قابل للطعن أمام محكمة التعقيب في ظرف عشرين يوما من تاريخ الإعلام به والتعقيب يوقف التنفيذ (الفصل 8).
يمكن للمحكمة بطلب من المتضرر الإذن بنشر مضمون الحكم الصادر بالتعويض بصحيفتين يوميتين صادرتين بالبلاد التونسية يختارهما طالب التعويض (الفصل 13).
لا تنطبق أحكام هذا القانون على القرارات والأحكام الباتة الصادرة بالبراءة قبل تاريخ نفاذه (الفصل 15).
2- طلب التعويض على أساس القانون ع40دد لسنة 1972 المؤرخ في 1 جوان 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية :
لا شك وأن أغلب ضحايا النظام السابق هم من الموظفين العموميين الذين كانوا ضحية قرارات إدارية غير شرعية جعلتهم محرومين من عملهم وجرايتهم ظلما وبهتانا إما لإنتماءات سياسية أو لنشاطات حزبية وخاصة نقابية وفيما يلي أسس التعويض المتاحة لهم :
الفصل 17 جديد من قانون 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية الذي جاء فيه «تختص الدوائر الابتدائية (بالمحكمة الإدارية ) بالنظر ابتدائيا في الدعاوي الرامية إلى جعل الإدارة مدينة من أجل أعمالها الإدارية غير الشرعية ..».و هذا معناه أن كل قرار إداري تثبتت عدم شرعيته بموجب قرار صادر عن المحكمة الإدارية عملا بأحكام الفصل 3 الذي ينص على أن «المحكمة الإدارية تختص بالنظر في دعاوي تجاوز السلطة التي ترفع لإلغاء المقررات الصادرة في المادة الإدارية»، يفتح الباب أمام المتضرر لطلب التعويض على معنى الفصل 17 من قانون المحكمة الإدارية لسنة 1972.
الفصلين 9 و10 من قانون 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية، فالفصل 9 ينص على انه «يوجب قرار الإلغاء على الإدارة إعادة الوضعية القانونية التي وقع تنقيحها أو حذفها بصفة كلية «وقد ثبت وان عديد الموظفين الذين وقع عزلهم من عملهم لأسباب عدة وصدرت قرارات إدارية بعدم شرعية تلك القرارات إلا أن الإدارة رفضت إعادتهم لعملهم وبالتالي رفضت تنفيذ القرارات الصادرة عن المحكمة الإدارية وهو ما يفتح الباب لأولئك الموظفين للمطالبة بالتعويض عملا بأحكام الفصل 10 الذي جاء فيه أنه «يعتبر عدم التنفيذ المقصود لقرارات المحكمة الإدارية خطأ فاحشا معمًرا لذمة السلطة الإدارية المعنية بالأمر». ويكفي هنا للمتضرر في جميع الحالات السابقة اللجوء إلى المحكمة الإدارية لطلب التعويض اعتمادا على الفصل 2 من قانون 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية «في جميع النزاعات الإدارية ...».
3 طلب التعويض عن الأضرار الناجمة عن أحكام قضائية عدلية : مطالب التماس اعادة النظر ودور وزير العدل.
يقول الهرابي إن مطالب التماس إعادة النظر وردت في الباب الثاني من الكتاب الثالث من مجلة الإجراءات الجزائية المتعلق بطرق الطعن غير العادلة ونظمته الفصول 277 إلى 283 فهو مطلب لا يقبل إلا لتدارك خطإ مادي تضرر منه الشخص المحكوم عليه من أجل جنحة أو جناية حسب منطوق الفصل 277 من مجلة الإجراءات الجزائية الذي وضع أربع حالات يجوز على أساسها رفع مطلب إعادة النظر تتعلق الحالات الثلاث الأولى بظهور وقائع لم تكن معلومة وقت المحاكمة من شأنها تبرئة المتهم.
ولكن ولئن خوُل المشرع لوزير العدل والمحكوم عليه أو زوجته بعد وفاته أو من يمثله قانونا إذا كان عديم الأهمية تقديم مطلب إعادة النظر حسب الفقرة الأولى 1 و2و3 من الفصل 278 من مجلة الإجراءات الجزائية، فإن الحالة الرابعة التي وردت بالفصل 277 المتعلقة بظهور وقائع لم تكن معلومة زمن المحاكمة من شأنها تبرئة المتهم قد تم إسناد تقديم مطلب إعادة النظر فيها إلى وزير العدل وحده حسب منطوق الفقرة 2 من الفصل 278 من مجلة الإجراءات الجزائية التي جاء فيها.
