عديدة هي القضايا التي لازال يلفها الغموض كملف القناصة وقضيتي الشهيدين والعمليات الارهابية المشبوهة، تسعى بعض الاطراف الى تعمد اخفاء الحقيقة عن الشعب التونسي... تونس (الشروق) تعيش تونس منذ يوم امس على وقع احياء اليوم العالمي للحق في معرفة لحقيقة وهويوم اقرته منظمة الاممالمتحدة للكشف عن انتهاكات حقوق الانسان وتصفية المعارضين السياسيين ومصارحة الشعوب بالحقيقة بخصوص الملفات التي تتعمد الدول اخفاء تفاصيلها عن شعوبها. وفي تونس ومنذ استقلال البلاد الى حد اليوم بقيت عديد القضايا غامضة ولازال يلفها الغموض رغم تمسك الشعب التونسي بحقه في معرفة ما حصل بالضبط. الى ذلك لازالت قضية اغتيال الراحل صالح بن يوسف في مدينة فرنكفورت بألمانيا يوم 12 أوت 1961 من الطلاسم الغامضة والمبهمة في تاريخ الدولة التونسية. في ذات السياق تتنزل قضية محاكمات 1963 لقادة بما يعرف بالمحاولة الانقلابية لسنة 1962 اذ تجهل عائلات من تم اعدامهم في تلك الفترة اماكن دفنهم الى اليوم. وللتذكير قضت المحكمة العسكرية يوم 17 جانفي 1963 بإعدام كل عبد العزيز العكرمي والشيخ أحمد الرحموني والحبيب حنيني والهادي القفصي والأزهر الشرايطي وعمر البنبلي وصالح حشاني ومحمّد بركية ومحمّد قيزة والمنصف الماطري وعبد الصادق بن سعيد والمسطاري بن سعيد الذي هرب إلى الجزائر على ان الزعيم الحبيب بورقيبة كان قد مكن البعض منهم من عفورئاسي بالحط من عقوبة الاعدام الى الاشغال الشاقة المؤبدة. وعلى سبيل المثال، ظل قبر المناضل لزهر الشرايطي مجهولا رغم مطالبة العائلة بالكشف عن مكان دفنه بعد اعدامه. من أبو جهاد الى جريدة «الشروق» تواصل مسلسل القضايا الغامضة بعد وصول بن علي الى الحكم في السابع من نوفمبر 1987. وعلى الرغم من ان حاكم البلاد الجديد يعد من اهم الكوادر الاستخباراتية التونسية الا ان الثغرات الامنية التي رافقت عديد العمليات العسكرية والارهابية التي استهدفت شخصيات سياسية تونسية واجنبية ومؤسسات اعلامية تطرح اكثر من سؤال في علاقة بإمكانية تورط النظام السابق. ففي 16 أفريل 1988، « هاجم كوموندوس إسرائيلي بقيادة إيهود باراك منزل القيادي الفلسطيني البارز خليل الوزير الملقّب ب"أبوجهاد" أحد مؤسسي حركة فتح في ضاحية سيدي بوسعيد، وانسحبت من المكان دون أن تتصدّى لها قوات الأمن التونسية .وفي 27 فيفري 1991، جدت حادثة اغتيال السكريتير الأول للسفارة الهولندية بتونس روبرت فان اكرمان، من قبل عناصر من جنسيات عربية في سيدي بوسعيد، على بعد 50 مترا من بيت القيادي الفلسطيني أبوجهاد، الأمر الذي فضح الثغرات الأمنية الفادحة التي كانت تعاني منها البلاد. وفي يوم 20 مارس 1991وتزامنا مع عيد الاستقلال وبعد أقلّ من شهر من حادث اغتيال الدبلوماسي الهولاندي، وقع اقتحام مقر مطبعة دار الأنوار من قبل 5 أشخاص اعتدوا على حارسيها وأضرموا النار في المكان. وقد وصفت الصحيفة العملية ب"الإرهابية"، وأرجعتها إلى موقف "الشروق" الداعم للعراق في حرب الخليج في مواجهة التحالف الدولي بقيادة القوات الأمريكية. وظلت هذه الجريمة غامضة لم يكشف عن مرتكبيها إلى اليوم. وفي 11 فيفري 1995وفي شهر رمضان جدّ ما يعرف بعملية "سندس" ضد مركز متقدم لحرس الحدود، التي نفذتها الجماعة الاسلامية المسلحة الجزائرية في جهة تمغزة بعد أن عبرت الحدود وقتلت سبعة من أعوان الحرس الوطني، وهم منصور جاء بالله من ولاية القصرين والصحبي نصّر ومحمد بن احمد من ولاية وقبلي وبلقاسم بوشناق من ولاية تطاوين وأحمد فيرسي من ولاية صفاقس وابراهيم الدغشي من ولاية قابس ومحمد العليوي من معتمدية جرجيس ونجا من هذه الحادثة الارهابية العون محمد الصّيّاري. وحمّلت سلطة الاشراف آنذاك الشهداء مسؤولية الفشل في التصدي للإرهاب، وفق ما جاء في الدراسة المذكورة .وفي عام 2000، نفذت الجماعة الجزائرية نفسها هجوما آخر في مدينة القصرين ما اثار الريبة والشك بخصوص تورط قيادات امنية في العمليتين بسبب خلافات جوهرية بين الاجنحة المتصارعة داخل النظام نفسه. وفي شتاء 2006/2007، حصلت مواجهة مسلحة بين مجموعة «أسد بن الفرات» التابع للجماعة السلفية للدعوة والقتال في ضاحية حمام الأنف ببن عروس وفي جهة سليمان جنوب العاصمة. وفي منطلقها، أرادت الحكومة التعتيم على الواقعة وتقديمها على أنها قضية مخدرات». القناصة والشهيدين مع توالي السنوات، بهت بريق قضية القناصة التي شغلت الراي العام في تونس غداة سقوط النظام السابق. ورغم ان كل التقارير الامنية والطبية اثبتت ان شهداء الثورة التونسية قد تم قنصهم الا ان الدولة تعمدت تمييع ملف القناصة واعتبرت وجودهم من صنع خيال الراي العام الشعبي. وفي تصريح له لقناة المانية قال ايامها رئيس لجنة تقصي الحقائق الاستاذ توفيق بودربالة أن « وزارة الداخلية التونسية رفضت التعاون مع لجنته وامتنعت عن تسليمها قائمة بأسماء أعوان الأمن الذين جندتهم الوزارة لقمع الاحتجاجات الشعبية التي سبقت الإطاحة ببن علي. بودربالة قال كذلك ان « لجنته استمعت إلى أقوال معتقلين من بين كبار المعاونين الأمنيين السابقين للرئيس المخلوع، مضيفاً أن هؤلاء نفوا جميعاً وجود جهاز قناصة في وزارة الداخلية أوتجنيد قناصة خلال الثورة». الا ان بودربالة لفت الانتباه إلى أن « تحريات اللّجنة أظهرت أن العديد من الضحايا تم قتلهم أوإصابتهم من قبل عناصر تتمتع بقدرة عالية على إطلاق النار عن بعد، مما يؤكد أن عمليات قنص قد تمت». وتبقى قضية اغتيال الشهيدين شكري بلعيد ومحمد لبراهمي من النقاط السوداء في تاريخ الدولة ما بعد الثورة. فرغم المطالبة الشعبية بالكشف عن الحقيقة الا ان هذين الملفين لازالا يراوحان مكانهما بل وتحولا الى ما يشبه معركة لي ذراع بين القضاء والمحاماة والاحزاب السياسية المعنية بهذه القضية.