مضامين الحوار الذي أجراه المترشح للدور الثاني للانتخابات الرئاسية قيس سيعد، على القناة الوطنية، حظيت بمتابعة شعبية هامة خاصة وأن قيس سعيد قليل الحضور إعلاميّا وبقيت ملامح أطروحاته الفكرية والسياسية والثقافية والاقتصادية... تونس الشروق: محل تساؤلات عدّة في الفترة الماضية، كما خضعت لتجاذبات وصراعات بين شقّين، الأول يُسلّم «بسلفية سعيّد ويُصنّفه في خانة الرجعية، والثاني يعتبره مُجدّدا للفكر السياسي وللطبقة السياسية عموما. ما قاله قيس سعيّد من أفكار ومشاريع برامج ومقاربات .. خضع لنقاشات كُبرى صلب الراي العام التونسي،سواء تعلّق الامر بالنّخبة السياسية والفكرية أو بعامة الشعب، لكن عموما يُمكن القول ان أغلب أطر النقاش أعادت تونس إلى مربّع صراع الأفكار سنة 2012، وأظهرت ان ما تم حسمه وتضمينه في الدستور، لم يكن محل توافق كبير، خاصة كل ما يتعلّق بالهوية وبالحقوق والحريات. لا يمكن فصل مضمون حوار قيس سعيّد عن أُطر عديدة أخرى تبدو في الظاهر،على هامش الموضوع، لكنها في الحقيقة مرتبطة جوهريّا به، خاصة منها أن هذا الحوار هو الأول على قناة تلفزية تونسية بعد اعلان نتائج الدور الأول للرئسيات، وفي هذا السياق يمكن ان نقول أن قيس سعيّد فضّل شاشات أخرى مثل «الجزيرة « و"فرونس 24 "..إضافة إلى العلاقة المتوتّرة بين قيس سعيّد وبعض مرتكزات الدولة الوطنية، والتي يتم توصيفها في غالب الأحيان بمُنجزات" الدولة البورقيبية ".. عناصر عديدة كانت مساهمة بشكل جذري في تحديد توجهات الناخب التونسي في الدور الثاني من الرئاسيات. الفصل بين الفضاء العام والخاص مستشارة رئيس الجمهورية،سعيدة قراش، انتقدت تفرقته بين الفضاء العام والخاص، وقالت قراش، «عندي سؤال للأستاذ قيس سعيد.. بمنطق التفرقة بين الفضاء العام المخصص للمواطنات والمواطنين وهم متساوون فيه بصفتهم تلك وفق رأيه، والفضاء الخاص أي الأسري والذي يصبح خارج سلطة القانون بل رهين سلطة لا أدري مصدرها ،بما ان القانون لا ينظم الا العلاقات في الفضاء العام.. هل بهذا المنطق يمكن مثلا تبرير العنف المسلط على النساء داخل الفضاء الأسري أو على الأطفال ايضا وداخل نفس الفضاء؟». وأضافت سعيدة قراش قائلة « العلاقة بين الفضاء الخاص والفضاء العام في مجال تدخل المشرّع نقاش تم خوضه وحسمه منذ زمن لصالح فكرة "المواطنة" داخل الدولة المدنية السيّد فيها هو القانون والمساواة فيه وأمامه، يعني حقوقا وواجبات، وانه لا فصل بين الفضاءات للتأسيس لتشريعات تنتهك الحقوق والحريات وتشرّع للعنف بأنواعه حتى الاقتصادي والاجتماعي ،الذي يتحمس سعيّد للدفاع عنه ويحاول صياغة برنامجه حوله». أحلام بعيدة عن الواقع أما الناشط السياسي محمد صافي الجلالي ، فقال تعليقا على الحوار الذي اجراه قيس سعيد "ما خرجت به من الحوار التلفزي، أولا ..الاعلامي المحاور للسيد قيس سعيد بعيد كل البعد عن قيمة الحوار حضورا واسئلة وطريقة تقديمه، يعني على المستوى الاتصالي لم يتجاوز الصفر. ثانيا قيس سعيد يبدو انسانا صادقا لا شك ولكن تتملكه أحلام بعيدة عن واقع ممارسة السلطة لرئيس جمهورية تونس ما بعد 2011 في ظل نظام سياسي هجين.. ثالثا انتظر ان يصطدم السيد قيس سعيد مع حركة النهضة لاحقا اذا ما فاز فالرجل صاحب فكر وموقف وبدا لي من خلال موقفه من سوريا انه لن يكون في صفحة العسل مع حركة النهضة وبعض غلاة التطرف من الثورجيين.» وأضاف محمد صافي الجلالي «لم يكن السيد قيس سعيد واضحا في علاقته ببعض الثورجيين المتطرفين يمينا والذين يساندونه ويتبنونه ويقفون الى جانبه بقوة ولم يكن حاسما في موقفه منهم ومن الارهاب بصفة عامة...ربما نقطة قوة الحوار هو شخصية قيس سعيد الذي يشبه التونسي العادي ونقطة ضعف الحوار هو الاعلامي المحاور الذي ظهر بأداء ضعيف ان لم اقل جد محتشم ولم يكن في مستوى انتظارات التونسيين من هذا الحوار.» صراع الثمانينات أما الأستاذ المختص في الاتصال صلاح الدين الدريدي، فعلّق على الحوار قائلا أكاد أجزم أن قيس سعيد، من رواسب الصراع الذي كان دائرا خلال ثمانينات القرن الماضي في كلية الحقوق الأم ،بين المستعربين والمتمغربين من بين الأساتذة والمدرسين». وأضاف صلاح الدين الدريدي قائلا «قيس سعيد، أو الجمع بين الجميع ..