* الشروق تونس: أعلن ياسر بن خليفة عن سحب أكثر من 70 رخصة توزيع سجائر «قمرق» في نطاق مكافحة المضاربة في سوق السجائر. كما شدد في حوار مع «الشروق» على أن المراقبة الاقتصادية لا تستثني لا الكبار ولا الصغار بل تستهدف التجاوزات أينما وجدت مشيرا الى حرمان 100 بين مخابز وتجار جملة خلال الايام الأخيرة من التزود بالمواد المدعمة. كما أشار الى رفع قرابة 10 آلاف مخالفة اقتصادية منذ حلول شهر رمضان. * تفاقمت معاناة المستهلك في النصف الثاني من شهر رمضان جراء ظاهرة البيع المشروط في المقاهي الفاخرة والفضاءات الترفيهية التي تفاجئ روادها بأسعار خيالية لقاء بعض الخدمات الاضافية مثل التنشيط الموسيقي، بما يوحي وكأن هذه الفضاءات فوق القانون؟ لا أحد فوق القانون وجهاز المراقبة الاقتصادية اتخذ خلال شهر رمضان التدابير الضرورية لملاءمة نشاطه مع توسع الحركية التجارية في النهار والليل وتبعا لذلك نفذنا خلال المدة المنقضية من شهر رمضان قرابة ألفي عملية تفقد استهدفت المقاهي والفضاءات الترفيهية وأسفرت في تحرير أكثر من 600 محضر عدلي تتعلق بتجاوزات مختلفة من أهمها البيع المشروط والترفيع في الاسعار وعدم اشهار الأسعار. في السياق ذاته يطرح قصور العقوبات العدلية إزاء تفاقم مظاهر الغش وهو ما يفسّر ارتفاع نسبة العود الى المخالفات.. كيف تتعاطى وزارة التجارة مع هذه المفارقة؟ هناك توجه واضح لوزارة التجارة منذ اطلاق الحكومة للحملة الوطنية لمكافحة الاحتكار والتجارة الموازية في نوفمبر الفارط يرتكز على تشديد العقوبات الادارية وخاصة غلق المحلات المخالفة بالتوازي مع العقوبات العدلية وعلى سبيل المثال تم خلال المدة المنقضية من شهر رمضان استصدار أكثر من 40 قرار غلق بالتوازي مع المحاضر العدلية التي يناهز عددها 10 آلاف محضر تم تحريرها اثر تنفيذ أكثر من 70 ألف عملية تفقد.. علما أن نشاط المراقبة الاقتصادية استهدف كل أشكال الغش بما في ذلك التي تستهدف حصة المستهلك حيث تمت مصادرة نحو 25 طن من المنتوجات الغذائية المختلفة منهية الصلوحية. لكن غلاء أسعار المنتوجات الطازجة يعود بالاساس الى تغوّل المسالك الموازية وشبكة المخازن وخاصة العشوائية؟ وزارة التجارة تتعاطى مع ملف المضاربة بمنطق تجفيف المنابع وعلى هذا الاساس لا تستثني المراقبة اي حلقة من حلقات التوزيع بما في ذلك شبكة المخازن المنظمة والعشوائية التي نراقبها على مدار الساعة. كما كثفنا دوريات المراقبة على الطرقات بالتعاون مع الأمن والحرس الوطني لضرب المسالك الموازية التي تؤدي الى تراجع العرض في أسواق الجملة المنظمة ومن ثمة الى ارتفاع الأسعار... ونشاط هذه الدوريات المشتركة افضى خلال الفترة المنقضية من شهر رمضان الى حجز 41 طنا من الخضر والغلال تم توجيهها الى أسواق الجملة التي كانت بدورها محل مراقبة مكثفة . على ذكر المسالك الموازية يواجه المستهلك وخاصة شريحة الأطفال مخاطر صحية جسيمة خلال شهر رمضان جراء ظاهرة الفوشيك واللعب النارية المورّدة بشكل عشوائي هل اتخذتم التدابير الملائمة لدرء هذه المخاطر؟ اللعب الخطرة و«الفوشيك» كانت على امتداد شهر رمضان موضوع متابعة يومية من قبل الرقابة الاقتصادية سواء بإمكاناتها الذاتية او في نطاق فرق مشتركة مع الشرطة البلدية والأمن وجهاز الديوانة وهو ما أفضى الى مصادرة 5600 وحدة من الفوشيك وأكثر من 20 ألف لعبة خطرة تم ضبطها في مخازن عشوائية خاصة في قلب مدينة تونس علما أن هذه الحصيلة تنضاف الى الدوريات اليومية التي ينفذها جهاز الحرس الديواني في نطاق مكافحة التهريب علما أن الظاهرة ترجعت بشكل ملحوظ هذا العام. نأتي الآن الى معضلة الدعم حيث شهدت البلاد في الأعوام الأخيرة نزيفا حادا في أموال الدعم بعدة أشكال منها التهريب والاستغلال غير المشروع للمواد المدعمة في عدة فضاءات .. وهو ما جعل من هذه المواد مصدر إثراء فاحش على حساب الطبقات الضعيفة التي تواجه صعوبات جسيمة للحصول على الزيت المدعم على سبيل المثال؟ في مرحلة ما وتبعا لموجات الانفلات التي عرفتها البلاد منذ 2011 عرفت منظومة الدعم كما ذكرت نزيفا حادا لكن منذ عامين على الاقل هناك منحى تراجع واضح لكل ممارسات التلاعب بأموال الدعم لا يعود فحسب الى تكثيف المراقبة في مسالك التوزيع وإنما الى اللجوء الآلي لوقف حصة الدعم او مراجعة تصنيف المخابز كلما تم رفع مخالفة وعلى سبيل المثال شهدت المدة المنقضية من شهر رمضان حرمان 43 مخبزة من التزود بالفرينة المدعمة وحرمان 25 تاجر جملة من التزود بالسكر و32 تاجر جملة آخر من التزود بالزيت النباتي كما عرفت الفترة ذاتها مصادرة 60 ألف لتر من الزيت المدعم و150 طنا من المواد الغذائية المدعمة وأساسا السكر والفرينة. لكن هناك من يعتبر أن المراقبة تستهدف الصغار وتستثني المنابع الكبرى وخاصة المطاحن ووحدات تعليب الزيت المدعم؟ المراقبة الاقتصادية لا تستثني أحدا فنحن نستهدف التجاوزات اينما وجدت ومن هذا المنطلق قررت وزارة التجارة مؤخرا غلق وحدتين لتعليب الزيت المدعم بعد ثبوت تورطهما في ترويج الزيت المدعم خارج المسالك المنظمة باستعمال فواتير وهمية. في نفس الاطار يعاب على جهاز المراقبة الاقتصادية التركيز على المخابز المنظمة مقابل عدم اتخاذ قرار حاسم بشأن ألف مخبزة عشوائية تستهلك الفرينة المدعمة بأشكال ملتوية والفرينة نصف المدعمة لإنتاج المرطبات او الخبز الصغير الذي لا يتعدى وزنه في عدة حالات ربع الوزن القانوني .. هل ان هذه المخابز فوق القانون؟ بالنسبة الى الاستعمال غير المشروع للفرينة المدعمة فإن المراقبة لا تستثني أي طرف بما في ذلك المخابز العشوائية اما بخصوص الملف برمته فينبغي الاشارة الى أن هذا الصنف من المخابز هو أحد مكوّنات انتظام التزويد بمادة الخبز ... ومن ثمة فإن اي توجه لتنظيمها سواء بالغلق او العزل بين انتاج الخبز والمواد الأخرى يجب ألا يكون على حساب وفرة هذه المادة الحساسة.. كما ينبغي الاقرار في المقابل بحاجة المخابز المنظمة الى ملائمة بنيتها الاساسية وتوقيت نشاطها مع تغير العادات الاستهلاكية فالناس يقصدون المخابز العشوائية للحصول على الخبز ساخنا في كل وقت وهذا لا يتوفر في المخابز المنظمة.. هذه هي أركان المعادلة التي تشتغل عليها وزارة التجارة في تعاطيها مع ملف المخابز برمتها.. علما أن اي تلاعب بالفرينة المدعمة يبقى من المحرّمات سواء في المخابز المنظمة او العشوائية. من جهة أخرى يطرح تفاقم المضاربة في سوق السجائر المحلية حيث لم يعد هناك اي احترام للتسعيرة القانونية حتى في المحلات الحاصلة على رخصة توزيع «قمرق» .. متى ستتوقف هذه الفوضى؟ هناك تعاون وثيق في هذا الاطار بين جهاز المراقبة والسلط الجهوية ووكالة التبغ والوقيد.. يهدف الى تجفيف منابع المضاربة في سوق السجائر خاصة من خلال حذف كل رخص التوزيع التي يتورط أصحابها في عمليات مضاربة عبر ترويج حصة السجائر في السوق السوداء او الذين لا يمتلكون محلات أصلا ويعمدون الى التفويت في الحصة المضمنة في رخصة التوزيع لفائدة شبكات المضاربة.. وعلى سبيل المثال عرفت ولاية العاصمة لوحدها خلال العام المنقضي حذف أكثر من 70 رخصة توزيع بالتوازي مع مصادرة أكثر من 140 ألف علبة سجائر كانت موضوع مضاربة او دخلت عبر مسالك التهريب.. في المقابل يجب الإقرار بأن منظومة توزيع السجائر في حاجة الى إصلاح لغلق عديد الثغرات القائمة.