تَتّجه اليوم أنظار الملايين من البشر إلى روسيا للتعرّف على «الزّعيم» الجديد للعالم الذي ستحكمه خلال الأعوام الأربعة القادمة فرنساأوكرواتيا خلفا ل «الماكينات» الألمانية التي لم يتوقّع أكبر المتشائمين خروجها بتلك الطريقة المُهينة وبهزيمة تاريخية على يد كوريا الجنوبية التي يضعها الكثيرون في خانة «الأقزام» في دنيا كرة القدم الحافلة بالدروس والعِبر. لقاء اليوم بين الفرنسيين و»الكروات» سيحطّم كلّ الأرقام على صعيد نسب المشاهدة التي ستبلغ أعلى مستوياتها نتيجة العشق المجنون للجلد المنفوخ الذي أكدت النهائيات المونديالية المُقامة في الملاعب الروسية بأنه فعلا «أفيون الشعوب» والغَرام الذي لا شفاء منه على مرّ العُصور والدّهور. مقابلة اليوم ستكون أفضل خاتمة لشهر كامل من المتعة والفرجة في الميدان والمدرجات التي خطفت فيها «الوجوه الجميلة» و»النجوم» العالمية والشخصيات السياسية الأضواء بداية ب»الأسطورة الحية» «مارادونا» وصولا إلى الرئيسة الظّاهرة للدولة الكرواتية «كوليندا» التي ستكون في «معركة» طريفة ما نظيرها الفرنسي «ماكرون» الحالم بأن تكون فرحة شعبه فرحتين الأولى بإحتفالات العيد الوطني والثانية ب»الأميرة» المُونديالية. عراقة التقاليد الفرنسية تدخل فرنسا مواجهة «الكروات» بتقاليدها التاريخية في الكؤوس العالمية ويُمنّي فريق «ديشامب» النّفس بتكرار سيناريو 1998 وإحراز اللّقب الغالي والثاني في مسيرة المنتخب «الأزرق» الذي نجح كعادته في خلق الإنسجام والتناغم بين فيلق من الأقدام المحلية وأبناء المُهاجرين ليصنع جيلا مُميّزا من اللاعبين. وقد تعاملت التشكيلة الفرنسية بواقعية كبيرة مع المحطة الأولى للمونديال قبل الترفيع في النسق وسقف الطّموحات مع إنطلاق المرحلة الحاسمة وتمكّنت «الديوك» الفرنسية من سحق الأرجنتين والأوروغواي قبل تقييد «الشياطين» البلجيكية بهدف «أومتيتي» وهو واحد من عدّة «كَوارجية» من أصول إفريقية في التشكيلة الزرقاء. وكانت المواجهة القوية أمام «النّجوم» البلجيكية فرصة مثالية ليظهر النّجم السّابق للفرنسيين وحامل آمالهم في المونديال الحالي «ديشامب» قدراته التكتيكية ويؤكد جدارة فريقه بالتربّع على العرش الكرة العالمية للمرة الثانية في تاريخه بفضل الجيل الحالي والذي يَمزج بين الخبرة والموهبة وهو ما يجسّده تواجد «لوريس» في الشباك الفرنسية والمراهنة في المنطقة الأمامية على «النجم» الصاعد بطريقة صاروخية «مبابي» «المراهق» الذي قد يستولي مستقبلا على الأضواء بدل الأسماء المُعتادة مثل «ميسي» و»رونالدو» و»نيمار» الذي قد يجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه لو صعد «مبابي» اليوم على منصة التتويج مع منتخب بلاده بعد أن كان لاعب البرازيل قد «سَخر» منه بسبب مظهره. ولاشك في أن فرنسا إتّعظت من خَسارتها المُوجعة في الدورين النهائيين للكأسين العالمية والأوروبية في 2006 و2016 ومن المؤكد أن «ديشامب» يعلم أن الفريق أمام فرصة لا تعوّض ليضيف «نَجمته» المونديالية الثانية و»يُغرق» ملايين الفرنسيين في الفرح شأنهم شأن الكثير من «المُتعاطفين» مع هذا الفريق مُتعدّد الجنسيات والألوان. الخطر الكرواتي من جانبه، سيخوض الفريق الكرواتي «فينال» المونديال للمرّة الأولى في تاريخه وهو ما يعني منطقيا أن الضّغط سيكون في ملعب الفرنسيين. ويبحث فريق المدرب «داليتش» عن إنجاز عظيم يُخلّد اسم كرواتيا للأبد في سجلات الكرة العالمية التي إكتشف روّادها قدرات هذا الفريق في نهائيات فرنسا 98 مع جيل «سوكر» و»بوبان» هذا قبل أن ينسج رفاق «مودريتش» على منوال «السّلف» ويُذهلوا الجميع في المونديال الروسي الذي «تعملق» فيه «الكروات» أمام الأرجنتين قبل أن يزيحوا في المحطّة الثانية الدنماركيين والرّوس وهم أصحاب الأرض والجمهور وقد إزدات المسيرة روعة بعد الإطاحة بالأنقليز الذين كانوا من أبرز المرشحين للفوز باللّقب. هذه الإنتصارات الكبيرة كانت مرفوقة بعروض كروية رائعة وروح إنتصارية عالية الشيء الذي ساهم في توسيع القاعدة الجماهيرية ل «الكروات» علاوة على منحهم «الشرعية» الضرورية للقبض على الكأس العالمية. ونكاد نجزم بأن المَخاوف الفرنسية شديدة من الخطر الكرواتي خاصّة أن هذا الفريق الطموح أظهر بما لا يدع مجالا للشك بأنه جاء إلى الكأس العالمية وهو في أتمّ جاهزيته الفنية والبدنية والذهنية بدليل «مُقاومته» للإرهاق وشبح الرّكلات الترجيحية بأعصاب فولاذية. هذا على عكس عدّة منتخبات أخرى ذهبت إلى النهائيات وخرجت منها بخفي حنين لأنها كانت تراهن على الحظ والأدعية والأذكار وأشياء أخرى أتحفتنا بها في هذه التظاهرة الكونية بعض الفرق العربية والأجنبية الغارقة في «التخلّف». هذه المنتخبات مازالت في حاجة إلى «ثورة» في العقليات لعلّها تقتفي أثر «الكروات» الذين حقّقوا أكبر «المعجزات» بفضل العمل لا «الخُزعبلات». البرنامج مونديال روسيا (الدور النهائي) (س16) فرنسا – كرواتيا (الحكم الأرجنتيتي نيستور فابيان بيتانا)