نابل : حجز أكثر من 70 طنا من البطاطا بمسالك التوزيع غير القانونية    سبيطلة: أمطار غزيرة مصحوبة بالبرد تتسبب في أضرار فلاحية متفاوتة    مهرجان نابل الدولي 2025... تكرار بلا روح والتجديد غائب.    رسمي: ناجح الفرجاني يُوقّع للنجم الساحلي... بداية جديدة مع ''ليتوال''    هل سيتواصل انخفاض درجات الحرارة ؟ اكتشف التفاصيل    المرأة التونسية: الأولى في العالم في دراسة العلوم! شنوّة السر؟    التوانسة حايرين والتجار زادا مترددين على الصولد السنة!    عاجل: ''تيك توك'' تحذف أكثر من 16.5 مليون فيديو ودول عربية في الصدارة    الحماية المدنية : 488 تدخلا منها 105 لإطفاء الحرائق خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    عاجل: بلاغ ناري من باردو بعد السوبر...كفى من المهازل التحكيمية    عاجل - يهم التونسيين : ارتفاع في تكلفة العمرة خلال موسم 2025-2026    ماء في الكميونة يعني تسمم وأمراض خطيرة؟ رّد بالك تشرب منو!    يا مزيّن من برّا.. آش أحوالك من داخل؟ بين القناع والواقع، قصة كل واحد فينا    في بالك ...الكمون دواء لبرشا أمرض ؟    صادم : كعبة ''غلاس '' = 8 طوابع سكر؟... خبيرة تغذية تكشف    عاجل/ الإعلان عن موعد انطلاق "أسطول الصمود" من تونس باتجاه غزة..    والد ضحية حفل محمد رمضان يكشف حقيقة "التعويض المالي"..    جلسة عامة خارقة للعادة لجمعية شبكة أطفال الارض يوم 13 اوت الجاري    نواب ديمقراطيون يحثون ترامب على الاعتراف بدولة فلسطين..#خبر_عاجل    سليانة: رفع إجمالي 275 مخالفة اقتصادية خلال شهر جويلية    النجم التونسي "أحمد الجوادي" قصة نجاح ملهمة تشق طريق المجد    صيف 2025 السياحي: موسم دون التوقعات رغم الآمال الكبيرة    الألعاب الأفريقية المدرسية: تونس في المرتبة الثالثة ب141 ميدالية    إنتقالات: الناخب الوطني السابق يخوض تجربة إحترافية جديدة    استشهاد 56 فلسطينيا برصاص الاحتلال خلال بحثهم عن الغذاء    اليوم.. البحر شديد الاضطراب والسباحة ممنوعة    بنزرت: وفاة 4 أشخاص غرقا في يوم واحد    القبض على "ليلى الشبح" في مصر: سيدة الذهب والدولارات في قلب العاصفة    الصين ترفض مطالبات واشنطن بعدم شراء النفط الروسي    خطير/ حجز 7 آلاف رأس خروف في محل عشوائي..وهذه التفاصيل..    "روبين بينيت" على ركح مهرجان الحمامات الدولي: موسيقى تتجاوز حدود الجغرافيا وتعانق الحرية    وزارة الأسرة تؤمن مواكبة 1200 من الأطفال فاقدي السند ومكفولي الوزارة للعرض التّرفيهي La Sur la route enchantée    عاجل/ شبهات تلاعب بالتوجيه الجامعي..تطورات جديدة..    البحر ما يرحمش: أغلب الغرقى الصيف هذا ماتوا في شواطئ خطيرة وغير محروسة    جريمة مروعة: امرأة تنهي حياة زوجها طعنا بالسكين..!!    خزندار: القبض على عنصر إجرامي خطير متورط في عمليات سطو وسرقة    محمد عادل الهنتاتي: مصب برج شاكير كارثة بيئية... والحل في تثمين النفايات وتطوير المعالجة الثلاثية    إصابة عضلية تبعد ميسي عن الملاعب ومدة غيابه غير محددة    عاجل: الكاف يرفع جوائز الشان ل10 ملايين دولار وفما فرصة للتوانسة!    