أينما وطأت أقدامك أرض تونس يفاجئك أحباء الافريقي بوفائهم وقصصهم الشبيهة بقصص الأساطير الأحباء الغاضبون والذين يتخبطون في بحار من اليأس يفرقون بين سخطهم على الهيئة وواجب انقاذ فريقهم وقد تواعدوا على ذلك. لأن الوفاء قد علمهم أن يضحوا بأكبر من طاقتهم حتى وان كان من يضحون لأجله قد خذلهم. أمس كانت هبّة الرجل الواحد حيث لا فرق بين فقير وغني.. رجل وامرأة وشيخ وشاب. في الأحياء والأزقة وعند «العطار» و«الخضار» والمقاهي لا حديث إلا عن المساهمة والقيام بالواجب. انقاذ الافريقي بالنسبة إلى هؤلاء لا يقل أهمية عن قوت أبنائهم بل هو أهم لأن هناك من اقتطعه من خبر أبنائه أو من «العظم» كما نقول ب«دراجتنا السمحة». الأرملة التي قضت سنوات طويلة تنتظر المساعدات هبت لنجدة الافريقي والطفل الذي يجمع «المصروف» من والديه وشقيقه الأكبر وعمه وخاله فاجأ الجميع بكسر «الحصالة» والاتجاه إلى البنك والأم الثكلى التي دفع ابنها حياته ثمنا لحب الافريقي (مثال والدة المرحوم عمر العبيدي) هبّت لنجدة الافريقي وساهمت في الانقاذ. كل هؤلاء والأمثلة أكثر من أن تحصى كانوا مخلصين لما هو في داخلهم وهم بالتأكيد يعرفون المثل القديم «شعب لا يعرف الوفاء.. لا يعرف التقدم». أحباء الافريقي تواعدوا أن يكون يوم الاربعاء يوما تاريخيا وكان فعلا كذلك إذ جمعوا حوالي 255 مليونا في يوم واحد إذ كان الرصيد بالحساب البنكي الذي تشرف عليه الجامعة أمس صباحا في حدود 148 ألف دينار بعد سحب ال 20 ألف يورو لفائدة العملة الجزائري وتجاوز مساء 403 ألف دينار وهو مبلغ مرشح للارتفاع بالتأكيد لأن الاقبال كان خرافيا إلى حدود الساعات الأخيرة من مساء الأمس.