رضا الشكندالي: على تونس أن تتصرف بدبلوماسية ذكية توازن بين المبادئ الوطنية والمصالح الاقتصادية    رئيس الاستخبارات الخارجية الفرنسية: مصير المتبقي من اليورانيوم الإيراني العالي التخصيب لا يزال غامضا    موقع "واللاه" العبري: السعودية أفشلت مخطط تهجير الفلسطينيين من غزة.. ترامب يوقف المشروع    كرة القدم العالمية: على أي قنوات تُبث مباريات الأربعاء 9 جويلية ؟    الأولمبي الباجي : عجز مالي ب418 ألف دينار !!    موراج العقبة الرئيسة.. ترامب مارس ضغطا شديدا على نتنياهو لوقف اطلاق النار    العراق.. اشتباكات مسلحة عنيفة بين عشيرة كردية والبيشمركة في أربيل    أكلة من الجهات ...الشمال الغربي.. «الببوش» من موائد البسطاء.. إلى الفنادق والمطاعم الفخمة    السيلية يضم المهاجم يوسف سنانة لمدة موسم معارا من الشمال    بنزرت: وفاة شخصين داخل حفرة أثناء التنقيب عن الآثار    قصور الساف في صائفة 2025: «ركن الفنون».. مراوحة بين الإفادة والإمتاع    أولا وأخيرا ... بلاد العرب ليست أوطاني    في مهرجان «أم الزين» الجمالية...الفن الشعبي والراب... حاضران    الدورة 32 للمهرجان الوطني لمصيف الكتاب من 15 جويلية الى 15 أوت 2025    عادات وتقاليد..عاشوراء في سدادة بوهلال .. موروث حي تنقله الذاكرة الشعبية    وزارة التعليم العالي تعلن غدا عن نتائج الدخول لمراحل التكوين الهندسي..#خبر_عاجل    تونس – الطقس: عواصف رعدية في المرتفعات الغربية    طقس الليلة.. خلايا رعدية مصحوبة بأمطار بهذه المناطق    الذكرى السابعة لشهداء أبناء الحرس الوطني في حادثة الصرية غارالدماء    ملف التآمر على أمن الدولة 2: أحكام بالسجن تتراوح بين 12 و35 سنة... التفاصيل    القصرين: تراجع صابة التين الشوكي بسبب الحشرة القرمزية    عاجل/ لقاء مُرتقب بين الشّرع ونتنياهو وخطوات باتّجاه التطبيع    مأساة في مطار إيطالي.. محرك طائرة يبتلع رجلا أثناء الإقلاع    الشركة الجهوية للنقل بال&1704;صرين تشرع غدا الاربعاء في استغلال خط نقل بلدي جديد    بطولة العالم للكرة الطائرة للفتيات تحت 19 عاما - مقابلات ترتيبية - تونس - بورتو ريكو 1-3    النادي الصفاقسي يدخل في تربص تحضيري بعين دراهم الى غاية 15 جويلية الجاري    حملة مشتركة تونسية سعودية لزراعة 52 قوقعة لاطفال بعدد من المستشفيات    عاجل/ موعد الصولد الصيفي لهذا العام..    عاجل/ البرنامج الكامل للدورة 59 لمهرجان قرطاج..والفنانون المشاركون..    لطيفة وصوفية ...على ركح مهرجان قرطاج في عيد الجمهورية وعيد المرأة    وزارة التجارة تعلن عن هذه الإجراءات الهامّة.. #خبر_عاجل    ريجيم الكيتو وعلاقته بالصحة العقلية..علاج مكمل أم بديل فعّال؟    المنخفض الجوي يشتد غرب البحر المتوسط ومخاوف من الفيضانات    علاش الكليماتيزور في الكرهبة متاعك ما يبردش؟ أهم الأسباب والحلول    الكاف: تجميع أكثر من مليون و100 الف قنطار من الحبوب ودعوة إلى التسريع في اجلاء الصابة    بفضل شراكة تونسية سعودية.. 52 طفلاً يستعيدون نعمة السمع !    