في خُطوة غير مُفاجئة أصدرت الإدارة الترجية خلال السّاعات الأخيرة بيانا مُقتضبا تُعلن من خلاله أنّها تَعتزم عقد جلسة عامة عادية تَعقبها جلسة انتخابية مع تأجيل تحديد موعدهما إلى وقت لاحق. ولئن وضع البعض هذا الإجراء في خانة المفاجآت المُدوية فإن العارفين بكواليس الجمعية يعلمون علم اليقين أنّ الهيئة المديرة برئاسة حمدي المدب تفكّر منذ مدّة في اتّخاذ مثل هذا القرار وذلك لعدّة أسباب موضوعية. تراكمات لم يكن الإعلان عن عَقد الجلستين العامتين العادية والانتخابية من فراغ بل هو نتيجة حتمية لحالة الاحتقان التي تعيشها الحديقة «ب» على امتداد الفترة الأخيرة. فقد بادرت فئة من الأنصار بالتصعيد نتيجة التأخير الحاصل في مُعالجة ملف الانتدابات وسط تزايد المَخاوف الترجية من ضَياع لقب رابطة الأبطال الإفريقية التي تحوّلت إلى «هَاجس» يسيطر على المحبين طُول العام. وقد انطلقت هذه التحرّكات الاحتجاجية قبل لقاء «كَامبالا سيتي» وجاءت «الغَصرة» التي عاشتها الجمعية في هذه المباراة وما رافقها من هفوات فادحة في المنطقة الخلفية ليزداد الوضع تَأزّما. ويبدو أنّ الصّعوبات الفنية التي يعيشها الفريق في نسخته الحالية زرعت القلق في نفوس شقّ من المحبين المُتخوفين من تكرار «السّيناريو الأسود» الذي عرفته الجمعية في النّسخة الأخيرة من رابطة الأبطال الإفريقية عندما تنازل النادي عن بطاقة التأهل لفائدة الأهلي المصري. وفي ظلّ ارتفاع منسوب التوتّر اختارت الهيئة المُديرة الدعوة إلى عقد جلستين عَامتين عادية وانتخابية وهو ما سيتيح للمُنخرطين مُناقشة كلّ الملفات والتَعبير عن جميع الأمنيات بحضور المسؤولين وبعيدا عن الاحتجاجات الميدانية والهُجومات «الفايسبوكية». المُعلن وغير المُعلن البَيان الذي أصدره الفريق سكت عن الأسباب الحَقيقية لعقد هَاتين الجلستين ولم يُفصح كذلك عن السّيناريوهات المُحتملة بخصوص مُستقبل الرئيس حمدي المدب في الحديقة «ب». الأنباء القادمة من مركّب المرحوم حسّان بلخوجة تفيد بأن الرجل قد يفتح من جديد باب الرحيل في ظل تزايد الضغوطات ورغبته منذ فترة ليست بالقصيرة في تسليم المَهام إلى شخص آخر بعد عشرية كاملة على رأس الجمعية التي بلغت في عهده العالمية وفازت معه بالزّعامة القارية والعربية علاوة على البطولات والكؤوس المحلية ولم يخل عَصره كذلك من الإخفاقات وهي جُزء لا يتجزأ من اللّعبة. والثابت أن المدب اجتهد وقد أصاب مرات وأخطأ في عدة مناسبات والأكيد أيضا أنه خدم جمعيته بصدق وإخلاص. تفاعلات في نطاق التفاعل مع الأحداث الأخيرة في الحديقة اتّصل المدافع السابق للفريق عبد القادر بن سايل ب «الشّروق» لِيُعبّر عن موقفه بخصوص خبر الإعلان عن الجلستين العادية والانتخابية لشيخ الأندية. وأكد عبد القادر أنّ الجمعية لا تَتوقّف على أيّ شخص سواء كان لاعبا كبيرا أومسؤولا «ثَقيلا» وقد تأكد الجميع من هذه الحقيقة الدّامغة عبر التاريخ الطّويل للجمعية من 15 جانفي 1919 إلى حدّ يوم النّاس هذا. ويُضيف عبد القادر بأن المحبين من حقّهم التعبير عن آرائهم ومَطالبهم في كنف الحرية لكن دون الوقوع في فخّ السب والشَتم وما شابه ذلك من ردود أفعال متشنّجة ومن شأنها أن تُزعزع استقرار الجمعية التي يعتقد مُحدّثنا بأنّ مَصلحتها تكمن في استمراريتها الإدارية مع إجراء الإصلاحات الضرورية ليكون النادي في مُستوى الانتظارات ويُحذّر عبد القادر في الوقت نفسه من «شَبح» الفَراغ. مجرّد رأي يَعيش شيخ الأندية التونسية مرحلة مِفصلية يخوض فيها «مَعركة» كُروية على عدّة واجهات ويطمح من خلالها إلى كسب كلّ الرّهانات المحلية والقارية والاقليمية. ويعيش نادي «باب سويقة» أيضا على وقع سنة استثنائية سيحتفل خلالها بالمائوية وهو حدث كبير تَنتظره العائلة الترجية على أحر من الجمر. وبناء عليه فإنّ المنطق يفرض تَغليب صوت الحكمة وتوحيد الصّفوف وتَكثيف الجهود ليحتفل الفريق بالمائوية في ظروف مُنعشة ومُحاطا بكافّة «مَجموعاته» ومسؤوليه ولاعبيه وألقابه التي حصدها على امتداد قرن من الزّمن. التركيز مطلوب لاشك في أن خَبر الجَلستين العامتين المَرفوقتين بالكثير من الغموض سَيشغل بال «الكَوارجية» ليقينهم من التأثيرات المُباشرة للتحولات الإدارية على أوضاعهم في الجمعية (رياضيا وماديا). وستكون الكرة في ملعب «رجل الأزمات» خالد بن يحيى ليدفع لاعبيه إلى التركيز على الميدان وبذل مجهودات اضافية لتحقيق أحلام المحبين دون التفكير في المسائل الإدارية خاصّة أن نادي «باب سويقة» يملك تقاليدا عريقة في مُجابهة مشاكله بدليل أن «أزمة الرئاسة» التي عاشها في الموسم الفارط انتهت في ظرف زمني وجيز. وقد بدأت الاستعدادات الترجية لمباراة «كَامبالا سيتي» يوم 28 جويلية الجاري ويأمل الفريق أن يعود من أوغندا بفوز حاسم على درب العبور إلى الدّور ربع النهائي لرابطة الأبطال الإفريقية. ويجلس الترجي في صدارة مجموعته ومع ذلك فإنّ جماهيره تُريد الأفضل لأنّها لم تَقنع يوما بالقليل وبلعب الأدوار الثانوية. سامي حمّاني