هَزم الترجي مُنافسه المصري بالضّربة القاضية ليجلس على عرش الكرة الافريقية عن جدارة واستحقاق خاصّة أن ثلاثية «الفينال» كانت رائعة ونَظيفة بِمُصادقة رئيس «الفيفا» «أنفانتينو» وبإعتراف من كلّ العرب والأجانب المُتابعين ل»النّهار الأزرق» الذي عاشه «الأهلاوية» في رادس. وقد كانت فرحة «المكشخين» هِستيرية بالنّظر إلى قيمة اللّقب الغائب عن الخزائن التونسية منذ سَبع سنوات علاوة على «المَظلمة» التحكيمية التي تعرض لها الفريق في «برج العرب» والتي كادت أن «تَسرقَ» من الفريق التاج القاري بتدبير من عبيد شارف و»المَاكينة» «الأهلاوية» التي راهنت على «الفَار» والكَواليس وفلوس «بريزنتيشن» لحرمان الترجي والكرة التونسية عُموما من هذه الكأس. دلالات رَمزية تَزعّم نادي «الدّم والذهب» الكرة الافريقية في ثلاث مناسبات وقد كانت الكأس القارية الجديدة بطعم خاص لأنها تأتي بالتزامن مع الاحتفالات الأسطورية بالمائوية (يوم 15 جانفي القادم). وقد شكّلت رابطة الأبطال «مطلبا شعبيا» بعد أن ساد الإعتقاد في صفوف الجماهير الترجية بأن فرحة المائوية لن تَكتمل إلا بالتربع على عرش الكرة الافريقية وقد تحصلت الجمعية فعلا على مُبتغاها وانتزعت اللقب لتكون الفرحة في ساحة «باب سويقة» فرحتين: الأولى بالتاج القاري والثانية بالذكرى 100 لتأسيس شيخ الأندية التونسية. الدّلالات الرمزية لهذه الكأس الافريقية لم تتوقف عند ربطها بالمائوية بل أن هيئة الفريق بقيادة حمدي المدب ألحّت إصرارا على أن تكون الزَّعامة القارية ب»هندسة» ترجية خَالصة وذلك من خلال المُراهنة على خدمات المدرب معين الشعباني المُتخرّج من مدرسة حسّان بلخوجة الذي أكد المشرفون عليه أن أفراد العائلة الترجية كالجسد الواحد وهو ما تجسّم من خلال الهبّة الجماعية الكبيرة لكافة الأحباء واللاّعبين والمسؤولين السابقين ليشهدوا لحظة التتويج باللّقب الأضخم والأهمّ في برّ افريقيا. وفي السياق نفسه بادر الرئيس حمدي المدب بإهداء التاج القاري للرئيس السابق للجمعية سليم شيبوب وقد جاءت هذه الصورة الرائعة لتؤكد أن الفريق فخور بحاضره المُزهر ووَفيٌّ أيضا لماضيه السّعيد. كأس المُفارقات يُمكن القول إن الكأس الافريقية التي تحصل عليها الترجي كانت حافلة بالمُفارقات والتناقضات. ذلك أن الجمعية لم تتصدر قائمة المرشحين لنيل اللقب الغالي بالنظر إلى الصّعوبات الفنية التي عاشها الفريق والتي جعلت عدة جهات تُشكك في قدرة شيخ الأندية على الذهاب بعيدا في رابطة الأبطال على عكس النسخة الفارطة عندما كان فريق البنزرتي من المرشحين بقوة لنيل اللّقب. وقد كذّب الفريق التكهّنات والتَخمينات وتربّع على عرش الكرة الافريقية رغم الهنات والتقلّبات التي عرفها خاصّة بعد «الانفصال» عن خالد بن يحيى في منتصف الطّريق ليعوّضه «تِلميذه» معين الشعباني الذي حقق الأماني الترجية رغم «ثورة الشك» التي رافقت هذه «المُجازفة» الخطيرة من قبل إدارة الجمعية. المُفارقة لا تَقتصر على حصول الترجي على رابطة الأبطال مع المساعد الذي تَحوّل «فجأة» إلى مدرب دون أن يملك الديبلومات الضرورية