تقلّبات برلمانية، وحركة يومية، تُسقط الأغلبية البرلمانية اللازمة لدعم الحكومة، لتعيد تشكيلها في نفس الأسبوع، مع الإبقاء على سيناريو إعادة اسقاطها قائما... جزئيات تؤثّث مشهدا برلمانيا قائما على الهشاشة وأشد شبه بالمجهول. تونس «الشروق» امتد صدى الفوضى السياسية التي تعيشها تونس من مدة، الى داخل اسوار البرلمان، ليصبح المشهد البرلماني انعكاسا حرفيا لما يحدث في المشهد السياسي من تشرذم و غياب لملامح ثابتة يمكن ان تكون نواة استقراء لما سيحدث مستقبلا. انقراض كتل وتشكيل اخرى هذا التصدع الذي أصاب المشهد السياسي، ارتداداته تكون شديدة الخطورة داخل البرلمان، فالصراعات الحاصلة، والتي قسمت كتلا نيابية و أسست أخرى، لها تأثير مباشر على الأغلبية البرلمانية التي تساند الحكومة، وارتباطا بان النظام السياسي التونسي، هو نظام برلماني معدل، فان التحولات الحاصلة في ملامح الكتل تصبح شديدة الأهمية . تأثيرات الصراع السياسي الحاصل في تونس، تتخذ نسقا تصاعديا بشكل ملحوظ، ففي بداية الامر كانت تأثيراتها تطال حجم الكتل التي تشهد مشاكل داخلية، لكنها لا تمس بالأغلبية، لكن الامر تطور بشكل خطير، حيث أصبحت حركة النائب الواحد من كتلة الى أخرى ومن اصطفاف الى اخر، قادرة على قلب كل الموازنات وتوفير الأغلبية او اسقاطها. الأغلبية البرلمانية بعد نشوب توتر بين رئيس الحكومة يوسف الشاهد و حزبه حركة نداء تونس، وتحوّل كتلة النداء من داعم للحكومة الى مطالب باسقاطها، فقدت حكومة الشاهد الأغلبية البرلمانية وأصبحت بلا سند نيابي يجعلها قادرة على تمرير النصوص القانونية التي تقترحها على البرلمان، لكن تشكيل كتلة الائتلاف الوطني، أعاد التوازنات الى سياقها الأول، خاصة بعد ان بلغ عدد نواب هذه الكتلة 51 نائبا، اصبح لحكومة الشاهد اغلبية نيابية مريحة تمكّنها من تمرير كل ما ترغب فيه، حتى ان رئيس الحكومة تحدث عن تحوير وزاري مرتقب. فقدان الأغلبية لم يدم الامر طويلا، وحدثت رجة برلمانية قلبت كل المعادلات، فبعد ان استقال نواب كتلة الاتحاد الوطني الحر من كتلة الائتلاف الوطني، وانضموا الى كتلة نداء تونس، فقد يوسف الشاهد الدعم النيابي الذي عوّل عليه وأصبحت حكومته فاقدة للاغلبية القانونية المطلوبة في المصادقة على القوانين الأساسية ومنح الثقة للتحوير الوزاري (109 صوت). استعادة الأغلبية مرّ أقل من أسبوع على انسحاب نواب الاتحاد الوطني الحر، اختلال التوازنات, ليتم اعلان المساندة المبدئية، كتلة حركة مشروع تونس للحكومة، ودخولها في نقاشات مع كتلة الائتلاف الوطني، وُصفت بالايجابية . هذه الخطوة اعادت ترتيب المشهد البرلماني وفق معادلة أخرى، تقوم على توفر الأغلبية البرلمانية الداعمة لرئيس الحكومة يوسف الشاهد. تقلبات برلمانية تغيّرات جذرية تحدث في المشهد البرلماني في فترة محدودة جدا، تغيّرات لم ينته نسقها ويبدو ان المستقبل القريب مفتوح على عديد السيناريوات الأخرى التي يمكن ان تطيح بالأغلبية في أي وقت، خاصة وانها أصبحت رهينة أي حركة من أي نائب، وارتباطا بان السياحة الحزبية أصبحت سمة لا يخلو منها أي أسبوع من عمل البرلمان، فمن الطبيعي ان تكون الدورة البرلمانية الخامسة مساحة لتقلبات عديدة.