كثر الحديث في الأيام الاخيرة عن " هجرة " المنشطين او مقدمي البرامج التلفزيونية من قناة الى اخرى و كأننا نتحدث عن هجرة الادمغة او الكفاءات العلمية و المهنية ، و الحال ان غالبية هؤلاء المقدمين او المنشطين لا يرقون حتى الى درجة مهرج هاو ضعيف الموهبة و قليل المعرفة ، اضافة الى كونهم لوثوا ثقافة المشاهدين بخطاباتهم الساذجة والبليدة و اختياراتهم الرديئة سواء من حيث اختيار القضايا و المواضيع التي تشغل الناس ، او اختيار الضيوف . و يكفي ان الذاكرة لا تحمل من برامج هذه " الادمغة " سوى بعض العناوين او المقولات الساذجة ك « يا ماما يا ماما « او " أنا وين سي علاء " او " الجمهور يحب يسألكم لاباس " . و بدل البحث عن أفكار و تصورات جديدة لبرامج تلفزيونية تهم الناس او حتى ترفعه عنهم ، تحول الصراع بين القنوات من تقديم المادة الأفضل الى تكريس القديم الأسوأ من خلال اعادة نفس الأسماء بنفس الوجوه و نفس الخطاب . و يكفي ان نتساءل ماذا سيقدم نوفل الورتاني او علاء و شقيقه عبدالرزاق من جديد باستثناء اجترار ما قدموه في المواسم السابقة ! ان مشكلة القنوات التلفزيونية عندنا ليست في الوجوه والأسماء او المنشطين والمقدمين، وإنما هي في التصورات والأفكار و إدارة البرامج ، اذ تكاد غالبية البرامج التي تقدم في قنواتنا تكون منسوخة من برامج اجنبية و بطريقة سيئة حتى انها تبدو مشوهة غير منسجمة مع ثقافة المشاهد وانتظاراته التي تختلف عن انتظارات المشاهد الغربي مثلا. وتعود هذه المشاكل بالأساس الى جهل القائمين على هذه القنوات واستسهالهم للإعلام السمعي البصري من ناحية و جهل معدي البرامج ذاتهم . كان من الأفضل البحث عن تصورات و أفكار جديدة بدل استقطاب نفس الأسماء و الوجوه لتقديم نفس البرامج التي قد يكون ملها المشاهد و سئم منها . وعلى قول المثل الشعبي « نحي راس بصل حط راس ثوم « .