ذاع صيت الشيخ سيدي ابراهيم الرياحي داخل البلاد وخارجها وانتشرت أخباره في كل الدول والأمصار القريبة منها والبعيدة... هذا الإشعاع سوف يساهم في سرعة انتشار الطريقة التيجانية، انتشار لم يعد مع شيخنا مسألة حكام وأوامر سلاطين تصدر فيطيع البقية وينفذون، بل إنه أصبح مسألة قناعات وإرادة تسكن قلوب وعقول المريدين فيعتمدونها طريقة لتجذير العبادة وتمحيص الإيمان، ولعلّ هذا هو السرّ الذي جعل الطريقة التيجانية تنتشر في بلادنا بتلك السرعة المذهلة وهو ما جعل عدد المريدين يتضاعف في أوقات قياسية ليتضاعف معه عدد الزوايا. وقد نشطت الدعوة في أوساط العلم وأوساط الحكام وبرز فيها الى جانب الشيخ العديد من أتباعه ومن مريدي الطريقة التيجانية من أمثال الطاهر بن الصادق القماري وهو ما أسهم في انتشار الطريقة في الشمال وفي الجنوب التونسيين. وقد بلغ عدد الزوايا التيجانية في تلك الفترة ما يزيد عن 20 زاوية أولها زاوية «السبخة» أو «الدرايب» في تونس التي أسّست على يد الحاج سالم الجبالي. كما أنشئت زاوية أخرى قرب حوانيت عاشور وقرب زاوية سيدي ابراهيم وحسب أرقام موثقة في الأرشيف الوطني ويعود تاريخها الى سنة 1925 فإن عدد أتباع الطريقة التيجانية في الربوع التونسية بلغ في ذلك الوقت أزيد من 16 ألف مريد يتوزعون على 24 زاوية حيث تمّ إحصاء زاويتين في بنزرت و6 في قرنبالية وواحدة في مجاز الباب وواحدة في سوق الأربعاء (جندوبة حاليا) وواحدة في الكاف وواحدة في سوسة و3 في القيروان و2 في توزر و3 في مدنين. هذا الانتشار السريع وهذا الإقبال الكبير للمريدين لم يمرّ دون خلق أعداء للطريقة ولرموزها. وقد كتب رشيد رضا صاحب المنار مجلدا لهجاء الطريقة التيجانية وشنّ في خاتمة المجلد السادس والعشرين منه هجوما لاذعا على الطريقة وعلى عناوينها حيث ردّ عليه وقتها الشيخ الزيتوني محمد مناشو (1882 1933) الذي كان ناشطا في مجالات التدريس والكتابات الصحفية وقد قال بالخصوص: «إن طريقته (أي طريقة سيدي أحمد التيجاني) لم تنتشر بواسطة الملوك بل بواسطة العلماء فقد كان أول ناشر لها بيننا رأس الفتوى والإمام الأكبر بالجامع الأعظم وشيخ شيوخ القطر مولانا الشيخ سيدي ابراهيم الرياحي مجيز علماء المشرق والمغرب وتداول سنده من بعده شيوخ الفتوى والقضاء بالمذهبين الحنفي والمالكي من آل بيرم وآل النيفر وآل خوجة وآل الشاهد وآل الشريف وآل حسين وآل جعيط وغيرهم من الأئمة والمدرّسين والأمراء والوزراء، أفلا يصعب عليك وأنت تنتسب الى الرّؤوف الرّحيم ذي الخلق العظيم أن ترمي قبل التثبّت جمعا كهذا الجمع»... ليس هذا فقط بل إن سرعة انتشار الطريقة التيجانية لم تخلق أعداء للشيخ سيدي ابراهيم وغاضبين منه وحسب، بل خلقت أعداء لشيخ الطريقة القطب سيدي أحمد التيجاني وهو ما جعل سيدي ابراهيم ينبري للدفاع عنه بقصيدة معبّرة.