تأكيد على خدمة المحاماة .. عميد المحامين الجديد بوبكر بالثابت يتسلّم مهامه    مصالح المراقبة الإقتصادية بأريانة تحجز خمسة أطنان من مشتقات الحبوب لدى مخبزة مصنفة    واشنطن تستخدم "الفيتو" ضد مشروع قرار بمجلس الأمن يدعو إلى وقف إطلاق النار بالقطاع..# خبر_عاجل    الهنشيري.. قرابة 30 سفينة راسية بالقرب من سيسيليا في انتظار تحسن الأحوال الجوية    الحوثيون يعلنون تنفيذ 3 عمليات عسكرية في إسرائيل    اعتقال أكثر من 300 شخص خلال المظاهرات في فرنسا    الكرة الطائرة ..المنتخب في الدور ثمن النهائي لبطولة العالم    بين الخبرة والطموح .. هذه قائمة مُدربي الرابطة الثانية    مصر.. إحالة الفنانة شيرين عبد الوهاب إلى المحاكمة    وخالق الناس بخلق حسن    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    التسامح أساس من أسس التعايش بين الناس    عاجل/ هذا ما تقرّر في حق الطيب راشد ورجل أعمال في قضية غسيل أموال    عاجل: قرار وزاري مشترك بين الشؤون الاجتماعية والصحة لتعزيز الحماية من حوادث الشغل والأمراض المهنية    جريدة الزمن التونسي    تخطت السبعين.. إيناس الدغيدي تتصدر الترند بزفافها    عاجل/ مقتل 4 جنود خلال معارك في رفح جنوبي غزّة    جيش الاحتلال يشن ضربات جوية على جنوب لبنان    عاجل: وزارة التربية تنشر قائمة محيّنة للمدارس الإعدادية والمعاهد الثانوية الخاصة    البرلمان: 7 أكتوبر القادم موعد الجلسة العامّة الافتتاحيّة للدورة العادية الرابعة    المهرجان الجهوي للمسرح بدور الثقافة ودور الشباب ببن عروس من 27 سبتمبر الى 5 أكتوبر 2025    الرابطة الاولى ... فوز مستقبل المرسى على مستقبل سليمان 1-صفر    معز الشرقي يواصل التألق.. ربع نهائي سان تروبيه    سحب عابرة على كامل البلاد تتكاثف آخر الليل بالمناطق الساحلية الشرقية    الليلة: الغيث أوّله قطرة    عاجل: نداء للبحث عن طفل مفقود بمنطقة العمران (يلبس طبلية زرقاء ويحمل محفظة)    صادرات القطاع الصناعي ترتفع ب1,9% خلال النصف الأوّل من 2025    عاجل : مستجدات بطاقة التعريف البيومترية للتونسيين    عاجل/ رجل يعتدي على طليقته بسكين في شارع أمام المارة..    عاجل: الجامعة تفتح الباب قدّام الفرق باش تبث ماتشاتها وحدها..كيفاش؟    هذا هو موعد انتهاء أشغال المدخل الجنوبي للعاصمة    موسم الحبوب..البنك الوطني الفلاحي يرفع من قيمة التمويلات    حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك قرب إحدى المؤسسات التربوية..    قصر النظر عند الأطفال: الدكتور فهمي نافع يحذر ويقدم نصائح مع العودة المدرسية    عاجل : وزير النقل يضع مهلة ب15يوما لضبط روزنامة برامج عمل    الحماية المدنية: 537 تدخلا منها 124 لاطفاء الحرائق خلال الاربع والعشرين ساعة الماضية    ترتيب الفيفا: المنتخب التونسي يتقدم إلى المركز 46 عالميا    اجتماع بمعهد باستور حول تعزيز جودة وموثوقية مختبرات التشخيص البيولوجي    آلام المفاصل عند الأطفال مع العودة المدرسية: أسباب وطرق الوقاية    المدعي العام الإسباني يأمر بالتحقيق في الإبادة الجماعية التي ترتكبها دولة الاحتلال في غزة    عاجل/ تقلبات جوية وأمطار بداية من هذا التاريخ..    السجل الوطني للمؤسسات يعلن حزمة إجراءات رقمية جديدة: دفع حصري عن بُعد ومضمون إلكتروني مُحدَّث    لليوم الثاني على التوالي..غزة دون اتصالات وانترنات..#خبر_عاجل    الملعب التونسي يفسخ عقد هذا اللاعب..#خبر_عاجل    رابطة ابطال اوروبا : ثنائية كين تقود بايرن للفوز 3-1 على تشيلسي    الموت يغيب هذه الإعلامية..#خبر_عاجل    تونس تجمع 12 مليون قنطار لكن حاجياتها تبلغ 36 مليون قنطار    في بالك الى فما مكوّن سرّي في زيت الحوت... شنوة يعمل في جسمك؟    