على أرض السويس التي قاومت الآلة الصهيونية وشاركت في إسقاط الدكتاتورية، يفتتح المنتخب الوطني اليوم مُغامرته الإفريقية بمواجهة «ملغومة» أمام أنغولا المُستعمرة البرتغالية القديمة والتي عرفناها من خلال تألقها اللاّفت في كرة السلة وأيضا عبر نجومها في كرة القدم مثل «فلافيو» و»جيلبرتو» و»مانوتشو». ويحلم المنتخب بتحقيق انطلاقة مثالية تُؤكد أن أبناء «جيراس» لم يقصدوا مصر من أجل السياحة واستكشاف «مُعجزة» الأهرامات وإنّما في سبيل مُطاردة اللّقب الذي لم نقبض عليه إلاّ في مناسبة يتيمة. وهذا قليل على فريق يُشارك بإنتظام في الكؤوس الإفريقية ومرّت عليه العديد من الأجيال الموهوبة بداية بالشتالي والشايبي وُصولا إلى الواعر وبيّة ومن بعدهما المساكني والخزري... ويتسلّح منتخبنا بتقاليده الكبيرة في ال»كَان» ليصطاد «الغِزلان» الأنغولية ويُثبت أنه في أتمّ الجَاهزية للمُراهنة على الزعامة الإفريقية وهي ليست بالمُستحيلة على أبنائنا رغم إلحاح «المُتكهنين» على وضعنا في ذيل المُرشحين لنيل اللّقب. ولاشك في أن «جيراس» الذي شاب رأسه في افريقيا أكثر العارفين بأن هذه الترشيحات مجرّد تخمينات ولا نحسبها تُحبط عزائم أبطالنا للمراهنة على اللّقب الذي أثبت التاريخ أنه يعشق «المكافحين» بدليل ما فعله الزمبيون في دورة 2012 أوأيضا ما أنجزته «نسورنا» في «كَان» 1996 على أرض جنوب افريقيا وفي حَضرة «نيلسون مانديلا». ويملك منتخبنا كلّ المؤهلات ليضرب بقوّة في الملاعب المصرية ويُنافس على العرش الإفريقي. وبالتوازي مع خبرات «جيراس» الذي جاب الغابونومالي والسينغال اكتسب فريقنا تجارب كبيرة في الكأس الإفريقية التي لم يتغيّب عنها علمنا منذ دورة 1994. ولا جدال أيضا حول الامكانات الفنية العَريضة للجيل الحالي والذي كان قد أظهر مستويات طيّبة في «كَان» 2017 فضلا عن نجاحه في إعادة تونس إلى دائرة العالمية بعد انتظار طويل وصبر كبير (من 2006 إلى 2018). وقد نفتقد إلى «سُوبر ستار» بحجم صلاح و»ماني» ومحرز لكنّنا نملك سلاحا أنجع وهو روح المجموعة التي أثبتت مرارا وتكرارا أنها أقوى من النُجومية بدليل تفوّقنا في الدورات السابقة من ال»كان» على منتخبات مُدجّجة بأكبر وأشهر ال»كَوارجية» ونستحضر على سبيل الذّكر لا الحَصر الجزائر والمغرب والسّينغال ونيجيريا... عُنصر آخر قد يخدمنا في «كَان» مصر وهو الدّعم الجماهيري الكبير الذي سيجده ال»نُسور» سواء من قبل الأحباء القادمين من تونس إعلاءً لراية البلاد في قلب السويس أوأيضا من طرف أشقائنا المصريين المُتعاطفين مع فريقنا انتصارا لعُروبتهم ومن أجل عُيون بعض نجومنا خاصّة منهم الفرجاني ساسي المُتألق مع الزمالك. وبالعودة إلى لقاء أنغولا تؤكد جُلّ المعطيات أن مُنافسنا في المُتناول شرط اللّعب بروح «المُحاربين» وإعداد الخطّة المُلائمة لتجاوز هذا «الفخّ» الذي ستعقبه مُواجهتان «غامضتان» أمام مَالي وموريتانيا. ونتمتّع على الورق بأفضلية فنية على خصمنا الأنغولي لكن الميدان لا يعترف بمنطق الأٌقوى والأقدم وإنّما «يَنصر» الفريق الأكثر تركيزا وعطاءً ويقف بجانب الطرف الأٌقل أخطاءً. ولاشك في أن المفاجآت المُدوية في مُستهلّ ال»كَان» تُقيم الدليل القاطع على أنه لا «كَبير» في الكرة ومن الضروري أن نُحسن التعامل مع لقاء أنغولا تفاديا لكلّ السّيناريوهات السيئة وحتى تكون البدايات في مستوى الإنتظارات. ويمكن القول إن خصمنا الأنغولي من «الوزن المتوسّط» ولن تعوزنا الامكانات لهزمه بأقل المجهودات. لكن هذا الأمر رهن المردود الذي ستقدّمه عناصرنا دفاعا وهجوما فضلا عن الطريقة التي سيدير بها «جيراس» اللقاء بداية بإختيار التشكيلة الأساسية وُصولا إلى التغييرات التي سيقوم بها أثناء اللّعب. وستكون المسؤولية المُلقاة على اللاعبين ثقيلة خاصّة أن الجيل الحالي مرّ بجانب الحدث أثناء المونديال ما يضعه أمام حتمية التعويض من بوّابة الكأس الإفريقية. ومن جانبه يعرف «جيراس» أنه لا خيار عن التألق في ال»كَان» إيفاءً بتعهداته بعد أن قال إن سقف الطموحات غير محدود. ويدرك «جيراس» أيضا أن النجاح في كأس افريقيا هو السّبيل الوحيد ليؤكد أنه صاحب باع وذراع في المجال وليثبت صحّة خياراته التي أفرزت ضجّة كبيرة خاصة بعد إقصاء عدة أسماء وازنة مثل علي معلول التي تلقى صَدمتين: الأولى تكمن في تخلّفه عن ال»كان» والثانية تتمثّل في إكتفائه بالفرجة على هذه التظاهرة الضّخمة في قلب مصر وحيث يتواجد جمهور الأهلي الذي ينشط لفائدته معلول. خِتاما نقول إن الحلم يبدأ بخطوة ولاشك في أن خير ما نستهلّ به مشاركتنا الإفريقية فوزا كبيرا على أنغولا لنُنعش المعنويات ونستعيد ذكريات جيل 96 عندما كذّب فريق «كَاسبرجاك» التكهنات وردّد: «مَناش مروحين» إلى حين بلوغ ال»فينال» وسط تصفيق الجميع لذلك المنتخب الذي «وُلد» في «جوهانزبورغ».