لمثل هذا المَنصب وإنّما تَكمن التَناقضات في عدّة معطيات أخرى منها صيام المهاجم الأول والأخطر للجمعية طه ياسين الخنيسي عن التهديف طيلة المُغامرة القارية. وقد وجد الفريق ضالته في روح المجموعة لتدور «مَاكينته» الهجومية بالسّرعة القُصوى ويحصد اللّقب ومعه الكثير من الاعجاب خاصّة بعد الأداء الباهر في اللّقاء الخِتامي ضدّ الأهلي حيث تحرّكت الأقدام الترجية في ثلاث مُناسبات بفضل «الهداف الجديد» أنيس البدري وصانع الألعاب سعد بقير الذي انفجر ابداعا أمام الفريق القاهري وخطف هدفين بعد أن كاد نَجمه يأفل وهذه مُفارقة أخرى تَنضاف إلى حُزمة التناقضات التي مَيّزت مسيرة النادي في رابطة الأبطال. جمهور استثنائي بَعيدا عن الشَعبوية يُمكن القول بصوت عال إن الجماهير الترجية كانت فعلا اللاّعب رقم واحد في النجاح القاري الذي عرفته الجمعية وقد كانت المُساندة الجماهيرية حَاسمة في المواجهات السّاخنة كتلك التي خَاضها الفريق ضدّ النجم الساحلي و»غرّة أوت» الأنغولي والأهلي المصري... الدّولة تَحتفي بالترجي تَتجاوز فرحة الكأس الافريقية أسوار الحديقة «ب» لتشمل كل أنحاء الجمهورية التونسية خاصة أن الأمر يتعلّق بإنجاز على الصعيد الدُولي. ومن هذا المنطق فإنه كان من الطبيعي أن تَحتفي الزعامات السياسية بهذا المكسب الكبير وبعد الوقفة الحازمة التي وجدها الترجي من طرف رئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل وأثناء «الفينال» بادر رئيس الدولة الباجي قائد السبسي أمس بإستقبال الأبطال في قصر قرطاج احتفاءً بهذا النّصر الرياضي البَاهر. هذا اللقاء لم يخل من الطرائف بما أن الدربالي مثلا اختار البقاء خارج القصر لأنه لم يحضر بالزي الرسمي هذا في الوقت الذي أصر فيه الجريدي على استفسار الرئيس عن فريقه المُفضّل وقد قال الباجي في هذا الصّدد إنه «أب» الجميع و»إلّي في القَلب في القلب». حفل الاستقبال كان بطله سعد بقير الذي سيطر على اهتمام الرئيس خاصة أنه صاحب هدفين غَاليين وحاسمين في «الفينال». «أنفانتينو» يُشيد أشاد رئيس «الفيفا» «جياني أنفانتينو» بنجاح «الفينال» القاري على المستويين الرياضي والجماهيري وقال «أنفانتينو» إن فوز الترجي كان مستحقا بالنظر إلى أدائه المُميّز ونجاعته الهجومية الكبيرة وقد حرص قائد الاتحاد الدولي للعبة على تهنئة نادي «باب سويقة» باللّهجة التونسية قائلا: «مبروك للترجي». مكاسب كبيرة بالتوازي مع معانقة المجد وهو لا يقدّر بثمن سيغنم الترجي الرياضي جملة من المكاسب المالية والدعائية. ذلك أن «الكَاف» سَتضخّ في حسابات شيخ الأندية ما لا يقلّ عن سبعة مليارات جزاءً له على نجاحه في ترويض «الأميرة» الافريقية بعد أن هَجرت ساحة «باب سويقة» لمدّة سبعة أعوام. واضافة إلى هذه «الغَنيمة» المالية سيشارك الفريق في مونديال الأندية الذي ستحضنه الامارات بين 12 و22 ديسمبر القادم وستكون الفرصة مُناسبة ليحقّق الفريق مكاسب رياضية ومادية جديدة خاصة إذا نجح في بلوغ المربع الذهبي بعد أن يُزيح المتأهل من لقاء العين الاماراتي و»تيم ويلينغتون» النيوزلندي.