تشق رسالة الاسلام طريقها في مناخات صعبة ومعادية ويتعرض رسول الله وصحبه لأشد أنواع الحصار والتنكيل والتضييق. لقد كره عتاة الكفر والشرك في قريش أن يظهر نور الاسلام في تلك الربوع وأن يتم الله نوره لينطلق بدعوة التوحيد إلى الافاق الرحبة الفسيحة في مشارق الأرض ومغاربها... ويظهر أصحاب رسول الله وعلي بن أبي طالب في مقدمتهم تصميما منقطع النظير على التمسك برسالة الايمان وعلى نصرة رسول الله رغم كل شيء. وفي ظروف الرعب تلك التي فرضتها قريش بالخصوص على المستضعفين من أتباع رسول الله يحاول نبي الله (صلعم) أن يخفف الحمل على أصحابه فيأمر بعضهم بالهجرة إلى بلاد الحبشة، بلاد النجاشي ذلك الملك المؤمن الذي لا يظلم لديه المؤمنون والذي اتخذ موقفا تاريخيا بنصرة أتباع محمد ممن لجأوا إليه ورفض تسليمهم إلى قريش لتعذيبهم والانتقام منهم عساهم يثنونهم عن أتباع الدين الجديد. وسوف تظهر الأحداث فيما بعد أن هجرة المسلمين إلى الحبشة كانت بمثابة التجربة لمبدإ الهجرة من مكة هربا ومن بطش قريش إلى مدينة أخرى يمكن أن تحتضن الرسول والدين الجديد وأتباعه وأن تنصره في انتظار تكاثر أتباع الرسول وتغيّر موازين القوى. وبالفعل فقد أذن المولى عز وجل لرسوله الكريم بالهجرة اتقاء لبطش وتعسف القبائل في قريش وتصميمها على محاربة دين الله وقطع الطريق أمام الرسول الأكرم. وتحدثنا كتب السيرة في هذا الباب أن رسول الله (صلعم) بدأ بالسماح لأتباعه بالهجرة إلى المدينةالمنورة بعد تجربتي هجرة أصحابه إلى الحبشة والتي كانت موفّقة وإلى الطائف والتي لاقى فيها المسلمون أصنافا من التعذيب والاستهزاء. وكان رسول الله يغتنم توافد القبائل العربية إلى مكة ويدعو كبارها إلى الدين الجديد فكان ان التقى ب 6 من كبار قبائل الخزرج بالمدينةالمنورة والذين لاقت الدعوة المحمدية هوى طيبا وقبولا حسنا في نفوسهم وهو ما جعلهم يواعدون الرسول على لقاء جديد بعد عام لمبايعته بعد أن يكونوا حدثوا أهلهم في أمر الدين الجديد وهو ما كان وسمي بيعة العقبة. واثر هذه البيعة الأولى أرسل الرسول مصعب بن عمير إلى المدينة ليعلم أهلها دينهم وفي العام الموالي عاد مصعب إلى مكة في موسم الحج ومعه 73 رجلا وامرأتان بايعوا الرسول. كل هذه الأحداث وعليّ شاهد عل العصر وعلى الأحداث ويجتهد مع صحابة الرسول في تهيئة المناخات الملائمة لنصرة الرسول ودعوته.. وقد كان لسيدنا علي دور محوري في هذه الهجرة سنتعرض له في الحلقة القادمة. فإلى حلقة أخرى