تتواصل أزمة نقص الحليب المدعّم والبيض غير المعلّب في السوق التونسية وسط تطمينات وزارة التجارة بتعديل السوق عبر ضخّ الكميات اللازمة من هذه المواد في الفترة القادمة. تونس(الشروق) لكن المواطن لا يطمئن كثيرا لهذه التصريحات لأنه يعلم مسبقا ان «اللوبيات» سرعان ما تسحب هذه الكميات من السوق قبل ان تصل الى قفته. ومازال المستهلك لا يجد جوابا لتساؤلاته حول اسباب وجود ازمات فقط في الحليب المدعّم مقابل تزويد السوق بصفة عادية بالحليب كامل الدسم والمخصص للريجيم باهظ الثمن وتواصل توفر كميات كبيرة من مادة الياغورت والاجبان فهل ان الابقار التونسية توقفت فقط عن انتاج الحليب نصف الدسم. وكذلك الامر بالنسبة الى البيض الذي يتواصل ترويج المعلّب منه باهظ الثمن وفقدان البيض السائب. منذ اشهر لا يجد المستهلك التونسي مستلزماته من الحليب في المساحات التجارية الكبرى أو لدى باعة التفصيل، وتوسعت الازمة لتشمل البيض والزبدة وغيرها من المنتوجات وما يرافق هذا النقص من تجاوزات على غرار البيع المشروط والترفيع غير القانوني في الاسعار في ظل تراجع المخزون الوطني من الحليب الى نحو 200مليون لتر وفق ما ذكره ل»الشروق» منور الصغيري مدير وحدة الانتاج الحيواني بالاتحاد التونسي للفلاحة والصيد البحري الذي اعتبر ان حجم انتاج الحليب تراجع ب15بالمائة بسبب نقص القطيع وارتفاع كلفة الانتاج بسبب ارتفاع سعر العلف واضاف ان انتاج الحليب يوزع الى قسطين الاول يقدر ب750مليون لتر سنويا للحليب نصف الدسم وقرابة 200مليون لتر لمشتقات الحليب وفي خصوص هذه المسالة سألناه لماذا لا يتم تقليص الكميات التي توجه لمشتقات الحليب وترفيع القسط الموجه للحليب نصف الدسم اثناء وجود ازمة حليب فأجاب بان النقص طال كلا المنتوجين لكن نظرا الى ضعف الاقبال على مشتقات الحليب غير المدعمة فإنها تبدو متواجدة في المحلات والفضاءات الكبرى. من جهتها ذكرت مصادر فضلت عدم ذكر اسمها ل»الشروق» ان هامش الربح في مشتقات الحليب اكبر من الحليب المدعم لذلك فان المصنعين يقبلون عليها ويعتبر جزء واسع من المستهلكين ان الازمة مفتعلة ويراد منها تعويد التونسي على استهلاك الحليب غير المدعم ومشتقاته. والملفت ان استيراد كميات من الحليب لم يحل الازمة رغم اعتراض الصناعيين والفلاحيين على هذه الخطوة واعتبارها خطيرة على تواصل واستمرارية منظومة الانتاج المحلي التي توفر الان 1 مليون و200 الف من الحليب يوميا، مسجلة تراجعا عن السنة الماضية التي شهدت انتاج ما بين 2 مليون لتر من الحليب واعتبر مدير دائرة الانتاج الحيواني باتحاد الفلاحين منور الصغيري، أنّ جهاز الانتاج اليوم تضرّر نتيجة تراجع القطيع وعدم تعويضه وتهريب الأبقار إلى الأقطار المجاورة وارتفاع كلفة الانتاج وعدم استجابة الحكومة لمطالب ومقترحات الفلاحين والصناعيين التي تشدد على ضرورة دعم منظومة الانتاج. من جهته اعتبر لطفي الرياحي رئيس منظمة ارشاد المستهلك غير الحكومية ان الازمة في خصوص نقص المنتوجات الغذائية منها الحليب والبيض تعود اساسا الى هيمنة لوبيات على السوق واعتبر ان المنظمة تدعم حق الفلاح في الحماية من الخسائر التي يتكبدها واعتبر ان المنتج والمستهلك خاسران مقابل ثراء لوبيات التهريب والاحتكار التي تتحكم في قوت التونسي وتصطنع ازمات في اوقات ذروة الاستهلاك على غرار ازمة البيض مع اقتراب راس السنة. وللتذكير فان كاتب الدولة للتجارة الداخلية سمير بشوال كان قد صرّح ل»الشروق» أنّ أزمة الحليب والبيض والزبدة ستنتهي قريبا. خاصة وانه في ما يتعلق بمادتي الحليب والزبدة فان الضغط سيتقلص مع اقتراب فترة وفرة إنتاج الألبان لكن المستهلك ينتظر حلولا هيكلية في خصوص قوته لا ترتبط بوفرة انتاج بل باستراتيجيا وحوكمة تقيه تقلب العرض والطلب ومزاج السماسرة والمهربين. كما انه في حاجة الى منظمات قوية تدافع عن حقوقه وتكشف التلاعب بقوته اليومي.