بلعيد يؤكد خلال الدورة 69 للمؤتمر العام للوكالة الدولية للطاقة الذريّة حرص تونس على مواصلة التعاون مع الوكالة    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    اللجنة الوطنية للحج تستعدّ لموسم 1447ه: ترتيبات متكاملة لضمان أفضل الظروف للحجيج    السبيخة ..الاطاحة ب 4 من مروجي الزطلة في محيط المؤسسات التربوية    تنظمها مندوبية تونس بالتعاون مع المسرح الوطني...أربعينية الفاضل الجزيري موفّى هذا الأسبوع    القمة العالمية للبيوتكنولوجيا: وزير الصحة يعلن بسيول إطلاق مركز وطني للتدريب البيوطبي لتعزيز قدرات إفريقيا في إنتاج الأدوية واللقاحات    شهر السينما الوثائقية من 18 سبتمبر إلى 12 أكتوبر 2025    سورة تُقرأ بعد صلاة الفجر لها ثواب قراءة القرآن كله 10 مرات    جريدة الزمن التونسي    طقس اليوم: سماء قليلة السحب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالمرصاد.. حتى يعرف الشباب حقيقة معركة بنزرت (1)
نشر في الشروق يوم 15 - 10 - 2018

بمناسبة الذكرى الخامسة والخمسين لعيد جلاء القوّات الفرنسيّة عن كامل التراب الوطني من الضروري- و قبل كلّ شيء- أن نتّفق على أنّ الصدام الذي وقع بين تونس وفرنسا في بنزرت ليس حربا بل ما هو إلّا معركة من المعارك الكثيرة التي خاضها الشعب التونسي لاسترداد سيادته وأرضه تحت لواء الحزب الحرّ الدستوري وبقيادة زعماء مخلصين للوطن وعلى رأسهم الزعيم الحبيب بورقيبة مهندس هذه المعارك التي بدأت بمعركة 9 أفريل 1938 مرورا بالمعركة المسلّحة في 1952 وصولا إلى معركة بنزرت 1961 التي حقّقت الجلاء العسكري عن كلّ التراب التونسي ممّا ساعد على تحقيق الجلاء الزراعي فيما بعد حيث استرجعت تونس كلّ الأراضي التي استولى عليها المستعمرون وبذلك اكتملت سيادة الشعب على قراره و أرضه.
لكن منذ معركة بنزرت التي مرّ عليها إلى الآن ما يزيد عن نصف قرن والتي تزامنتْ مع الفِتْنة اليوسفيّة والمحاولة الانقلابيّة لسنة1961 سلك كلّ الذين كتبوا أو تحدّثوا عن هذه المعركة مذاهب شتّى غالبا ما تكون متناقضة بين رافض لها ومعتبراأنّها مجازفة أدّت إلى خسائر بشريّة وتدميرا للمدينة وبين مؤيّد لها معتبر أنّ فرنسا كانت لا تنوي التفريط في بنزرت لولا تلك الهبّة الشعبيّة التي راح ضحيّتها «بعض» الشهداء(مقارنة بحركات التحرير الأخرى) إذ التضحيّة بالدم هو ضريبة التحرّر واسترجاع السيادة وتونس من البلدان القلائل التي اقتصدتْ في دماء أبنائها من أجل تحرير الوطن بفضل حكمة زعيمها الذي تفادى الصدام مع المستعمر الغاشم ولم يأذن به إلّا عند الضرورة القصوى أي عند تعنّت المستعمر في أمور مصيريّة و عند محاولاته إرهاب الشعب بالقوّة وإصراره على الإبقاء على تونس تحت هيمنته.
وسأبدأ هذا الموضوع بمحاولة الإجابة عن سؤالين هما :
1 أسباب هذه المواقف المختلفة من هذه المعركة؟
2 هل لنا اليوم القول الفصل في أسبابها الحقيقيّة أي هل بورقيبة كان على حقّ عندما دعا الشعب التونسي للمواجهة مع المستعمر الفرنسي في بنزرت؟
للإجابة على السؤال الأوّل الذي حيّرا كلّ التونسيّين على مدى ما يقارب خمسة عقود وجدت ضالتي عند الأستاذ بشير بن سلامة في كتابه «عابرة هي الأيام»وسأحاول تلخيص وجهة نظره فهو يُرْجع الاختلاف في المواقف من معركة بنزرت إلى ثلاثة دوافع رئيسيّة عند الكتابة أو الحديث عن هذه المعركة وهي:
أ: أنّ الذي يكتب يكون قد تكوّن له رأي سلبي أو رأي ايجابي عن بورقيبة وهذا الرأي سيوجّه موقفه.
ب:أنّ الذي يكتب يكون متأثّرا بما كتبه المؤرّخون حتى وإن كان شاهد عيان أو مشاركا في الحدث .
ج :أنّ الذي يكتب يكون متأثّرا بمذكّرات رجال السياسة الفرنسيّون ومنهم على سبيل المثال ديغول.