عاجل/ خلال 24 ساعة: استشهاد 5 فلسطينين جراء الجوع وسوء التغذية..    جريمة مروعة تهز دمشق: مقتل فنانة مشهورة داخل منزلها الراقي    تأجيل محاكمة طفل يدرس بالمعهد النموذجي بعد استقطابه من تنظيم إرهابي عبر مواقع التواصل    ديوان التونسيين بالخارج ينظم الخميس 7 اوت الندوة الاقليمية الثالثة لاصيلي ولايات ولايات القصرين و سليانة القيروان و سوسة والمنستير و المهدية    تحذير طبي هام: 3 عناصر سامة في بيت نومك تهدد صحتك!    عرض "خمسون عاما من الحب" للفنانة الفرنسية "شانتال غويا" في مهرجان قرطاج الدولي    سخانة تهبط شوية... أما الريح تزيد! هذا هو طقس نهار الإثنين    شبهة تلاعب بالتوجيه الجامعي: النيابة العمومية تتعهد بالملف والفرقة المركزية للعوينة تتولى التحقيق    وزير السياحة يعاين جهود دعم النظافة بجزيرة جربة ويتفقد موقعا مبرمجا لاقامة مدينة سياحية ببن قردان    من بينها السبانخ.. 5 أطعمة قد تغنيك عن الفيتامينات..تعرف عليها..    أيام قرطاج السينمائية تكرّم الراحل زياد الرّحباني في دورتها المقبلة    اعلام من باجة...سيدي بوسعيد الباجي    تاريخ الخيانات السياسية (35): المنتصر يقتل والده المتوكّل    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي    منظمة الصحة العالمية تدعو إلى إدماج الرضاعة الطبيعية ضمن الاستراتيجيات الصحية الوطنية وإلى حظر بدائل حليب الأم    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    صابر الرباعي على ركح مهرجان الحمامات الدولي: عرض يراوح بين القديم والجديد ويستجيب لانتظارات الجمهور    ما ثماش كسوف اليوم : تفاصيل تكشفها الناسا متفوتهاش !    شائعات ''الكسوف الكلي'' اليوم.. الحقيقة اللي لازم تعرفها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مدن ولا سراويل لكلثوم عياشية (3/3) ...شكلا وأسلوبا
نشر في الشروق يوم 24 - 10 - 2019

وتتعدد مواطن الأسلوب الساخر المثير للضحك والدهشة ويقوى بذلك الرابط بينك وبين النص حتى تغدو أسيرا له تطلب ما فيه رواء لك ويطلب ما فيك اهتماما لا يخبو ولا يفتر ... وتغدو الرواية أغنية عذبة تطربك فلا تنفك عنها الا لتعود اليها من جديد بحماس اكبر وتركيز أقوى وأجدى ...
و ليس أسلوب الضحك بغريب عن الأدب العربيّ ولا بالدخيل اذ عرفناه في اثار ضاربة في القدم ولعل ابرزها ما جاء في رسالة الغفران للمعري من وصف ساخر للعوالم الغيبية أو ما جاء في مقامات الهمذاني من نقد اجتماعي ساخر ...
واذا ما اعتبرنا الضحك _كما ذكرت مرة في احدى خواطري_
«تعبير عجز عن وصفه الكلام فتجلى بطريقة مختلفة» فانّ الأسلوب المضحك الذي يقوم على السخرية يعتبر فنا قائم الذات لا بدّ لصاحبه أن يمتلك روح الدعابة حتى يتقنه ويحسن استخدامه فيما يكتب . فالاضحاك تكون غايته عامّة تنفير القارئ من الوقوع في موقف مشابه حتى لا يكون موضع سخرية ...
