بعد ان تم فتح اليمن ولى صلاح الدين عليها اخاه توران شاه ثم اخاه طغتكين ابن ايوب الذي بقي فيها حتى مات سنة 593 هجري وتولى ولاة الايوبيين على اليمن ما يقارب اكثر من ثمانين عاما من عام 569 هجري حتى عام 652 هجري . وفي العام الذي تم فيه فتح اليمن استطاع صلاح الدين ان يفتح برقة وطرابلس والجزء الشرقي من تونس الى مدينة قابس وكان ذلك سنة 569 هجري . وفي عام 579 هجري استدعى صلاح الدين اخاه الملك العادل لحضور المؤتمر الاسلامي الذي عقده في دمشق لسفراء الامراء المسلمين ومنهم شيخ الشيوخ صدر الدين وشهاب الدين بشير رسولا الخليفة الناصر لدين الله العباسي والقاضي محيي الدين الشهرزوري وبهاء الدين ابن شداد سفيرا صاحب الموصل وسفير معز الدين سنجر صاحب الجزيرة وغيرهم . وقد حاول صلاح الدين في هذا المؤتمر ان يقطع دابر الخلاف بين الامراء المسلمين وان يقيم بينهم الاخوة والوئام، وقد اجتمعت كلمتهم على الاتحاد ولم يشذ في هذا الاجتماع سوى مندوب الموصل الذي دارت بينه وبين صلاح الدين مناقشات حادة لم تأت بالنتيجة المرجوة . ولما لم يستجب صاحب الموصل الى الانضواء تحت الراية الاسلامية اضطر صلاح الدين ان يحمل السلاح لاخضاعه، فتقدمت جيوشه الى الموصل فحاصرتها فرضخ عز الدين صاحب الموصل وتم الصلح بينه وبين صلاح الدين سنة 581 هجري بمقتضى معاهدة حران على ان يسلم صاحب الموصل اقليم شهرزور واعماله وولاية القرابلي وجميع ما وراء نهر الزاب من اعمال ولاية تفجاك وان يتخلى صلاح الدين عن الموصل على ان تكون الخطبة والنقود باسمه وان يخضع عزالدين لسياسته . ويقول ابن واصل في كتابه " مفرج الكروب في تاريخ بني ايوب " ان صلاح الدين استطاع بعد معاهدة حران ان يحشد عساكر الموصل وسنجار والجزيرة واربل وحران وديار بكر وغيرها تحت لواء واحد بعد ما كانت شيعا واحزابا . ومن الامور التي عمد اليها صلاح الدين في هذا الدور مراسلته للخليفة العباسي المستضيء فكتب اليه وزيره القاضي الفاضل كتابا يذكر به ما لصلاح الدين على الخلافة في بغداد من مآثر كبيرة بجهاد العدو وفتح مصر واليمن وافريقية واقامة الخطبة العباسية وطلب تقليدا جامعا لمصر والمغرب واليمن والشام وكل ما تشتمل عليه الدولة النورية وكل ما يفتحه الله للدولة العباسية بسيوفه وسيوف عساكره ولمن يقيمه من اخ او ولد بعده، فاجابه المستضيء لما اراد وارسل اليه وفدا بالتقليد بما شاء من الولايات وافاض الخلع والهدايا على الوفد وعلى اقرباء السلطان . ومنذ ذلك التاريخ اصبحت البلاد التي يحكمها صلاح الدين متحدة وممتدة الاطراف تضم جهات كثيرة من الرملة الى حوض النيل ومن سواحل افريقية الشمالية حتى طرابلس وصولا الى مدينة قابسالتونسية مع شمال العراق الى كردستان والشام واليمن . يتبع