تونس (الشروق) تتواجد حديقة بورقيبة بوسط مدينة قفصة على مستوى تقاطع شوارع الطيب المهيري والمنجي سليم والمسيلة وتفتح ومداخلها الخمسة على عديد الفضاءات التجاريّة والخدماتية وأيضا على مقاصد المدينة العتيقة والحديثة على حدّ السّواء. وتُكَنَّى هذه الحديقة الرّمز في حياة «القفاصة» منذ القدم ب»جردة بورقيبة» وتستمدّ هذه التسمية أساسا من تمثال الزعيم بورقيبة الذي توسط مساحتها لمدّة ربع قرن. هذا وبرغم التحوّلات العمرانيّة والمخططات المروريّة لمدينة قفصة حافظ هذا «المقام» على ديمومته بفضل تشبث المجتمع المدني برمزيته البيئيّة والاجتماعيّة خصوصا. هذا ولا زالت هذه الحديقة «علامة» متوارثة بين الأجيال المتعاقبة كمكان لمواعيد التلاقي لأبناء المدينة «الأمّ» وزوّارها وكذلك مقصد للترفيّة بداخلها أو على جوانب سياجها المحيط. وخلال فصل الصيف تتحوّل هذه الحديقة صباحا إلى مزار يومي يقصدونه المتقاعدون والناشطون المتواجدون في إجازاتهم الصيفيّة لمُمارسة هوايتهم كالألعاب الشعبيّة و قراءة الجرائد أوالحديث في الشأن العام و ذلك تحت ظلال الأشجار الوارفة. وفي المساء وهروبا من حرارة المنازل ورطوبتها تقبل العائلات على الحديقة للاستمتاع بالنسمات الصيفية من خلال الجلوس على المقاعد الجماعيّة أو بافتراش مساحات العشب صحبة الأطفال ومتابعة ممارستهم لطقوس ألعابهم هذا وعرفت الحديقة خلال السنة الأولى للثورة تسميّة جديدة باسم «حديقة الحريّة» تبعا لاحتضانها لكثير من المنابر السياسيّة والوقفات الاحتجاجيّة الاجتماعيّة إضافة إلى إقامة عديد التظاهرات الثقافيّة ذات العروض الفرجويّة المفتوحة والأنشطة الجمعياتيّة التي وجدت في الحديقة الفضاء الملائم للتواصل مع الجمهور. وبهذا تكون هذه الحديقة «المعمّرة» قد حافظت على نبضها المعهود واحتضانها لروّادها في علاقة حاضنة وذلك برغم عديد النقائص الصّارخة التي تمرّ على «بؤس» مناظرها التصحريّة تشكيلة المجلس البلدي في غدوّها ورواحها وبرغم نشأتهم متجمعين في وسط ومحيط ومداخل الحديقة.