لست أدري إن كنت على بصر وبصيرة أم قلّ البصر وخفّت البصيرة إني لا أرى فرقا في رمضان بين تلفزاتنا ومقاهينا في المدن والقرى و«حوانيتنا» في الأرياف على الأقل في شمالنا الغربي الذي أعيش من تربته ومائه وهوائه. سهرات في التلفزة كما في المقاهي والدكاكين لكل منها نفس الوجوه لنفس الرواد ونفس الأبطال ونفس الملهاة وإن تغيرت الصورة فاللب واحد. الكل يتحدث ويصيح ولا أحد يسمع أحدا. والكل «يُشكّب» ولكل موقع تشكيبه وشكيبه. والكل «يرشم رشما». والكل «ينبّر تنبيرا» والكل «يشامي» و«يشمّ ما فاح من عطر الأدخنة وروائح المراحيض والعرق السائل تحت كل إبط سيلان الماء على البطيخ. والكل «يبزّق» (من الباصقة والبصاق) الذي يسيل على كل رهان في «الطّرح». الكل «يُنوّفُ» ويدعي الزعامة وهو المهزوم والفالس. والكل «يرُوند» ويعرف «رواند» الآخر. والكل «يُرامي» (من الرّامي والرماية والرمي قذفا وانحطاط لغة وخطابا ومنطقا). والكل وهذا المهم «يُبلّط» (من البولوط والتبليط والبلهوط). والكل «يُلصلص» بكل اللصوص و«اللص يلمْ الكل» وأما الأهم في كل هذا أن هذه التلفزات والمقاهي والدكاكين تعمل كلها تحت شعار واحد: ثلاثي الابعاد. «مشكي والعب». «فسّخ وعاود». «قص واجري» وراء الربح لصاحب «الباتيندة». تغيب النساء عن السهرات في المقاهي والدكاكين وتحضر «المواجر» في التلفزة مع «الريورة» و«الكواول صباطة». وكل عام ونحن «نلعب ونمشكي» بنفس الروح في كل لعبة من الألاعيب.