و لعل أبرز العبارات المثيرة للضحك والتي استعملتها الكاتبة بكثافة على لسان الساردة الراغبة أبدا في الزواج دون جدوى هي « تلك البويضات المهدورة بلا تلقيح» فقد أفرطت «منية الشقرى» في اقحام العبارة تلك في كل حديث عن حرمانها من «بوسروال» الذي طال حتى غدا الحديث عن تلك البوضات المهدورة بمثابة الترجيعة في الأنشودة أو الزجل الذي تضطلع المجموعة الصوتية بتكراره في كل مقطع وكلما سكت المطرب .
كنت في الأول أستغرب التعبير ثم ألفته ولما كانت الساردة تتقن اختيار المواضع له وجدتني أقهقه كلما اعترضني فاقرأ وأعيد القراءة بحثا عن راحة في الضحك ...
أشرت في أول هذا العنصر الى أن اللغة تأرجحت بين ما هو متين وما هو صادم ... وأشرت في الأول الى انّ الصدمة متأتّية من غرابة لغة بعض الشخصيات المتحدثة باللهجة التونسية الدارجة مشتملة على بعض العبارات النابية فضلا عن بعض الأدعية التي تعودناها من امهاتنا وجداتنا عند الغضب ... وقلتُ بأن استعمال العاميّة على ألسنة تلك الشخصيات كان وظيفيا بل واجبا وحتميا ... فقد أعطى للرواية مسحة ضافية من الواقعية أوحى بها وأقنع، رغم اشارة الكاتبة في صدارة عملها أنه بعيد عن الواقع غير ماتّ له بصلة .
أما الصادم الثاني في أسلوب الرواية فهو ما جاء فيها من مشاعر غريبة وأحداث أغرب كتلك الابنة التي تتحدث عن كراهيّتها لأمها مؤكدة للقارئ تلك الكراهية في أربع مناسبات في أقلّ من نصف صفحة ... ليأتي هذا التصريح الجريء صادما للقارئ الذي لم يكن بعد قد خبر السبب وطبيعة العلاقة التي تربط الساردة منية بأمها ...
وليس هذا المضمون فقط هو الصادم في الرواية بل هناك ما هو اكثر صدمة ...
هناك ما يجعلك تقرأ فتنصدم الى أن ترمي الكتاب من بين يديك بعيدا وتبقى فاغرا فاك لزمن ليس بالقصير.....
ثم تقوم تلتقطه ... لتعيد القراءة علّك كنت أخطأت الفهم في الأولى ... فيخيب ظنك وتبين لك الحقيقة عارية أمام عينيك دون محسّنات ...
هذا ما وقع لي وانا أكتشف نية شخصية الأخ «حميّد» وهو يحاول الاعتداء على أخته في غير رحمة ولا حياء ... فتكون الصدمة الأقسى من اللغة في المضمون ...
شخصيّة «حميّد» بوسروال الذي بالغت الأم في تدليله والدفاع عنه الى أن تمادى في تجاوزاته حتى راح يعبث بكل القيم الانسانيّة فضلا عن قيم الرجولة التي تقتضي من الأخ حماية الأخت والحفاظ على سمعتها.
شخصية غريبة تطرح من خلالها الساردة مسألة التديّن الزائف من ناحية والبطالة من ناحية أخرى وتعاطي المسكرات من ناحية ثالثة لتجعل من «حميّدها» على حد تعبير الاخت منيه شخصية معقدة بملامح شيطان ... فتحقق بذلك الساردة غايتها من اعتماد الصادم لغة ومضمونا وتُلقي بما يخامرها وبما تنوء تحت ثقله فتتعرّى الحقائق ويسقط أقرب بوسروال من عالمها . فينجلي بذلك ،سبب كراهيّتها لأمها التي أمضت العمر تحذرها من بوسروال في الخارج والحال أنها بنفسها خلقته لها في الداخل لتعيش مهددة وفي خوف يطال الداخل والخارج ...
هي روايتنا تلك صوّرتها لنا ساردتنا كما اشتهت فجاءت شخصياتها غريبة غرابة أحداثها الصّادمة لنا صدمةَ لغتها وتعابيرها


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.