يبدو أننا فقدنا البوصلة ولم نعد نعلم إلى أي مرفإ ومرسى نريد أن نشد القلاع ..لم نعد نعلم أين نحن في هذا الكون الفسيح بين اتجاهات أربعة لنختار منها الصحيح ..ونصارع أمواج الجائحة بسفينتنا مستفيدين من الريح. قرارات متأخرة ، غير متناسقة ، ضبابية ومبهمة ..فاتجاه بوصلة صحة المواطن وحياته ضاعت بين القرارات السياسية.. والبوصلة الوحيدة الموجودة اليوم يا سادتي ، هي بوصلة المناصب واغتنام فرص الصلاحيات الوهمية ..بوصلة الكراسي بلا أرجل .. والجالس على كراس بلا أرجل يسقط .. لماذا نستغرب ضبابية القرارات الوقائية الصحية ونظامنا الانتخابي ذاته تائه وأعرج ، بل ونظامنا السياسي هجين مبهم ، وبرلماننا كسوق عكاظ سلع الصائحين فيه الفاسدة لا تكسد ،..الأغلبية تحكم ولا تحكم ..والرؤوس الثلاثة من أجل الصلاحيات تتناطح ، وعلى خشبة حلبة الصراع ضاعت القرارات والصلاحيات أمام جمهور يصفق ولا يعلم لمن يصفق.. تداخلت السلطات المفقودة أصلا، وضاعت بين القوانين والأوامر والمناشير ولم نعد نعرف إلى أي وجهة نسير ..أصبحنا بلا بوصلة " وانهارت قراراتنا ورؤانا وتوجهاتنا ، بل ومؤسساتنا وإداراتنا بين الحاجب والمدير ، أصبحنا نتخبط بين جدران الفراغ لا نعرف ماذا نريد ولا كيف نريد وهل سنفعل ما نريد ..ببساطة لقد فقدنا جزءا من الإدارة والإرادة ؟ .. فقدنا جميع البوصلات ، ومزقنا كل السلطات بين المركزي واللامركزي..فلا سلطة للوالي على رئيس البلدية ، ولا سلطة لرئيس البلدية على الشرطة البلدية ، ولا سلطة للمعتمد على الإدارات المحلية ، ولا سلطة للمجلس البلدي على المواطن في مجالس مفككة ممزقة تحكمها الحسابات السياسوية ..لقد تشابكت وتضاربت السلطات . حتى أفكارنا باتت بلا بوصلة ، وتحولت إلى شطحات " عقل "تحركها المصالح ..ضعنا وتهنا لأننا ألقينا ببوصلتنا في أعماق البحار ..رمينا بها لأن ملاحينا ببساطة لا يريدون بوصلة تسير بنا إلى الاتجاه الصحيح فقط يرقصون مع اتجاهات الريح في قراراتهم الصحية والتربوية وتوجهاتهم في النقل وغيرها من المسائل الحيوية والحياتية .. فقدنا البوصلة وبلغة العصر أضعنا "الجي بي آس" فتداخلت عندنا الجهات الأربع ..فلا مشرق لدينا ولا مغرب ..ولا شمال ولا جنوب ..فهل نحن فعلا في تونس نتصفح تاريخ 3 آلاف عام كما يزعمون ؟، أم في جزيرة جرداء بلا ماء وهواء كل ما هو موجود فيها صوت ينادي من بعيد ليقول الألوان تغيرت.. الطبيعة تغيرت والناس تغيرت ... نسير على ظهر سفينة نهاب خرقها ولكل راكب على ظهرها بوصلة..وبوصلة الفوضى تتحكم في المقود ..شباب تائه ..عائلات تتلوى جوعا ..رائحة الموت في كل زاوية ..وساسة يتخاصمون كالديكة على فتات حكم متساقط من الموائد الفاسدة..نحن الآن وهنا في أعماق البحار وبين العواصف الهوجاء بلا بوصلة .. راشد شعور