لم تلتزم الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي في جلستها أمس بجدول الأعمال المطروح واكتفى أعضاؤها بمناقشة مسائل جانبية وتأجيل الحسم في قانون الأحزاب والتصويت على قانون الجمعيات وقانون الصحافة إلى الجلسات المقبلة. أكد رئيس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة عياض بن عاشور أن وحدة الهيئة وصيانتها وحمايتها من التصدع والانقسام واجب مقدس وقال بن عاشور إنه سيكرس كل جهوده وقواه من أجل تحقيق هذا المبدإ وإنجاز هذا الواجب. وجدد بن عاشور تأكيده أن مساعيه جارية إلى إرجاع الغائبين إلىمقاعدهم في هذه الفترة الحساسة من تاريخ البلاد، مشيرا إلى أنه لا مفر من التوافق مهما كان الثمن. وأوضح رئيس الهيئة أن الوحدة التي يسعى إليها ليست الهيئة فحسب غايتها بل إن لها انعكاسا وتأثيرا على الرأي العام. وأضاف بن عاشور أن هناك اليوم بلبلة وحيرة وارتباكا في الرأي العام وان جانبا من هذا الارتباك سببه حالة التصدع في الهيئة. وأقرّ بن عاشور بارتكاب أخطاء داخل الهيئة وقال إنه لا يستحي حين يقر بهذه الأخطاء موضحا أن مساعي التوافق تجري في حدود ما ينص عليه المرسوم الذي أنشئت الهيئة بمقتضاه وبخصوص التعامل مع أحد مطالب حركة «النهضة» قبل العودة إلى مقاعد الهيئة قال بن عاشور إنه لا يمكنه ولا يملك القوة القانونية ولا السياسية للتمسك بمبدإ التوافق دون التصويت (كما تطالب بذلك النهضة) معتبرا أن ذلك مخالف لمرسوم انشاء الهيئة الذي ينص على اتخاذ القرارات بالتوافق فإن تعذر يتم المرور إلى التصويت. واعتبر بن عاشور أن مقترح اللجنة المكلفة بالنظر في التعديلات المقترحة على قانون الأحزاب (مقترح إنشاء صندوق لدعم الديمقراطية) مقترح ثوري وقال «عيب علينا اليوم أن نقوم بمقارنات وأن نتحدث عن الفساد بالمعنى القديم، فالعقليات تغيرت والشعب لم يعد يسمح بذلك. وأضاف أن المقترح فيه معنى عميق وهو أن يمول الحزب منافسه السياسي عبر مساهمته في صندوق دعم الديمقراطية. وتابع أن فكرة الصندوق محل مساندة وتوافق بين معظم الأعضاء وهذه مقترحات جديرة بالاهتمام والمتابعة وأطلب من اللجنة أن تقدم لنا مقترحا الأسبوع المقبل لحسم المسألة. واقترح بن عاشور أن تجري جلسة أسبوعية واحدة للهيئة (يوم الاربعاء أو الخميس)، خلال شهر رمضان مشيرا إلى أن عددا كبيرا من الأعضاء يشاطرونه هذا الرأي. وقال إن جدول أعمال الهيئة في جلساتها المقبلة سيتضمن مناقشة مشاريع قدمت منذ أسابيع وهي قانون الجمعيات والقانون المتعلق بوسائل الإعلام السمعية البصرية ومشروع قانون الصحافة. وعن مسألة الانتخابات والاستفسار حول ما يجري في صلب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشيرا إلى ضرورة تحديد موعد لاستدعاء رئيس هذه الهيئة كمال الجندوبي. وقد ردّ عضو الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة ومثل حركة الوطنيين الديمقراطيين بيرم العيفة على تصريحات بن عاشور بالقول إن الهيئة فقدت 99 ٪ من وزنها السياسي معتبرا أن العمل من أجل الوصول إلى موعد 23 أكتوبر بسلام يتطلب جدية مقترحا مواصلة الهيئة أنشطتها في رمضان بشكل عادي. واعتبر العيفة أن الهيئة ضربت عندما عجزت عن تمرير قرارات أتخذت بالأغلبية لأن أطرافا رفضت تلك القرارات متسائلا كيف يبطل رفض حزب أو ثلاثة أشخاص قرارا صوت عليه 130 عضوا فهذا يضعف الهيئة حسب قوله. وأضاف العيفة أن القشة التي ستقصم ظهر هذه الهيئة هي تأجيلها الحسم في قانون الأحزاب تحت ذريعة البحث عن التوافق وقدم ممثل الحزب الديمقراطي التقدمي ماهر حسين مداخلة علق عليها بن عاشور بالقول إنها تنم عن روح توافقية عالية حيث قال حسين إن المجتمع التونسي ينتظر التوافق وإن حزبه يشكر كل المساعي الرامية إلى إعادة المنسحبين مؤكدا أن عودة روح الوفاق داخل الهيئة ومع الأطراف المنسحبة أمر ضروري. وأوضح حسين أن فكرة انشاء صندوق دعم الديمقراطية جاءت في غياب التمويل العمومي وجاءت لتملأ فراغا في التشريع الأصلي ونحن مستعدون لتعميق هذه الفكرة. ودعا إلى ضرورة الوقوف عند دلالة هذه الفكرة وعمقها حيث أن الحزب السياسي الذي يسعى إلى توفير التمويل لذاته مستعد لتمويل التعددية وتمويل منافسيه.