ولم يقف الأستاذ بشير بن سلامة عند حدّ تصنيف هذه المواقف بل أثبت- في كتابه ( بداية من الصفحة124)وجهة نظره في الأسباب الحقيقيّة لهذا الاندفاع الشعبي غير المسبوق و هذه التلقائيّة التي لبّى بها الشعب نداء الزعيم بورقيبة للوقوف في وجه المستعمر ما مُلخّصه -باقتضاب شديد- أنّ الحزب الحرّ الدستوري كان يعتمد في النضال على تكتيل الشعب وتغيّر ما أفسده الاستعمار في السلوك والعقليّة عن طريق ما يسمّيه بورقيبة الاتّصال المباشر فكانت الجماهير الشعبيّة هي قوّة الحزب الضاربة وذلك بشحذ العزائم والإيمان بالتضحية في سبيل الوطن بالنفس والنفيس وكان وراء ذلك الخطاب الذي يحرّك المشاعر خطّة سياسيّة فيها مراعاة لطاقة الشعب لخوض المعارك مع تحيّن ذكي للظروف العالمية المواتية فإذا أضفنا إلى هذا ثقة الشعب في قيادته نفهم بسهولة الإرادة القويّة عند الشعب والإقدام التلقائي على التضحيّة في سبيل الوطن رغم الفارق في موازين القوّة مصداقا لقول شاعر تونس الشابي :
إذا الشعب يوما أراد الحياة فلا بدّ أن يستجيب القدر
كما يفسّر اندفاع الشباب الأعزل و تلك الحالة النفسيّة التي كان عليها الشعب التونسي بالدفع القوي الذي قامت به الصحّافة والأدب وخاصة الشعر أي النخبة المثقّفة حيث كان لهذا الحراك صداه في الواقع فحرّك المشاعر ودفع العزائم ولا أدلّ على ذلك من الأناشيد الوطنيّة التي جادت بها قرائح الشعراء وتغنّت بها أجود الأصوات التونسيّة وردّدها معهم الشعب بأكمله وأذكر على سبيل المثال أغنية» بني وطني» التي كتب كلماتها عبد المجيد بن جِدُّو ولحّنها المرحوم» الشاذلي أنور» وشَدَتْ بها المرحومة «عليّة» حيث تقول كلماتها:
بني وطني يا لُيُوث الصِدام وجُنْد الفِدَاء
........
لأنتم حماة العرين الأُباة نَاشَدْتم لدَى الموت حقّ الحياة
أردنا الحياة ورُمْنا العُلى وفي حقّنا لا نَخَافُ الرَدَى
ومن دَمِنَا قد سَبَغْنَا رِدَاء رَفَعَنَاه فوق البلاد لِوَاء(علم تونس)
فإمّا حياة وإمّا فلا وعن ثَغْر بِنْزرت نَبْغِي الجلاء.
سأحاول أن أستدلّ على مدى صحّة ما ذهب إليه الأستاذ بشير بن سلامة اعتمادا على مثالين من صميم الواقع وأبدأ بما كتبه مناضل وطني دستوري لا غُبَارَ على وطنيّته وانضباطه الحزبي وإعجابه غير المتناهي بالزعيم والقائد الحبيب بورقيبة وتفانيه في حبّ الوطن وهو المرحوم علي معاويّة الذي سجّل في كتابه»ذكريات وخواطر» أنّ بورقيبة كان ينشد هدفا نبيلا من معركة بنزرت وكانت قلوب الشباب تفيض إيمانا ونفوسهم تطير شوقا في سبيل اكتمال استقلال الوطن ثمّ يسجّل أنّه ( علي معاويّة) بعث برقيّة لوالي بنزرت يعبّر فيها عن تضامنه وتأييّده واستعداده للالتحاق بالمرابطين في بنزرت هذا موقف علي معاوية الدستوري الوطني من معركة بنزرت لكن ونظرا لأنّه كان مبعدا من الحزب وكان له موقف سلبي تجاه بورقيبة لأسباب يطول شرحها ويعلم الله أنّ الرجل قد دُفِع به لمواجهة بورقيبة من المحرّضين الذين لا يستطيعون مجابهة بور قيبة مباشرة واستغلوا صدقه واندفاعه ورغبته في الإصلاح, فكان لهذا الإبعاد أثر سلبي على هذا الدستوري تجاه بورقيبة فانتقد بشدّة معركة بنزرت واعتبر قرار المواجهة مع فرنسا فرديا ومرتجلا وأنّه كان على بورقيبة أن لا ينفرد بهذا القرار المصيري ثمّ يقول لا أجحد أنّ الرجل (أي بورقيبة) قد انكبّ بعد ذلك على جني ثمار هذه المعركة لفائدة الوطن.وما كتبه المرحوم علي معاوية هو مثال لمن له موقف سلبي وقتي من بورقيبة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.