تونس: انخفاض في درجات الحرارة وتحذيرات من السباحة بداية من مساء اليوم    حادث مرور قاتل بهذه الطريق..وهذه حصيلة الضحايا..    انقلاب شاحنة محمّلة بالطماطم..#خبر_عاجل    مجسّم ''الباخرة الغارقة'' يُثير الجدل في منزل جميل... والبلدية تؤكّد انه جميل وناجح    الشبيبة القيروانية: تواصل التحضيرات .. ولاعب إيفواري تحت المجهر    رود بالك: زرّ صغير في'' كوموند الكليماتيزور'' ينجّم يكلّفك برشة فلوس في فاتورة الضوء!    الحماية المدنية: إطفاء 134 حريقا خلال ال 24 ساعة الماضية    الصباح ما يكمل كان بفنجان تاي ولا قهوة... أما شنوّة المفيد فيهم؟    علاش القطن ديما هو الحل في الصيف؟ اعرف السر!    سخانة الصيف ما عادش تعبك! 3''عصاير'' تردلك النشاط وتبردك على طول    تونس.. ثاني دولة إفريقية تُفرض عليها رسوم جمركية ترامب بعد هذه دولة    رسميا: النادي الإفريقي يكشف عن ثالث تعاقداته في المركاتو    عاجل/ منظمة إرشاد المستهلك تدعو لإيقاف فوري للشنقال والصابو المخالفة للقانون..    رئيس الجمهورية: وضع حد للفساد ودفع الاستثمار على رأس الأولويات..    عاجل/ بعد الاجراءات الاخيرة في "التوينسار": هذا أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزير النقل..    نتنياهو يعلن عن ترشيحه ترامب لجائزة نوبل للسلام    لماذا ألغيت مباراة تحديد المركز الثالث في كأس العالم للأندية 2025؟    بعد الرسامة الدنماركية.. فنان فرنسي يتهم الإعلامية المصرية مها الصغير بسرقة إحدى لوحاته    تاريخ الخيانات السياسية (8): الغدر بالحسين بن علي    شنية سرّ السخانة في جويلية.. بالرغم الي أحنا بعاد على الشمس؟    تاريخ الخيانات السياسية (7): ابن مُلجم و غدره بعلي بن أبي طالب    تذكير بقدرة الله على نصرة المظلومين: ما قصة يوم عاشوراء ولماذا يصومه المسلمون ؟!..    









مع الشروق ..ثروات مهدُورة... ودولة عاجزة!
نشر في الشروق يوم 01 - 09 - 2023

في تونس، لا يكاد يمرّ يوم واحد إلا ويقف فيه التونسيون على تلك المفارقة العجيبة والغريبة: ثروات طبيعية هامة قادرة على النهوض بالاقتصاد الوطني وعلى تحسين الوضع الاجتماعي والمعيشي للشعب، في مقدمتها ثروة الفسفاط وثروة الطاقة البديلة التي توفرها الشمس والرياح، وثروة مياه البحر التي يمكن تحليتها وغيرها من الثروات الأخرى في المجالين السياحي والفلاحي. غير ان هذه الثروات لا يقع استغلالها لتحسين الوضعين الاقتصادي والاجتماعي ويتم اهدارها بطريقة مثيرة للحيرة والظنون..
مُفارقة مؤلمة يتجرع التونسيون من ورائها يوميا مرارة وضع اقتصادي واجتماعي صعب ما كان له أن يحصل، لو عملت الدولة على الاستغلال الأمثل والحكيم لمختلف ثرواتها المتاحة، وتحلت بالجرأة والشجاعة والإرادة السياسية القوية – كما هو الحال في أغلب الدول- للضرب بقوة على أيدي كل من يعمد إلى تعطيل استغلال تلك الثروات من أجل مصالحه الخاصة والضيقة. غير أن ذلك لم يحصل إلى الآن رغم أن الأرقام والمؤشرات تؤكد حاجة البلاد الأكيدة لمضاعفة تثمين مختلف ثرواتها بشكل أفضل.
