بالتوازي مع مشروع مختصر موسوعة الإسلام يعد معهد تونس للترجمة لمشروع كبير لترجمة موسوعات وأعمال أدبية تونسية الى لغات أجنبية. تونس - الشروق يعيش معهد تونس للترجمة منذ ثلاث سنوات حركيّة كبيرة سواء في مستوى الترجمة من العربية وإليها أو في مستوى عقود الترجمة مع مؤسسات عالمية أو في مستوى اللقاءات الفكرية والأدبية حول محور الترجمة . الشروق إلتقت مدير المعهد الدكتور توفيق العلوي في هذا الحوار . ما الجديد في برمجة الأدب التونسي؟ لقد لاحظنا أنّ عدد الأعمال الإبداعية في الأدب التونسي في مختلف الأجناس لا يمثّل تقريبا إلاّ خمس الكتب المترجمة (حوالي 23 عملا) إلى لغات أخرى، وهو عدد قليل نسعى إلى تطويره، ونشير هنا كذلك إلى أنّ الأعمال المترجمة من اللغات الأخرى إلى العربيّة تفوق الثلثين في حين لا يتجاوز ترجمة الثقافة التونسيّة إلى لغات أخرى أقلّ من الثلث، وهو أمر حاولنا تداركه تعريفا بالثقافة التونسيّة في اللغات الأخرى، فقد برمج المعهد في الأسبوع السابق 45 عملا إبداعيّا تونسيّا (رواية، مجموعة قصصيّة، مجموعة شعريّة) ستترجم إلى لغات أخرى، وستنشر بين سنتي 2019 و2020. وتشمل هذه العناوين أعمال عدة شعراء وقاصّين وروائيين من مختلف الأجيال، وسيكون ضمن هذه الأعمال ترجمة أعمال لبعض المبدعين الشبّان تعريفا بكتاباتهم في ثقافات أخرى. إلى أين وصل الإعداد لموسوعة Universalis ؟ لقد أنهينا الإجراءات القانونيّة والماليّة في وقت قياسيّ، ووزّعنا المقالات، التي تعدّ حوالي سبعة آلاف صفحة، على المترجمين بطريقة منهجيّة تؤمّن الاختصاص، وقد بدأ تعريب المقالات بصفة نهائيّة في مختلف العلوم والآداب، لقد اخترنا اثنين وثمانين مترجما حسب الإجراءات القانونيّة، ونأمل أن تنتهي الترجمة والمراجعة في ظرف سنة لننتقل بعدئذ لمرحلة التصحيح اللغويّ والنشر. وتكمن قيمة مقالات هذه الموسوعة في اتّساع شريحة قرّائها، فهي ليست موجّهة إلى شريحة ضيّقة، أو نخبة مختصّين في مجال محدود، وفي هذا إشارة إلى أنّ معهد تونس للترجمة في محاولة لوصول ترجماته إلى مختلف المستويات العلميّة والمجالات الثقافيّة المتعدّدة المتنوّعة. ويأتي هذا المشروع الكبير تحقيقا لأحد الأهداف المتّفق عليها مع وزارة الشؤون الثقافيّة ضمن عقد الأهداف المبرم معها (20182020)، وتجسيدا للإشعاع الدوليّ المنشود. كثر الحديث عن مختصر موسوعة الإسلام، وذكر البعض أنّك قبرت المشروع ؟ لا أجيب عمّن يصنع الإشاعات، ولا فائدة كذلك في العودة إلى البداية المتعثّرة لانطلاق هذا المشروع، إذ نحن في اللمسات الأخيرة لإنهاء ترجمة هذا المختصر بمختلف مراحله، زد على هذا فالمعهد يشهد يومين دراسيّين (الإثنين والثلاثاء 1819 مارس 2019) للتثبّت العلمي ووضع أهمّ اللمسات الأخير. وللعلم، فإنّ مؤسّسة «بريل» بهولندا (صاحبة حقوق موسوعة الإسلام) فاتحتنا في مشروع جديد لترجمة أجزاء من هذه الموسوعة، وذلك لما لاحظت من حرص على إتمام الترجمة الحاليّة على أحسن وجه، وفي المستوى العلميّ المطلوب، وسنعرض قريبا فكرة المشروع الجديد على هياكل المعهد لتدارسه. والجديد كذلك أنّ معهد تونس للترجمة أبرم اتفاقيّة جديدة مع مؤسسة بريل تعفيه من حمل ماليّ ثقيل في النشر والطبع والتوزيع، وتؤسّس شراكة خلاصتها تحمّل المعهد المسؤوليّة العلميّة، وتكفّل هذه المؤسّسة بالتكاليف الماليّة في الطبع والتوزيع والشحن مع فوائد ماليّة، لصالح المعهد، محترمة جدّا في النشر الورقيّ والإلكترونيّ، إضافة إلى تأمين توسيع دائرة التوزيع في مختلف البلدان باعتبار أنّ هذا المختصر سينشر في هولندا. يرى البعض أنّ معهد تونس للترجمة معهد للنخبة والمختصّين ؟ في الحقيقة نحن نعمل على تعديل هذه الصورة التي التصقت بالمعهد من سنين، بدليل ما نخطّط له انطلاقا من الأنشطة الثقافيّة، فمحاور هذه الأنشطة هي منطلقات للحوار الذي يمكن أن يؤسّس لتصوّرات تعدّل من البرامج والتصوّرات، إذ لنا مثلا جلسات حواريّة حول ترجمة أدب الطفل، وترجمة النصوص الفلسفيّة الموجّهة إلى الأطفال، وغير هذا ممّا يجعل معهد الترجمة منفتحا على مختلف المجالات العلميّة والثقافيّة. تونس عاصمة للثقافة الإسلاميّة عن العالم العربي، ما مساهمة معهد تونس للترجمة ؟ من عادة معهد تونس للترجمة المساهمة في كلّ التظاهرات التنسيق مع سلطة الإشراف، وفي هذا الإطار، برمج المعهد أنشطة مختلفة متعدّدة ستكون تحت عنوان «تونس عاصمة للثقافة الإسلاميّة»، وسيكون دور الترجمات في نقل الثقافة الإسلاميّة إلى الثقافات الأخرى من محاور هذه الأنشطة إضافة إلى دعوة شخصيّات علميّة وثقافيّة بارزة على المستويين الوطني والدولي، زد على هذا تواصل الأنشطة الدوريّة في صلة بين الثقافة والترجمة، ومنها لقاءات «مترجم يروي تجربته في الترجمة»، تقديم كتاب مترجم»، واللقاء الرمضاني «سمّار الترجمة» إضافة إلى الندوة الدوليّة أواخر سبتمبر احتفاء للمرّة الثالثة باليوم العالمي للترجمة. ولا يفوتني في هذا الإطار أن نذكر تفاعل معهد تونس للترجمة مع الجمعيّات الثقافيّة ودور الثقافة في تونس العاصمة أو داخل الجمهوريّة، إضافة إلى حضور المعهد في التظاهرات الثقافيّة الدوريّة مثل معرض تونس الدولي للكتاب، وأيّام قرطاج الشعريّة. والغاية من كلّ هذا محاولة معهد تونس للترجمة المساهمة في الحياة الثقافيّة في تونس والعمل على الإشعاع الدوليّ في تنسيق مع وزارة الشؤون الثقافيّة وأقطاب مدينة الثقافة في مختلف التظاهرات والمناسبات الدوليّة، ومنها أسبوع الثقافة العربيّة بهذه المدينة. ما حقيقة الإجراءات المتّخذة من معهد تونس للترجمة في اختيار المترجمين والنشر المشترك؟ معهد تونس للترجمة ساع إلى تطبيق الإجراءات والقوانين، فالأصل في الأشياء هذه الإجراءات التي رغم متاعبها وتعدّد مراحلها، ساهمت في تعديل المسار الإداريّ، وأسّست لتقاليد جديدة، وساعدت على انفتاح معهد تونس للترجمة على مؤّسسات النشر، وكفاءات في الترجمة لم تتعامل سابقا مع المعهد. وفي هذا الصدد نذكر ما أصبح للمعهد من مهتمّين ومتابعين لأنشطته وبرامجه. هل يعني كلّ هذا أنّ المعهد لا نقائص فيه؟ بالعكس، النقائص والصعوبات موجودة، فتعديل المسار يقتضي جهدا كبيرا، وعملا مستمرّا، والأهمّ من هذا وعينا بهذه الصعوبات والتفكير في كيفيّة تجاوزها، وإضافة إلى هذا نذكر أنّ طموحات معهد تونس للترجمة كبيرة جدّا، وبلوغ الغايات يقتضي منّا نقدا ذاتيّا مستمرّا، وبحثا لتحقيق الأهداف والمشاريع الكبرى، عدا هذا «فالزبد يذهب جفاء»، فنجاح المؤسسات يكون بالمحقّق من الأهداف دون أن ننسى ترتيب البيت الداخليّ على أرضيّة قانونيّة سليمة، وهذا وذاك من مطامح المعهد.