4 أيام فقط تفصل البرلمان عن الموعد الدستوري للمصادقة على قانون المالية 2020، لكن بأي برلمان ستتم المصادقة عليه تزامنا مع ما يحصل تحت قبة مجلس نواب الشعب منذ مطلع الأسبوع الجاري من تعطيلات وعراك؟ تونس (الشروق) أصبح السؤال المطروح بإلحاح هذه الأيام متعلقا بقرب موعد 10 ديسمبر (الثلاثاء القادم) الذي نص عليه الفصل 66 من الدستور كأجل أقصى للمصادقة على قانون المالية وما يمثله ذلك من مخاوف من إمكانية عدم قدرة المجلس على ذلك في الاجل المحدّد. فالتعطيل المُتواصل لأشغال المجلس بسبب اعتصام نواب كتلة الدستوري الحر وحالة الاحتقان السائدة داخله نتيجة تواصل تهجم بعض النواب على بعضهم البعض وتدني لغة الحوار المتبادل بينهم وعدم وجود حل في الأفق تجاه ما يحصل، كلها مؤشرات توحي بالخطر حول مستقبل عمل المجلس عموما وحول المصادقة على قانون المالية وميزانية الدولة للعام المقبل في الأجل الدستوري.. وكان عدد من النواب قد طالبوا من رئيس البرلمان التدخل لوضع حد لما يجري وتطبيق القانون. ولم تعلق رئاسة المجلس إلى حد الآن على الموضوع وهو ما يزيد من حدة المخاوف والمخاطر حول المصادقة على قانون المالية وميزانية 2020 في أجل أقصاه الثلاثاء المقبل 10 ديسمبر. محاولات بلا جدوى حاول رئيس المجلس راشد الغنوشي مساء أول أمس الاربعاء حلّ المشكل القائم بين كتلتي النهضة والدستوري الحر ب«الحسنى» وبالحوار، واستدعى لمكتبه كل من عبير موسي وجميلة الكسيكسي في محاولة لإقامة الصلح بينهما وبين الكتلتين، لكن موسي رفضت الحضور مقابل قبول الكسيكسي بذلك. كما ذكر النائب حسونة الناصفي ل«الشروق» إنه حاول وبعض زملائه النواب أيضا إيجاد مخرج للازمة عبر الحوار مع الكتلتين ومع رئيسيهما وخاصة مع عبير موسي وجميلة الكسيكسي لكنهم عجزوا عن ذلك مع تمسّك عبير موسي بإصدار بيان اعتذار من حركة النهضة او من كتلتها وتمسّك الطرف المقابل بعدم اصدار هذا البيان إلا بعد ان تعتذر عبير موسي بدورها، وهو ما جعل الموضوع يدور وسط حلقة مفرغة على حد تعبيره.. وعبر الناصفي عن مخاوفه من أن يتواصل الامر على هذا النحو من التعنّت وهو ما يهدد بتعطيل عمل المجلس خاصة مع اقتراب أجل المصادقة على قانون المالية قائلا أن الامر تحوّل إلى «تلاعب» بمصير البلاد ككل وهو أمر مخيف للغاية في رأيه.. وقال إن الحل بالنسبة لهذه الوضعية لا يمكن أن يكون بغير الحوار والتوافقات وتقديم تنازلات من كل الأطراف. مكتب المجلس يتحرّك أفاد المكلف بالاعلام بالبرلمان حسان الفطحلي أن مكتب مجلس نواب الشعب ندد أمس بما وصفه «التجاوزات» الحاصلة منذ انطلاق الخلاف يوم 3 ديسمبر 2019 مهما كان مأتاها وبتعطّل أعمال المجلس وتعطيل انطلاق أشغال مكتبه، «في وضع دقيق مع ضغط الآجال الدستورية للمصادقة على مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2020 وذلك في أجل 10 ديسمبر 2019». كما استعرض مساعي رئاسة المجلس، بهدف تكريس احترام النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف وضمان مناخ من الإحترام المتبادل. ودعا مكتب المجلس رؤساء الكتل للإجتماع، بهدف النظر في سبل عودة العمل بشكل طبيعي، في كنف الإحترام المتبادل والإلتزام المشترك بأحكام النظام الداخلي لمجلس نواب الشعب، وذلك لتفادي تعطيل التزامات الدولة وخدمة مصالح المواطنين. كما تداول المكتب في روزنامة مناقشة مشروع قانون المالية وميزانية الدولة لسنة 2020 مع إقرار بقاء اجتماعه في حالة انعقاد. الحلّ الأقصى في صورة تواصل الامر على هذا النحو إلى ما بعد 10 ديسمبر وعدم التوصّل إلى حلول ترضي الجميع، ماذا سيحصل بعد ذلك؟ فالفصل 66 من الدستور لم يقدم حلّا بديلا في صورة عجز المجلس عن المصادقة على قانون المالية والميزانية في الأجل المحدّد. لكنه تحدث في ما بعد عن أجل 31 ديسمبر كحدّ أقصى للمصادقة ولختم رئيس الجمهورية، لكن ذلك بالنسبة لفرضيات أخرى (ردّ مشروع القانون من قبل رئيس الجمهورية إلى المجلس لقراءة ثانية - الطعن في دستورية مشروع قانون المالية أمام المحكمة الدستورية). ويرى مختصون أنه يمكن الاجتهاد في تطبيق هذا الأجل (31 ديسمبر) بالنسبة للوضعية الحالية التي يمر بها المجلس وهي تعطيل أشغاله بسبب اعتصام نواب الدستوري الحر والخلاف القائم بين بعض الكتل والنواب. وللإشارة فإنه في صورة عدم مصادقة المجلس على هذا القانون وختمه من قبل رئيس الجمهورية في أجل 31 ديسمبر يقع المرور إلى إجراءات أخرى لتنفيذ الميزانية. حيث ينص الفصل 66 على أنه في هذه الحالة « ..يمكن تنفيذ المشروع في ما يتعلق بالنفقات بأقساط ذات 3 أشهر قابلة للتجديد بمقتضى أمر رئاسي وتُستخلص الموارد طبقا للقوانين الجاري بها العمل».