من «مؤتمر أصدقاء سوريا» المشؤوم والذي فتح أبواب الجحيم على سوريا الحبيبة شعبا ودورا وتاريخا وموطنا للعروبة وللعزة إلى هبوط أول طائرة سورية يوم أمس بمطار المنستير الدولي حاملة وفدا من 150 شخصا تكون جسور المحبّة التي قطعتها أيادي الحقد والتآمر قد انتصبت مجددا لتعيد أواصر الإخاء بين شعبين وبلدين تحابّا وتآلفا والتقيا وتعاونا على مدى تاريخهما الطويل.. لقد كان ذلك المؤتمر المشؤوم الذي هرول إليه رئيس الصدفة منصف المرزوقي بداية رحلة تيه طويلة لديبلوماسيتنا التي لم تكن يوما من مريدي ولا أتباع المواقف المتطرفة وسياسات المحاور ولعبة نهش الدم العربي.. حيث أسس ذلك المؤتمر لمؤامرة خبيثة ودنيئة صبّت حمم الجحيم على سوريا وأسهمت في موكب التقتيل والتدمير والتخريب الذي أطلقه دعاة «الفوضى الخلاقة» والمهندسون لما سمي «الشرق الأوسط الجديد» الذي تقوم لبنته الأولى على تدمير سوريا العروبة جيشا وقيادة وشعبا لإخضاعها إلى مشرط التقسيم حتى تواصل كرة النار الصهيو أمريكية تدحرجها باتجاه عواصم وساحات عربية أخرى. لكن صمود الرجال وبطولات الجيش العربي السوري وتماسك الشعب السوري قد أسقط المؤامرة نهائيا وأرسل كل عرّابيها إلى ادغال التاريخ.. معلنا انتصار سوريا العروبة وعودتها إلى حضن أمتها ومعلنا عودة سوريا رافعة راية الصمود والمقاومة إلى محيطها الطبيعي وإلى دورها الطبيعي.. فإذا بالأحداث السعيدة تتوالى في اتجاه تكريس هذه العودة وفتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات العربية العربية. وقد كانت زيارة الرئيس السوداني لدمشق في طليعة هذه الأحداث المدوية قبل أن تعلن دولة الامارات العربية المتحدة إعادة العلاقات الديبلوماسية مع دمشق وتتوالى مواقف الدول العربية العازمة على إعادة العلاقات مع سوريا. أين تونس وديبلوماسيتها من هذه الديناميكية الجديدة؟ الجواب رسمه أمس الاستقبال الحاشد الذي لقيه أشقاؤنا عند هبوطهم في مطار المنستير.. استقبال اختزل مشاعر الحبّ والتبجيل التي تحظى بها سوريا وشعب سوريا لدى الأطياف الأوسع من الشعب التونسي. هذا الشعب العربي الأصيل الذي عبّر في كل المناسبات عن نبضه العربي الأصيل والذي اعتبر على الدوام أن خطوة منصف المرزوقي بقطع العلاقات ما هي إلا قوس سيغلق ليعود الودّ وتعود العلاقات مثلما كانت وأكثر. وللتاريخ فإن إعادة العلاقات مع سوريا كانت وعدا انتخابيا للرئيس الباجي قائد السبسي.. وهو وعد ظلت ديبلوماسيتنا تعمل، بدأب وبعيدا عن الأضواء والضجيج لتأمين ظروف تحقيقه.. والآن وفي ظل الديناميكية الجديدة التي تشهدها العلاقات العربية مع سوريا ومع استعداد بلادنا لاحتضان القمة العربية بعد أشهر معدودة وهي التي كانت على الدوام بيت كل العرب فإن التحرك نحو إعادة العلاقات ودفن خطوة المرزوقي المتهورة يصبح مطلبا شعبيا عبّر عنه مزاج التونسيين أمس في مطار المنستير.. ويعبّر عنه عقل ووجدان كل تونسي أصيل وشريف.