في تونس، بلد الشمس الساطعة على مدار العام والرياح القوية في أكثر من جهة ، "لا تخجل" الدولة من التذمر مطلع كل شهر من بلوغ عجز الميزان التجاري الطاقي أكثر من نصف العجز التجاري الجملي، ومن القول أن وارداتنا من الطاقة تستنزف الجانب الأكبر من الميزانية ومن رصيد العملة الأجنبية... والحال أن الثروات المهدورة من الشمس والرياح قادرة على توفير حاجياتنا وأكثر من الطاقة البديلة، لا سيما الكهرباء، لو كانت سياسة الدولة في هذا المجال حقيقية وواقعية وليس مجرد "هُراء" إعلامي ظل يتردد منذ تسعينات القرن الماضي الى اليوم..
وفي تونس بلد ال1300 كلم من الساحل البحري، "لا تخجل" الدولة من معاناة عديد مواطنيها على امتداد العام وخاصة خلال فصل الصيف من العطش، ولا تخجل من الاعتراف بالخطر الداهم على القطاع الفلاحي نتيجة شح مياه الري، والحال أن تقنية تحلية مياه البحر متاحة في العالم منذ أكثر من 20 عاما ويقع استغلالها في توفير المياه لمختلف الاستعمالات بما في ذلك الفلاحة، لكن يقع تجاهلها إلى الآن رغم الحاجة الشديدة إليها.
وفي تونس، لا تتردد الدولة في الإفصاح مطلع كل شهر عن "التعثر" المتواصل في قطاع الفسفاط والحال أن ثروتنا في هذا المجال قادرة على أن تكون قاطرة للاقتصاد برمته لو توفرت إرادة وجرأة وشجاعة لتثمين كل المناجم المتاحة كما ينبغي ولوضع حد للتعطيلات الغريبة وغير المقبولة التي تنخر القطاع إلى الآن. غير أن ذلك لم يحصل ليتواصل إلى اليوم إهدار هذه الثروة في وقت ارتفعت فيه أسعارها في السوق العالمية وازداد عليها الطلب وهو ما استغلته دول أخرى بقوة.
ولا يقتصر اهدار الثروات في تونس على هذه المجالات بل يمتد إلى أخرى بإمكانها النهوض بالاقتصاد الوطني لو يقع تثمينها على الوجه الأمثل.. فثروة الأراضي الفلاحية الخصبة القادرة على توفير الامن الغذائي للتونسيين مهدورة.. وثروة المكتسبات الطبيعية القادرة على تحويل بلادنا إلى أعلى المراتب في مجال الجذب السياحي غير مستغلة.. وهذا دون الحديث عن الثروة الأبرز في البلاد وهي الثروة البشرية التي يقع إهدارها هي الأخرى بغلق منافذ الاستثمار والمبادرة الخاصة امامها ودفعها لمغادرة البلاد..
لا يطالب التونسيون بحقهم في الحصول على نصيبهم مباشرة من هذه الثروات، فتلك أحلام ميؤوس منها، إنما يطالبون فقط بحق الاقتصاد الوطني في الاستفادة من تلك الثروات وبحق ميزانية الدولة في نيل عائداتها وبحق الميزان التجاري في أن تُخلّصه من عجزه الدائم والمتواصل.. فمن وراء كل ذلك يمكن أن ينالوا حقوقهم في وضع اجتماعي ومعيشي أفضل وفي خدمات ومرافق عمومية راقية وفي عيش كريم لا يُنغّصه تذمر الدولة المتواصل من العجز الطاقي الدائم ولا من الشحّ المائي الداهم ولا من عجز الميزانية المتواصل..
فاضل الطياشي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.