لتنفيذ برنامج الشعب تحت رقابة الشعب». أخطاء فادحة أما دكتور القانون الدستوري ،منذر الحامي، فردّ على ما جاء في حوار قيس سعيد بشكل قانوني قائلا « أولا: يقول الأستاذ المحترم ان القضاء المستقل أهم من الدستور استشهد ببريطانيا ايام الحرب عندما سأل رئيس الوزراء آنذاك عن القضاء ان كان بخير ولم يسأل عن الدستور ...هذا خطأ فادح؛ وأمر عادي ان لا يسال رئيس وزراء بريطانيا عن الدستور، لان بريطانيا العظمى ليست دستورا مكتوبا حتى يسال عنه الرئيس .» وأضاف منذر الحمامي ،"في علاقة بمسألة المساواة في الارث، عرج السيد قيس سعيد على مسألة الانفاق وربط الميراث بمسألة الانفاق، وقال حرفيا ان الانفاق هو من واجب الزوج لا غير وليس على الزوجة واجب الإنفاق.. وهذا غير صحيح بما أن الفصل 23 من مجلة الأحوال الشخصية بعد تنقيح 1993 ينص حرفيا: «وعلى الزوجة أن تساهم في الإنفاق على الأسرة إن كان لها مال». كما قال الحمامي «في حديثه عن المجلس الاعلى للقضاء، يتحدث الاستاذ قيس سعيد عن ضرورة ان يكون المجلس متكونا من 2/3 القضاة المباشرين وال 1/3 من القضاة المتقاعدين غير المباشرين لأي مهنة اخرى..هذا التحليل سطحي للغاية ومعزول عن كل التشريعات المقارنة، التي تقول انه لضمان استقلالية القضاء يجب ان يكون المجلس المشرف على القضاء مكونا من كل مكونات العائلة القضائية والقانونية: قضاة، محامين، عدول تنفيذ واشهاد واساتذة جامعيين. وحصر المجلس الاعلى للقضاء في القضاة فقط هو خطوة للوراء وتكريس لدكتاتورية القضاة لا لاستقلالية القضاء وتحليل معزول عن واقع التجارب المقارنة الناجحة.» وختم الحمامي تعليقه على ما جاء في حوار قيس سعيد قائلا «هذه الاخطاء مقبولة من مترشح اخر لكن لا تغتفر في حق استاذ جامعي مساعد مختص في القانون». قيس سعيد والعريضة الشعبية أما العضو السابق في الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ،سامي بن سلامة، فعلّق على مضمون حوار قيس سعيد بالقول « برنامج قيس سعيد يشبه برنامج العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية في انتخابات 2011...ماذا فعلت العريضة ؟..جماعتها وبالاعتماد على بعض عُمد التجمع السابق كانوا يتجولون في الأسواق الأسبوعية وفي مناطق التجمعات السكنية خاصة في الأرياف والمناطق الشعبية ويجمعون الناس ثم يسألونهم عن مطالبهم لصياغة عريضة . الناس أعجبوا بهذه الفكرة وبدؤوا يقدمون الأفكار، لكن عند توقيعهم يطلبون منهم دينارا او إثنين، وهي مصاريف العريضة». أضاف سامي بن سلامة « يوم الانتخابات خرجت الناس تدافع عن المشروع الذي دفع من أجله المال والجهد،وتابعوا تفاصيله على قناة المستقلة ..وتمكنت العريضة من الفوز بعدد كبير من الأصوات..العريضة فشلت في المجلس التأسيسي ولم تحقق شيئا لان كل الوعود كانت كاذبة وغير قابلة للتحقيق..». كما أضاف سامي بن سلامة «قيس سعيد يقترح حلولا يدرك بوصفه أستاذ قانون دستوري أنها مستحيلة التطبيق ،الا اذا كان له اغلبية الثلثين في البرلمان وهو يفتقر الى هذه الأغلبية زد على هذا هو يذكر جيدا أن اغلب ما يقوله كلام في الهواء وبالرغم من ذلك يصر عليه». واعتبر بن سلامة أن مصير قيس سعيد مثل مصير العريضة الشعبية تماما، لانه لم يقنع ولم يقدم خطاب شخص يمكن ان يكون رئيس جمهورية . رياض بن فضل سياسة قيس سعيد الاتصالية مُعبّرة... «وقفتلنا مخاخنا» قال القيادي في حزب المسار رياض بن فضل "أنّه منبهر بالسياسة الاتصالية للمرشح الرئاسي قيس سعيد". واضاف رياض بن فضل "قيس سعيد والمحيطون به عرفوا كيف يستغلون وسائل التواصل الاجتماعي لصالحهم متابعا "سعيد لديه قدرة على الاستقطاب واستغلال غضب الشباب من منظومة الحكم الكلاسيكية. وتابع رياض بن فضل "حقيقة قدرة على الاتصال والتأثير روعة من قيس سعيد».