تونس «الشروق»: تتميّز مدينة زغوان بشواهدها الحضاريّة العظيمة التي تدلّ عليها عديد المواقع والمعالم الأثريّة الشّامخة إضافة إلى ثراء مخزونها التراثي وتعدّد خصائصها الطبيعيّة السّاحرة ومناظرها الجميلة الرّابضة على سفح الجبل والتي يفوحُ عليها عبير روائحها العطرة إلى جانب زهرة النسري الفائحة من الحدائق والبساتين والأسواق «الزغوانية». هذا وقد أنزل أهالي زغوان منذ القدم هذه النبتة «الرّمز» منزلة راقيّة في حياتهم اليوميّة لاعتبارات حضاريّة واقتصاديّة وثقافيّة واجتماعية. وتثمينا لخلُود هذه النبتة تحتفي الجهة بهذا المنتُوج سنويّا من خلال إقامة مهرجان النسري بزغوان والذي تنتظم دورته خلال بداية الأسبوع الأول من شهر ماي والذي تتعدّد فيه الأنشطة الثقافية والتراثية. ويعتبر هذا المهرجان مُناسبة مُواتية للتّعريف بالنّسري وتسويقه تجاريا لزوّار المدينة من المناطق الداخلية. وتبقى الفترة الربيعيّة عادة سنويّة لتجميع محاصيل صابة هذه الشجرة والتي تنطلق فيها العائلات يوميا مبكّرا للبساتين لجمع زهور النسري استباقا لحرارة الشّمس المؤثرة على وُريقات الزهرة. وبالعودة للمنازل يجتمع النّسوة في أجواء احتفالية لتقطير الزّهور بالطُرق التقليديّة التي حافظت الجهة على ثوابتها وذلك برغم التحديث الصناعي لأجل ضمان جودة المنتُوج وتأمين ترويجه. هذا ويعرف ماء النسري إقبالا متزايدا بالجهة وبداخل البلاد لكثرة استعمالاته على غرار ودون حصر إعداد الحلويات وخُصُوصا منها التقليدية الشهيرة وكذلك لدواعي صحيّة وغير ذلك كثير. هذا وساهم تزايد الإقبال والطلب على هذا المنتوج في ارتفاع ثمن اللتر الواحد الذي قارب الأربعين دينارا. ووجبت الإشارة إلى أنّ نبتة النسري نقلها الأندلسيون منذ أكثر من أربعة قرون وتكثر مساحاتها خُصوصا ببلدان سوريا – الأردن – فلسطين – تركيا وإيران وتعرف بتونس توسعا متزايدا للمساحة المغروسة والكميات المعروضة سنويا.