والسؤال المطروح هنا: إذا كان للمتضرر الحق في التعويض إذا صدر حكم ببراءته أو حفظت في جانبه التهمة على معنى قانون 29/10/2002 السالف الذكر، وإذا كان للمتضرر الحق في التعويض بعد تقديم مطلب إعادة النظر على معنى الفصل 277 وما بعده من مجلة الإجراءات الجزائية إذا اكتشف وثائق جديدة تثبت براءته، فهل يحق للمتضرر، من حكم قضائي جائر أثبتت وقائع جديدة أن هناك رشوة أو محاباة لطرف فيه متنفُذ سياسيا في عهد النظام السابق؟
عن هذه الاشكالية يجيب الاستاذ علي الهرابي بأن الإمكانية القانونية موجودة ولكن لا يمارسها إلا وزير العدل ووفق أسس وحالات قانونية محددة لكن لماذا وزير العدل فقط ؟
واقعيا وحسب توضيح الاستاذ المحامي فإن وزير العدل هو الوحيد القادر على كشف الملفات التي وقعت فيها رشوة ومحاباة لمتنفذين وغير متنفذين في السلطة السابقة أدت إلى صدور حكم غير شرعي تضرر منه شخص فهو الوحيد القادر على كشف واثبات الرشوة والتدخل في القضاء على خلاف المواطن .
أما قانونيا فالمواطن لا يمكنه طلب التعويض لضرر ناجم عن حكم قضائي فيه رشوة أو تدخل من السلطة إلا بعد اثبات ذلك وتقديم مطلب التماس إعادة النظر على معنى الفصل 277 وما بعده من مجلة الإجراءات الجزائية وصدور حكم لفائدته هذا إضافة إلى أن حالة الرشوة والتدخل من السلطة في القضاء لا تندرج ضمن الحالات التي عددها الفصل 277 من مجلة الإجراءات الجزائية للمتضرر التي تخوُل له طلب إعادة النظر والمتعلقة باكتشاف وثائق أو ثبوت زور كان مؤثر على الحكم ومفقودة وغير معلومة زمن صدوره.
ثانيا الإشكاليات المتعلقة بطلب التعويض على معنى المرسوم المتعلق بالعفو العام .
ويرى في هذا الصدد أن الحق في التعويض والعودة للعمل هما أهم ما جاء به المرسوم المتعلق بالعفو العام صلب فصله الثاني إلا أن هناك إشكالات وتساؤلات تطرح في هذا الإطار خاصة وأن المرسوم تحدث عن الذين تضرروا قبل 14 جانفي 2011 وبمعنى آخر إلى حدود استقلال الدولة التونسية .
لذلك ارتأينا طرح جميع الإشكاليات والتساؤلات التي تمحورت حول نقاط عدة أهمها :
1 المتضرر الذي يحق له طلب التعويض:
تحدث المرسوم فقط عن الأشخاص الذين تضرروا من محاكمات سابقة ل 14/1/2011 عددها الفصل 1 من المرسوم إلا أن الأشخاص الذين لم يحاكموا ولكنهم تضرروا سواء بالتعدي على كرامتهم وحريتهم وشرفهم وعائلاتهم ولم يستطيعوا القيام بدعاوي بسبب الخوف من مواجهة سياسيين أو متنفذين أو مسؤولين.
فهؤلاء لم يقع ذكرهم ولم يخول لهم طلب التعويض والحال كان من الضروري الاهتمام بحالاتهم وأوضاعهم لأنهم عانوا ظلما لم يستطيعوا ولم يجدوا من يدافع عنهم .
2 هل يحق لورثة المتضررين المتوفين طلب التعويض:
يمثل هذا الاشكال مشكلة عويصة لعدد كبير من المتضررين. ويرى الاستاذ علي الهرابي أن فيه أيضا فراغا قانونيا. وقال ان هناك أشخاصا حوكموا ظلما وبهتانا من اجل جرائم سياسية وتوفوا تحت التعذيب إلا أن المرسوم تحدث عن طلب التعويض فقط للأشخاص الذين شملهم العفو دون تحديد لأن فيهم من مات.
وكان الأجدر كما يقول الاستاذ التنصيص على حلول الورثة محل المتضررين المتوفين الذين سجنوا أو عذبوا وفق أحكام جائرة خاصة وأن الفصل 2 من قانون 29/10/2002 المتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم قد نص على انه «ينتقل حق التعويض عند وفاة صاحب الحق إلى القرين والأبناء والوالدين فقط .»
مشكلة الآجال القانونية ومجال التعويض
«إن الظلم والظلمات ممتدة في تاريخ تونس ويمكن أن تعود إلى الستينات كما يمكن أن تنقضي الآجال المحددة للطعن في القرارات الإدارية إلى حرمان المتضرر من التعويض وهذه بعض الصور التي يقدمها الأستاذ»:
الفصل 3 من قانون 29/10/2002 المتعلق بالتعويض للموقوفين والمحكوم عليهم الذين ثبتت براءتهم جاء فيه « يرفع طلب التعويض خلال اجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ صدور القرار أو الحكم المحتج به باتا وإلا سقط الحق .»
المتضررون من قرارات إدارية غير شرعية وقع إعلامهم بها ولكنهم لم يقوموا خلال شهرين بتقديم دعوى في الإلغاء عملا بأحكام الفصل 3 من قانون 1972 المتعلق بالمحكمة الإدارية الأمر الذي أدى إلى فوات أجل الطعن .
