للمرة الثالثة في ظرف أقل من أسبوع تتجه أنظار أغلب التونسيين إلى رئيس الجمهورية وذلك لدى اشرافه على مجلس الامن القومي ثم خلال إدلائه بحوار تلفزي وأخيرا يوم أمس لدى اشرافه على اجتماع هام بقصر قرطاج. تونس (الشروق) 3 محطات هامة على الاقل ذات علاقة بالوضع العام دارت بقصر قرطاج وشدت الراي العام خلال أقل من اسبوع وكان محورها رئيس الجمهورية وهي اجتماع مجلس الامن القومي ثم الحوار على قناة نسمة ثم اجتماع «السبعة الكبار» ضم رئيس الحكومة ورئيس البرلمان واتحادي الشغل والأعراف وحزبي نداء تونس والنهضة. 3 محطات انتظر منها التونسيون الكثير لحسم عدة مشاكل غير مسبوقة ظلت عالقة على امتداد الاشهر الماضية دون أن تجد طريقها الى الحل. وهو ما جعل الغموض يخيم على حالة البلاد ويزيد من تفاقم الاوضاع اقتصاديا واجتماعيا وامنيا ويصيب التونسيين بالمخاوف والشكوك من التطورات نحو الأسوإ في قادم الأيام. لكن رغم ذلك بقي المشهد إلى حدود مساء امس، بعد انتهاء اجتماع قرطاج ضبابيا، غامضا ومخيفا. حيث لم تترتب عن هذه المحطات الثلاثة أية قرارات أو اجراءات ملموسة من شأنها ان تريح الراي العام وتقطع مع الإشاعات ومع ما يتردد هنا وهناك. 3 محطات ... بلا جدوى وسط الاسبوع الماضي انعقد اجتماع مجلس الامن القومي مباشرة اثر عملية غار الدماء الارهابية، وكان في الحسبان ان يوضح عدة حقائق كان ينتظرها الاري العام حول المتسبب فيها وحول ما قيل عن مسالة إقالة وزير الداخلية السابق لطفي ابراهم وحول التحويرات التي شملت وزارة الداخلية وأجراها خلفه بالنيابة غازي الجريبي. لكن ذلك لم يحصل واكتفت رئاسة الجمهورية ببلاغ ضعيف وبكلام سطحي وفضفاض لم يشف غليل التونسيين. واول امس اتجهت الانظار الى الحوار الذي ادلى به رئيس الجمهورية لقناة نسمة عساه يكشف ايضا حقيقة ما يدور على الساحة السياسية ويعلن عن اجراءات وقرارات تهم الوضع العام وخاصة الوضع السياسي، لاسيما بالنسبة لما يعرف ب»الأزمة الحكومية» ( اقالة الشاهد او الابقاء عليه والتحوير الوزاري..) وكذلك «أزمة الحزب الحاكم « نداء تونس الى جانب مسائل اخرى اقتصادية واجتماعية. غير ان ذلك لم يحصل ايضا واكتفى رئيس الجمهورية بكلام «عام» يعلمه الراي العام دون ان يعلن عن اجراء او قرار هام لصالح البلاد ودون ان يكشف عن حقائق او يطمئن التونسيين عن الوضع الحالي والمستقبلي. وتواصلت حالة الغموض والضبابية ايضا بعد اجتماع « السبع الكبار» امس بقصر قرطاج الذي دعا اليه رئيس الجمهورية كلا من رئيس الحكومة ورئيس مجلس نواب الشعب ورئيسي منظمتي الاعراف والشغالين وكذلك حزبي النهضة والنداء. وانتظر الراي العام من الاجتماع ان تتلوه مخرجات مصيرية للبلاد وان يقع الاعلان عنها لكن لم يحصل ذلك ايضا وكان بيان «العادة» من رئاسة الجمهورية ضعيفا ولا يلبي طموحات الراي العام. ماذا يريد التونسيون؟ ليس من الصعب خلال هذه الايام ملاحظة حالة الحيرة والغموض على وجوه التونسيين حول وضع البلاد وحول ما يخفيه المستقبل القريب. فالجميع يواكبون التقلبات الدائرة هنا وهناك ويعاينون ما بلغته الساحة السياسية من حالة فوضى وانقسام واتهامات متبادلة واحتقان بين جميع الاطراف وكلهم من اجل مصالح حزبية وشخصية ضيقة ومن اجل التنافس على كراسي السلطة على غرار التحويرات الوزارية والاستعداد قبل الاوان لانتخابات 2019 .. لتبقى المصلحة العامة أي مصلحة الشعب والبلاد ضمن آخر اهتماماتهم. فقد كان التونسيون ينتظرون كشفا لحقائق ما حصل في الآونة الاخيرة من تقلبات سياسية اضرت بمصلحة البلاد خاصة على الصعيد الامني ( العملية الارهابية الاخيرة) والاقتصادي ( تدهور كل المؤشرات الاقتصادية) حتى يقع تحميل كل طرف مسؤوليته. وكانوا ينتظرون وضع حد لما يصفه اغلب المتابعين ب»المهزلة» التي تدور على الساحة السياسية، والتي تجسدت في انقسام رغبات كبار الفاعلين بين من يرغب في الاستقرار الحكومي ومن يدعو الى وضع حد لهذه الحكومة الى جانب مهازل اخرى ما كان لها ان تحصل في الوقت الحالي لان بلادنا لم تعد تتحمل المزيد. لقد كان التونسيون ينتظرون ايضا ان يجتمع «السبع الكبار» لمناقشة مسائل اقتصادية وللنظر في المشاريع التنموية ولتباحث حلول الانقاذ الاقتصادي. لكن مرة اخرى كان التفكيرفي كرسي السلطة والمصالح الحزبية والشخصية الضيقة والتخطيط ل»للاطاحة ببعضهم البعض» هي المسائل الغالبة على اجتماعات هؤلاء، ليبقى الوضع على ما هو عليه وتبقى الدولة بلا قرارات فاعلة وسط جملة من التساؤلات عن اسباب عجز رئيس الدولة ومن ورائه بقية الفاعلين عن التوصل الى حل توافقي ينهي ازمة البلاد ويعيد الطمأنينة الى النفوس