صادق مجلس نوّاب الشعب مساء أول أمس على ميزانية وزارة الشؤون الثقافية لسنة 2019 مع زيادة طفيفة لم تتجاوز في مجملها 0,73 بالمائة لتكون بذلك اقل ميزانية تقريبا قياسا بميزانية الدولة وهو ما يؤكد احتقار الحكومة للثقافة التي كان يفترض ان تكون وزارة استراتيجية في مرحلة حاسمة من تاريخ تونس التي تواجه تحديات الارهاب والعنف وانتشار الجريمة والمخدرات والانقطاع المدرسي وهي «امراض» لا يمكن مواجهتها بغير الثقافة ونشر الموسيقى والمسرح والكتاب والفنون التشكيلية وغيرها من التعبيرات الفنية في مختلف انحاء البلاد وخاصة في المناطق التي تعاني من التهميش والفقر. ان ما تعانيه تونس من ظواهر الجريمة والتشدد الديني والعنف لم تولد صدفة بل كانت النتاج الطبيعي لفشل المنظومة التربوية والثقافية التي كانت في بداية الستينات وولادة مشروع الدولة الوطنية هي القاطرة التي تأسست عليها الدولة من خلال أجيال من محبي الفنون الذين تتلمذوا على حب المسرح والموسيقى والفن التشكيلي والادب وهو ما تفتقر اليه اليوم المنظومة الثقافية بسبب نقص الامكانيات وضعف البنية الاساسية. ان وزارة الثقافة تعاني من نقص الامكانيات ومن تراكم طلبات الفاعلين الثقافيين في قطاعي المكتبات ودور الثقافة وهما العامود الفقري للوزارة اضافة الى الوضعية المزرية التي تعاني منها دور الثقافة والمكتبات مثل غياب التدفئة والتبريد ودورات المياه وشبكة الانترنات وهي وسائل دنيا للعمل الثقافي الجدي والجاد وبميزانية الصفر فاصل ماذا يمكن ان يفعل الوزير واي وزير سيفشل في مهمته لان المال قوّام الاعمال. ان امراض تونس مستعصية ولا يمكن معالجتها في عام او عامين ولابد من استراتيجية تربوية ثقافية طويلة المدى تربط بين سن ما قبل الدراسة وصولا الى الجامعة تكون الثقافة بكل تجلياتها هي عامودها الفقري وهذا يحتاج الى تشريعات ثقافية وميزانية مريحة ومنح الوزير الوقت الكافي لانجاز مشروعه وبدون هذا ستبقى تونس رهينة شبابها الغارق في العنف والانحراف والتشدد الديني فكيف لوزارة بميزانية الصفر فاصل ان تنجز مشروعا استراتيجيا في مقاومة ثقافة التطرف والعنف والادمان ؟!