مشكلة مجال التعويض بالنسبة الى الموظف العمومي هل يقتصر فقط التعويض عن الأضرار اللاحقة به أم يشمل أيضا الحصول على جرايته التي حرم منها طيلة سنوات عدة.
مشكلة عودة الموظف العمومي الذي تجاوز سنه سن الوظيفة العمومية فهل يمكنه العودة إلى عمله أم انه يتمتع بالتقاعد وبالتعويض وبجرايته التي حرم منها طيلة إيقافه عن العمل.
معوقات حق التعويض... وحلول الاشكال
يعود بنا الاستاذ إلى المرسوم المتعلق بالعفو العام ملاحظا انه أخضع طلب التعويض إلى إجراءات وصيغ يحددها إطار قانوني خاص حسب الفصل 2 منه كما وضع هيئة تتألف من الرئيس الأول لمحكمة التعقيب وعضوين من أقدم رؤساء الدوائر بها وبحضور ممثل النيابة العمومية لديها ترفع لديها كل خلاف حول تطبيق المرسوم حسب منطوق الفصل 3 منه الذي أضاف انه على كل من يهمه الأمر أن يرفع الدعوى بمقتضى مطلب كتابي مصحوب بما لديه من مؤيدات.
كما أضاف الفصل 3 انه على رئيس الهيئة أن يحيل الملف حالا إلى وكيل الدولة العام لدى محكمة التعقيب ليقدم طلباته في أجل أقصاه عشرة أيام وتبت الهيئة المذكورة في الموضوع خلال أجل لا يتجاوز الشهر من تاريخ تقديم الطلبات وقرارات تلك الهيئة لا تقبل الطعن بأي وجه . كما أضاف الفصل 4 من المرسوم أنه في صورة حصول الخلاف المنصوص عليه بالفصل 3 من المرسوم أمام سلطة قضائية، فإن تقديم المطلب الكتابي يستوجب توقيف النظر في الأصل إلى أن يقع البت في ذلك الخلاف من قبل الهيئة المذكورة .
وبما أن الإطار القانوني الخاص الذي يحدد إجراءات وصيغ طلب التعويض على معنى المرسوم المتعلق بالعفو العام وجب علينا اقتراح الحلول الممكنة لتجاوز العوائق المتعددة لطلب التعويض عملا بالمرسوم المتعلق بالعفو العام وتتلخص الحلول التي يجب أن يتخذها الإطار الخاص الذي سيحدد إجراءات وصيغ طلب التعويض عن معنى المرسوم السالف الذكر تتمثل في :
يجب تجاوز عائق الآجال التي يؤدي اعتمادها إلى حرمان العديد من المتضررين من الحق في التعويض إذ لا يمكن الحديث عن حق لا وجود ولا نفاذ له .
يجب فتح مجال طلب التعويض للمتضررين من جرائم مورست عليهم وعجزوا نتيجة القهر والظلم على تقديم دعاوى.
يجب تخويل الورثة من طلب التعويض في حق المتضررين المتوفين .
يجب تمتيع الموظفين من تعويض عن ضررهم وكذلك جراياتهم التي حرموا منها وذلك بالنسبة إلى اللذين مازال لهم الحق في العودة إلى وظيفتهم أما الذين تجاوزوا سن الوظيفة العمومية فلهم تلك الحقوق مع حق التقاعد .
يجب أن يشمل التعويض الضرر المادي والمعنوي وان تكون المبالغ المحكوم بها للمتضررين عادلة متماشية مع ما عانوا من قهر وظلم وحرمان .
يجب تكوين صندوق لمساعدة المتضررين ماديا للتقاضي في سبيل الحصول على تعويض عن ما لحقهم من ضرر.
تفعيل عاجل
وفي ختام تحليله القانوني، يرى الاستاذ علي الهرابي المختص في القانون الدولي العام والقانون الدولي الإنساني، أن التعويض عن الظلم السياسي أو القضائي لم يكن بدعة تونسية جاء بها المرسوم المتعلق بالعفو العام إذ نصت عليه عديد المواثيق الدولية والقوانين الخاصة الأجنبية لعل أهمها المادة 14 فقرة 6 من العهد الدولي الخاص من الحقوق المدنية والسياسية والمادة 10 من الاتفاقية الأمريكية والمادة 75 من النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والفصل 626 من مجلة الإجراءات الجزائية الفرنسية والفصل 620 من مجلة الإجراءات الجزائية الاسبانية والفصل 443 من مجلة الإجراءات الجزائية البلجيكية والفصل 690 من المجلة الجنائية الكندية .
فهل سيتم الاسراع بتفعيل المرسوم وازالة المعوقات التي تحول دون الاستفادة منه وهل تتم مراجعة شروط الانتفاع لتشمل الأرامل والايتام ومن لم يحاكموا. وهل يتم التوصل الى حل قريبا. تحقيقا لأهداف الثورة وحقنا للمسيرات والتحركات الاحتجاجية التي بدأت تملأ الشوراع...ربما بات على الحكومة المؤقتة مزيد التعمق في القضية بالتشاور مع أخصائيي القانون والقضاة والمنظمات الحقوقية والنقابات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.